لنكشف التجارة المستترة

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٥/يناير/٢٠٢١ ٠٩:٣٦ ص
لنكشف التجارة المستترة

مسقط - الشبيبة

بقلم : سمعان كرم

كلّنا يتأفف ويتذمر وينتقد ويرمي الاتهامات في كل الإتجاهات بما يتعلّق بالتجارة المستترة. وكأنها وباء أو جائحة أو مصيبة حلّت علينا من مكانٍ ما، لإثم لم نرتكبه، في الوقت الذي نعرف أنّها من صنع ايادينا. لم يأت بهؤلأ التجار المستترين عدوٌ لنا، ولا هم مندسّون بيننا لإضعاف اقتصادنا بل اتينا بهم نحن ولانزال نحن أيضاً من يستِّر عليهم.

صاحب المؤسسة حصَلَ على سجلٍ تجاري حسب القوانين المرعية ويكون قد انتسب إلى غرفة التجارة والصناعة، وحصَلَ على مأذونية عملٍ لوافدٍ حسب اجراءات وزارة العمل والهجرة والإقامة. فأين المشكلة إذاً من الناحية القانونية؟ يبدو للوهلة الأولى أن تلك المؤسسات تتقَيدُ بالقوانين. هذا صحيح إلى حدٍ ما. هي تتقيّد ببعض القوانين وتتغافل عن بعضها الآخر،خصوصاً عن اثنين: (i) عدم تقديم اية حسابات سنوية، مدققة من مكاتب معتمدة من الدولة وبالتالي تتهّرب من دفع الضريبة على الأرباح (ii) ليس لها ملفّ في الضمانات الإجتماعية أي لاتوظف حتى عمانياً واحداً. لاتدفع ضريبة على الربح ولاتوظف عمانيين. وبالتالي دعونا نعتمد تعريفاً للتجارة المستترة على الشكل التالي. الشركة أو المؤسسة التي لاتدفع ضريبة على الربح ولاتوظف عمانياً واحداً على الأقل تكون تتعاطى التجارة المستترة ويجب تصحيح وضعها وليس إقفالها.

عندنا اليوم حوالي 320,000 شركة مسجلة في السجّل التجاري وعندنا حوالي 50,000 مؤسسة صغيرة ومتوسطة مسجلة في ريادة. من الحاصلين على سجل تجاري هناك فقط حوالي 125,000 منتسبين للغرفة ومن هؤلأ هناك 17,000 فقط لهم ملفٌ في التأمينات الإجتماعية أي يوظفون عمانياً واحداً على الأقل أي فقط 5%. ولا نعلم كم هم الذين يدفعون ضريبة الارباح.

أين البقية إذاً؟ إنهم يتعاطون التجارة المستترة.فأين المنافسة العادلة والمساواة في الحقوق والواجبات أمام القانون؟هذه الأرقام المخيفة تعطينا فكرة عن حجم المشكلة مما يفتح تساؤلات عديدة. على حساب من يتم كل ذلك؟ طبعاً على حساب الدولة التي استضافت هؤلاء الوافدين وسترَ عليهم بعض المواطنين والأهم على حساب الباحثين عن عمل إن في ريادة الأعمال أو في الوظيفة. ومن هو المستفيد؟ الوافد المستثمر الذي يحصل على حصة الأسد من الوفر الغير قانوني ويترك الجزء الضئيل لكفيله العماني. ماهو الحل إذاً؟

1-نصحّح السجلات التجارية كي نعرف سبب وجود هذا الفارق بين عدد السجلات(320,000) وعدد المنتسبين إلى الغرفة (125,000) وبالتالي نتأكد من الأرقام.

2-تُعطى سنة كاملة أي سنة 2021 لجميع الشركات والمؤسسات العاملة في البلاد كي تأخذ لها رقماً ضريبياً وتقدم حسابات مدققة من مكاتب معتمدة أو حتى داخلية بصورة مؤقتة ريثما تنظم الحكومة مكاتب المحاسبة المحلية والعالمية لذلك الغرض.

3-تُعطى ستة أشهر لجميع الشركات والمؤسسات العاملة في البلاد لفتح ملفٍ في الضمانات الإجتماعية وتوظيف عماني واحدٍ على الأقل أو حسب مايتناسب مع نسب التعمين في كل قطاع كما تحدده وزارة العمل.

4-يحق للمؤسسة التي لم تتمكن أن توظف عمانياً خلال الفترة أن تدفع مبلغاً يساوي الحد الأدنى للأجور في صندوق الأمان الوظيفي ريثما تجد أو تدرب العماني الذي يناسب عملها.

5- يدرس وضع المؤسسات الصغرى على حدة وهي التي توظف أقل من خمسة عاملين. 6- تضع وزارة التجارة والصناعة آلية لمساعدة تلك الشركات على تصحيح اوضاعها وليس على معاقبتها وإقفال اعمالها. إذ نحن نريد الحفاظ على أي مستثمر يدفع الضرائب حسب القانون ويوظف العمانيين حسب القرارات.

هذا الإجراء قد يعود على الميزانية العامة للدولة بزيادة في تحصيل الضريبة على الارباح قد تصل إلى حوالى أربعمائة مليون ريال سنوياً، أي ما يعادل الدخل المتوقع من الضريبة على القيمة المضافة. كلها ارقامٌ تقديرية نعطيها لابراز الفكرة فقط. والعائد الأكبر هو إيجاد الوظائف أو المدخول للشباب العماني والباحثيين عن عمل. لقد حان الوقت أن ننصف انفسنا في بلدنا بعد أن اعطينا المجال الواسع لصغار المستثمرين الوافدين أن يستفيدوا من الفرص، أي إلى هؤلأ العاملين تحت مظلة التجارة المستترة.