طلبة جامعات أم ابتدائي؟

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٥/يناير/٢٠٢١ ٠٩:١٤ ص
طلبة جامعات أم ابتدائي؟

مسقط - الشبيبة

بقلم : علي المطاعني

النهوض بالتعليم العالي في السلطنة لا يتمثّل في زيادة إنشاء الجامعات أو الكليّات والمرافق أو إسداء الدعم لها، وإنّما بوضع الأنظمة الأكاديمية المُحكمَة، التي ترفع من كفاءة العمل الأكاديمي، وتوجد قناعات بعدم اختراقها، ومن بينها أنظمة الامتحانات، التي يُعوَّلُ عليها بأنّها الأساس في تقييم الطلبة والطالبات.

وقد تفاجأت بأنّ أنظمة الامتحانات في جامعاتنا مثلها ومثل الصفوف الابتدائية، يكتب الطالب اسمه على ورقة الإجابة، وليس هناك مراجعة ثانية لامتحانات الطلبة، ولا يوجد تقييم للأساتذة ومدى كفاءتهم، إلى غير ذلك من الممارسات التي تضرّ بسمعة التعليم العالي في السلطنة، الأمر الذي يتطلّب من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار أن تضع يدها على هذه الجوانب، وألا تترك الحبل على الغارب للجامعات والكليّات والأساتذة فقط، إذا فعلا رغبت في الارتقاء بالتعليم العالي كما نبتغي جميعًا.

ففي الوقت الذي نتطلع فيه لأن تكون أنظمة التعليم العالي صارمةً في تقييم الطلبة والطالبات والاشتراطات الواضحة كإحدى الوسائل للارتقاء بالتعليم العالي، تغيب عن الجهات المختصة أشياء لا تحتاج إلى كثير جهد ولا توفير إمكانيات أو دعم وخلافه، اللهم فقط قرارات من الوزارة حول كيفية التقييم الأكاديمي.

من المؤسف أن نجد الطالب في جامعاتنا الحكوميّة قبل الخاصة يكتب اسمه على ورقة الإجابة مثل طالب المرحلة الابتدائية، والأستاذ إذا أعجبه الطالب أو كان مقربا منه منحه الدرجة الكاملة، وإذا كان غير ذلك فنصيبه أقلّ الدرجات، لدرجة أنّ كثيرا من الطلبة باتت لديهم قناعة تامة بأنّ هناك انحيازًا واضحًا للطالبات على حساب الطلبة من قِبَل بعض الأكاديميين للأسف، في ظل عدم وجود أنظمة دقيقة لا تجعل الأستاذ يعرف ورقة الطالب أو الطالبة باستخدام رقم التعريف الجامعي أو الرقم السري كما هو في امتحانات الدبلوم العالي.

هذه الممارسات يمكن أن يُطلق عليها فساد في التعليم العالي، وحان الوقت لوقفه من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار المعنية بالإشراف على مؤسسات التعليم العالي حالا، تلافيًا للانتهاكات التي تشلّ أهم عوامل التنمية والابتكار والاجتهاد التي يمكن أن تنهض بهذه الأمة.

إنّ إصلاح التعليم لا يتطلب بهرجة ولا زيارات نشاهدها بين الحين والآخر من المسؤولين في الجهات الرسميّة، أكثر من كفاءة في تقييم الأساتذة من خلال وضع مراجعات لورقة الامتحان مِن أكثر مِن أستاذ مثلا كما هو في الجامعات المرموقة مثل بريطانيا والدول الأوروبية وغيرها، التي تعلم بأنّ نجاح التعليم العالي ليس في المباني وإنّما في الاشتراطات الأكاديمية التي تجعل الطالب يشقى لكي يتخرّج بدرجة جيد.

ومن جوانب الارتقاء بالتعليم العالي مِن الأهميّة تقييم المُحاضر الجامعي من خلال الطلبة والطالبات مثلما هو في كثير من الجامعات. فمن شأن هذه الخطوة أن تجعل الطالب يتحمل المسؤولية في النهوض بالعملية التعليمية، وشريكًا أصيلا في الارتقاء بجودة التعليم العالي في بلادنا، بجانب فائدتها في تهيئة الطالب وحثه على بذل مزيد من الجهد والدراسة، لاسيما أنه سيخضع لامتحان جيّد وضعه أستاذ يعلم تمامًا أنّه تحت المجهر ومختبر التقويم.

إنّ هذه الممارسات الخاطئة تضعضع الثقة في النظام الأكاديمي من جانب الطلبة، الذين أصبح لديهم يقين قاطع بأنّ مصادقة الأستاذ هي عنوان النجاح للأسف، وأنّ الاجتهاد ليس له قيمة في نظر بعض الأساتذة للأسف، وهذا ما يجب التحسّب له من وزارة التعليم العالي والبحث العملي والابتكار بأن تُسرِع في إصدار أنظمة التقييم لكل الجامعات، ومؤسسات التعليم العالي العامة والخاصة في أسرع وقت ممكن، لإنقاذ تعليمنا من فساد الأساتذة وسطوة العواطف.

بالطبع هناك أساتذة محترمون ويقدرون النواحي الأكاديمية ولديهم أخلاقيّات، إلا أنّ بعضهم يجب ردعهم من خلال وضع مثل هذه الضوابط التي تضبط إيقاع الممارسات التعليمية.

نأمل من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار أن تُسِنَّ هذه الضوابط والمعايير التي تُلزِم كل الجامعات والكليّات باستخدام رقم التعريف الجامعي لتصحيح امتحانات الدراسات الجامعية، وأن يتم تصحيح الامتحانات بأكثر من أستاذ، وأن تُجري تقييمًا للأساتذة ومدى كفاءتهم العلمية والتعليمية، فهذا عنوان الارتقاء بالتعليم العالي أكثر من غيره.