الاستثمار بحق الانتفاع .. ورؤية جديدة

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٠/ديسمبر/٢٠٢٠ ٠٨:١٩ ص
الاستثمار بحق الانتفاع .. ورؤية جديدة

مسقط - الشبيبة

بقلم: محمد محمود عثمان 

تحتاج كل الاقتصادات إلى محفزات قوية لجذب وتوطين الاستثمارات من خلال قرارات مرنة وإجراءات ميسرة وسهلة وبسيطة ، ومتوافقة مع المتغيرات الطارئة والسريعة التي تجعلنا نسابق الزمن حتى نضع أقدامنا على طريق المستقبل.

إن بعض الاقتصاديات تسمح بالتملك لإقامة المشروعات الاستثمارية للمواطنين والأجانب بشروط ميسرة لتنشيط القطاعات الصناعية والسياحية والعقارية التي تمثل قيمة مضافة للناتج المحلي، وهو من أنجح السياسات الاقتصادية في هذا الشأن

وقد انتهج البعض في ذلك سياسة الاستثمار» بحق الانتفاع» باعتباره الأفضل في جذب المستثمرين وتشجيع إنشاء المصانع والشركات بتكاليف أقل ، حتى تصبح قادرة على ضخ منتجاتها في الأسواق المحلية لتلبية احتياجتها والاستغناء عن الاستيراد وزيادة فرص التصدير للخارج ، وحق الانتفاع يخول للمنتفع حق استعمال الشيء لصالحه الشخصي مع المحافظة عليه ورده لصاحبه عند نهاية فترة الانتفاع، ويقوم اقتصاديا في الأساس على توفير الأراضي والعقارات والمنشآت الحكومية وممتلكات الدولة بأسعار رمزية قد لا تذكر، لفترات زمنية قابلة للتجديد لفترات أخرى طالما كانت المشروعات قائمة ومنتجة وتستوعب الأيد العاملة ، وتفتح فرص العمل الجديدة ، وتسهم في التخفيف من حدة البطالة المتفاقمة، بعد أن اوصدت المؤسسات الحكومية أبوابها أمام الخريجين الجدد منذ عدة سنوات ،بل أصبحت متكأ ومخزنا للعمالة المقنعة.

وقد توسعت مفاهيم حق الانتفاع لتشمل أيضا ما يقدمه القطاع الخاص من عقارات وأراضي ومنشآت ولكن بتكلفة أكبرلأنها لم تعتمد على الأسعار الرمزية بل تعتمد على تحقيق الأرباح ثم الأرباح وهو ما يهد ف إليه القطاع الخاص ـ باستثناء حالات التضحية من قبل البعض للصالح العام ، وتكمن الاشكالية هنا أن مقابل حق الانتفاع في عروض القطاع مبالغ فيها إلى حد كبير لا يحفز على جلب وجذب أو استمرار الاستثمارات، لأنه يطلب تكلفة العقار بالإضافة إلى هامش من الربح مع الاحتفاظ بملكية العقارأو الأرض، وهى بهذا المفهوم تمثل إشكالية كبيرة وعقبة كأداء أمام المستثمرين والاستثمارات الأجنيبة التي تبحث دائما عن المميزات التفضيلية في أمكان مختلفة في العالم أو في المكان الواحد ،لذلك من الضروري أن تضع غرف التجارة والصناعة مع الجهات الحكومية وجمعيات أصحاب العقارات ضوابط لعرض عقارات القطاع الخاص التي تطرح للاستفادة منها طبقا لمفهوم «حق الانتفاع» - الذي يختلف عن الشراء لغرض التملك - وذلك بتحديد نسبة مؤوية مناسبة من قيمة العقارتحقق مصالح كل الأطراف وتسهم في ذات الوقت على تشجيع وتحفيز الاستثمارات، والاستفادة من العقارات غير الشاغرة التي قد تظل لسنوات طويلة شاغرة بدون استغلال، إلى جانب التسهيلات المتعلقة بتأشيرات الإقامات الدائمة أو التجنيس بالنسبة للأجانب الذين قضوا عدة سنوات في الدولة يساهمون بخبراتهم وجهدهم في التنمية الاقتصادية ، وفي ذات الوقت نضمن الإبقاء على أموالهم ومدخراتهم داخل الدولة ودورانها في الأنشطة الاقتصادية والتجارية ، تبالإضافة إلى نشيط السوق العقاري للتنويع الاقتصادي، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، خاصة إذا كانت خطط تطور المجموعات تتماشى مع متطلبات الخطط التنموية.

ولكن الخطورة قد تأتي إذا لم تُؤتي هذه السياسة ثمارها الحقيقية ، نتيجية افتقاد المرونة من قبل المسؤولين والرؤساء وأصحاب القرار، ومدى قدرتهم على فهم الواقع ، والتي تتسبب في جمود القرارات وعرقلة الأعمال، ومن ثم تتحول إلى مناطق طرد للاستثمارات ورؤس الأموال بدلا من جعلها جاذبة أو مستقطبة وهناك تجارب مصرية مفيدة في هذا الشأن، حيث تراجعت مجموعات صناعية كبرى عن الاستثمار فى منطقة «مطوبس الصناعية بنظام حق الانتفاع «لرغبة الشركات فى تملك الأرض، وليس «حق الانتفاع» وكانتا ترغبان فى إقامة مصانع لهما فى المنطقة واعتبرت الشركات أن تملك الأرض جزء رئيسى من أصول الشركة، وأحد أهم الحوافز المشجعة على الاستثمار فى أى منطقة صناعية،وهذا يساعد على تحفيز المستثمر على تنمية مشروعه وتطويره بدلا من تحديد فترة زمنية، تنتهى معها جميع الاستثمارات التى تم بناؤها خلال فترة حق الانتفاع.وقد استجابت السلطات المصرية لهذه المطالب، ووافقت على تحويل حق الانتفاع إلى تمليك.