لماذا نطبق التأمين الصحي؟

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٠/نوفمبر/٢٠٢٠ ٠٨:٥٩ ص
لماذا نطبق التأمين الصحي؟

مسقط - الشبيبة

بقلم: علي المطاعني

يقال أن الصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء، فلا أحد ينشد أكثر من الصحة والعافية من هذه الحياة الدنيا، وعلى ضوء ذلك يتزايد اليوم الإهتمام بالصحة كإحدى أهم مؤشرات الرفاهية الإلزامية في أي دولة كانت، وذلك يعكس مدى تحضرها من عدمه، بل إن توفير الصحة لكل السكان هو جزء أصيل من منظومة العدالة الإجتماعية التي يحضنا عليها الدين الإسلامي الحنيف وذلك قبل الأعراف الدولية التي إستمدت تشريعاتها أصلا من صلب ديننا السمح.

لذلك فإن الدول والحكومات تسعى جاهدة لتوفير الرعاية الصحية المتكاملة لشعوبها كأحد أهم الأولويات الأساسية في منظومة الرعاية الصحية سواء كانت خدمة مجانية من الدولة لمواطنيها أو من خلال التأمين الصحي لبقية الجاليات العاملة والمقيمة في البلاد، فمن هذا المنطلق تفرض الحكومة ممثلة في الهيئة العامة لسوق المال إلزامية التأمين الصحي لكل العاملين في القطاع الخاص في السلطنة، لتوفير مظلة صحية متكاملة لجميع السكان.

ومن هذا المنطلق يتعين إستيعاب دواعي وجدوى وأهمية التأمين الصحي كنقطة إرتكاز متقدمة ومهمة وأساسية لحياة كريمة للإنسان في هذا الوطن وليتمتع الجميع بهذه النعمة التي هي الأغلى من أي ثمن ومن أي تكلفة مادية.

فتوفير الرعاية الصحية المكفولة بالتأمين الصحي تعد أمرا هاما جدا يهدف في الأساس للوصول لنقطة عدم وجود أي فرد في السلطنة يقف عاجزا عن توفير العلاج لنفسه وأسرته، أو لا يحظى بهذه الخدمة الإنسانية نتيجة لعدم مقدرته المادية أو عشوائية العلاج نتيجة لمحاولاته الفردية لتوفير بعض متطلبات العلاج، فيقع عندها في مستنقع إستفحال المرض.

على ذلك فإن إيجاد البدائل كالتامين الصحي لتوفير العلاج وكخدمة أساسية كالماء والهواء لا أقل ولكافة العاملين في القطاع الخاص مواطنين وأجانب يعد كحق من حقوقهم الأساسية، وهو إتجاه يجب تقديره من قبل أرباب العمل في البلاد بالإحساس الإيجابي لماهيته ودوره في توفير حقوق للعاملين لديهم.

كما أن نمو قطاع التأمين الصحي الخاص في السلطنة بنسبة 30% وفق إحصائيات عام 2017 مقارنة مع عام 2016، وإرتفاع أقساط التأمين الصحي بنسبة 16% لتصل إلى 134 مليون ريال، ومحافظته على نسبة النمو البالغة 30% حتى عام 2019، كل ذلك يعد دليلا كافيا على تكامل الوعي بأهميته وجدواه واهميته من بعض شرائح الموظفين والشركات الحريصة على موظفيها.

فهذه المؤشرات الطيبة تعكس الرغبة في تكامل وجودة وإستتباب الرعاية الصحية وهو مفهوم يتطلب تعزيزه في الفترة المقبلة، والإنتقال به من خانة كونه إختياريا ليغدو إلزاميا لجميع الشركات العاملة في البلاد، وعلى كافة الشركات ومؤسسات القطاع الخاص التركيز على هذا الجانب المهم في الفترة القادمة وتكييف أوضاعها للتناغم الإيجابي مع هذا التوجه ففي ثناياه مكاسب مشتركة بين العامل وأرباب العمل.

ولا ننسى حقيقة أن لم شمل شرائح العاملين في القطاع الخاص من مواطنين ومقيميين تحت مظلة التأمين الصحي الواسعة من شأنه تعزيز ولاء العاملين لشركاتهم ويضفي جاذبية كانت مفتقدة للقطاع الخاص ويرفع من معنوياتهم وذلك سينعكس إيجابا على زيادة الإنتاج والإنتاجية وهو الهدف الأسمى الذي يسعى هذه القطاع جاهدا لتحقيقه.

كما أن الشركات ذاتها ستستفيد من التأمين الصحي عبر تقليص فاتورة الإنفاق المالي الخاصة بالعلاج للعاملين لديها، وهذا جانب مهم ستضعه كل الشركات والمؤسسات في الإعتبار حتما وتجنب الصدمات الكبيرة لبعض الحوادث واثرها على الموظفين.

نامل تطبيق التشريعات والقوانين اللازمة لتدعيم هذه الإتجاه، وكـــذلك على شركات ومؤسسات القطاع الخــــاص العمل وفق طاقتها القصوى لتدعيــــم وتأكيد وتأصيل أهمية التأمين الصحــــي لديها بأعتباره إتجاها حضاريا وإنسانيــــا رفيع المستوى، كما أن جدواه الاقتصاديـــة تغري بالتوجه إليها، إذ فيه تحقيق مصالح الجميع وفي نهاية المطاف فإن الريع الأكبر يصب في صالح إقتصادنا الوطني.