التوازن المالي لايعني الانكماش

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٩/ديسمبر/٢٠٢٠ ٠٩:٢٤ ص
التوازن المالي لايعني الانكماش

مسقط - الشبيبة

بقلم : عيسى المسعودي

تحدثنا في مقالات سابقة حول بعض الخطوات الايجابية التي قامت بها الحكومة خلال الفترة الفائتة لتحقيق العديد من الأهداف التي تساهم وبشكل كبير في الاستعداد لبدء تنفيذ الرؤية المستقبلية عمان 2040 التي تنطلق باذن الله من يناير 2021 والتي نعول عليها كثيراً لتحقيق التطور والنقلة النوعية لمختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية حيث تشكل هذه الرؤية الضوء المشرق الذي سينير لنا الدرب بمشيئة الله لتحقيق المزيد من النجاحات والانجازات في مسيرة النهضة المتجددة ، من بين هذه الخطوات التي قامت بها الحكومة الاعلان عن تنفيذ خطة التوازن المالي متوسطة المدى 2021- 2024 والذي تضمن القيام بالعديد من الخطوات والمبادرات لتحقيق هذا التوازن المنشود والمتمثل في الوصول بالوضع المالي لمستويات الاستدامة المالية ولقد بدات بالفعل الحكومة منذ سبتمبر الفائت في تنفيذ وطرح عدد من المبادرات والبرامج التي تابعناها خلال الفترة الماضية ومن بينها اعادة هيكلة الجهاز الاداري للدولة والتقليل من الانفاق ورفع الدعم عن بعض القطاعات وتبني موضوع التقاعد المبكر لتقليص النفقات التشغيلية كل هذه الامور وغيرها تهدف الي خفض العجز تدريجياً خلال الاربع سنوات المقبلة وهذا بلاشك من الامور المهمة خلال المرحلة الحالية.تابعنا خلال الاسبوع الفائت اللقاء الذي نظمة التلفزيون العماني حول خطة التوازن المالي وشرح تفاصيل وابرز محاور واهداف هذه الخطة والتي تعد مبادرة ايجابية ومهمة ضمن الرؤية المستقبلية عمان 2040 وبرغم ردة الفعل لبعض المواطنيين والمتابعين الذي قالوا ان المسؤولين لم يذكروا امورا جديدة في اللقاء الا انني اجد ان تنظيم هذا اللقاء كان مهم وخرجنا بعدة نقاط لعل من اهمها من وجهة نظري اعتراف المسؤولين ولو بطريقة غير مباشرة ان من اهم اسباب ارتفاع الحجز المالي خلال السنوات القليلة الفائتة هي ارتفاع الانفاق الغير مدروس في مختلف المجالات وفي نفس الوقت تأثير التحديات الاخرى المتمثلة في انخفاض اسعار النفط وتأثيرات جائحة كورونا وكذلك عدم مساندة القطاعات الانتاجية الغير نفطية في زيادة الايرادات وهذه تحسب للاسف على المؤسسات الحكومية المعنية وادائها خلال الفترة الفائتة وعدم وجود برامج ورؤية واضحة لتنويع مصادر الدخل وتعزيز الايرادات لانعاش الموازنة كذلك من النقاط المهمة التي توقفت عندها كثيراً في لقاء المسؤولين الحديث اننا كنا امام خيار صعب في اتخاذ مثل هذه القرارات فلو لم تتخذها الحكومة في هذا التوقيت لكن موقفنا في غاية الصعوبة وسيكون التأثير أكثر على الجميع وسيرتفع الدين العامالتراكمي الي مستويات قياسية أكبر من الدين الحالي الذي وصل الي 20 بليون ريال والتأثير الاكبر على الاقتصاد الوطني وعلى العملة وغيرها من التأثيرات فهذه المكاشفة مهمة حتى يتعرف عليها افراد المجتمع ويتعرفوا على حجم التحديات فالوقت الحالي ليس وقت العتاب او الحديث عن الماي المسكوب وانما وقت العمل ولعلها فرصة لتصحيح المسار وتصحيح الاخطاء السابقة لعودة الاستقرارالمالي ودعم مختلف القطاعات لتقوم بدورها في تعزيز الاقتصاد الوطني مع الاخذ بعين الاعتبار عدم التضحية بالحياة المعيشية للمواطنيين بحجة الاصلاح والتعديل لذلك لابد من وجود حلول وبرامج تحقق التوازن المالي المنشود وتضمن الحياة الكريمة والرعاية الاجتماعية للمواطنيين دون ان يدفع المواطن ضريبة هذا التعديل الذي لم يكن له ذنب فيه . كما ذكرنا ان اطلاق وتنفيذ خطة التوازن المالي خلال الفترة المقبلة لها اهمية كبرى ومبادرة مطلوبة في الفترة الحالية والقادمة تحقق العديد من الاهداف ولكن في نفس الوقت علينا التفكير بتعزيز ودعم مختلف القطاعات الاقتصادية فهذه الخطة لاتعني الانكماش والعودة الي الخلف والاعتماد فقط على ترشيد الانفاق والحد منه وانما كذلك علينا الاهتمام بطرح المبادرات والبرامج لتعزيز الاستثمارات المالية وتعزيز الايرادات الغير نفطية والاهتمام بتعزيز مساهمة الصادرات في الاقتصاد الوطني والعمل بشكل تكاملي لجذب الاستثمارات الخارجية وذلك بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة لاننا بحاجة ماسة الي تعزيز الاحتياطات من العملة الاجنبية لان ذلك له اهمية كبرى في استقرار العملة المحلية اضافة الي ذلك علينا تبني قيام مشاريع اقتصادية تساهم في توفير فرص العمل الجديدة وتساهم ايضا في تنويع مصادر الدخل وتعزيز ايرادات الدولة وهناك العديد من المشاريع والافكار التي يمكن الاستفادة منها وفي مختلف القطاعات الاقتصادية كذلك على الحكومة الاهتمام خلال الفترة المقبلة بدعم القطاع الخاص وطرح المبادرات المشتركة التي يمكن لهذا القطاع المساهمة فيها حتى نحقق التكامل والشراكة في مختلف الامور التي تعود بالمنفعة على تعزيز الاقتصاد الوطني فكلما تحسنت الامور الاقتصادية واستطعنا من تجاوز الازمة كلما وجدنا انفسنا غير مطالبين باتخاذ قرارات صعبة مثل التي تتخذها الحكومة حالياً وتؤثرعلى الاستقرار الاجتماعي، المرحلة المقبلة تتطلب التعاون والتكاتف ودور اكبر من المؤسسات المعنية في الحكومة للقيام بدورها في تحقيق التوازن المالي بالمنظور الشامل وليس بمنظور واحد فقط .