"البارثنيوم" نبتة يصل ضررها للإنسان والحيوان وموطنها الأصلي الأمريكيتين.. كيف وصلت ظفار؟

بلادنا الثلاثاء ١١/أغسطس/٢٠٢٠ ١٣:٥٠ م
"البارثنيوم" نبتة يصل ضررها للإنسان والحيوان وموطنها الأصلي الأمريكيتين.. كيف وصلت ظفار؟

صلالة - عنود الشحية

قال علي سالم عكعاك ، ناشط بيئي ، أحد أبناء محافظة ظفار ، وأول من نبه حول خطر نبتة البارثنيوم :" شكلت هذه النبتة هاجسًا وقلقا متزايدًا مع انتشارها المخيف في ظفار بالنسبة لي كناشط بيئي خاصة بعد البحث والتقصي وجمع وتكوين قاعدة بيانات وافية حول أضرارها وكيفية الترصد لها دوليا أدركت حينها حجم الخطورة وضرورة التحرك الفوري".

وأضاف : "من خلال مراقبتنا للظواهر البيئية و البيولوجية التي طرأت مؤخرا غزو بعض الأعشاب والنباتات و الطيور الدخيلة على البيئة المحلية في سلطنة عمان ، و تحديدا في محافظة ظفار ومن هذه النباتات شجرة المسكيت " البرسوبس" والداماس " الكونكاربس" وكذلك عشبة البارثنيوم التي هي محور حديثنا في هذا المقال وسبب انتقالها يعزى إلى القمح المستورد من أمريكا الشمالية اثناء عميلة حصاد المحصول للأعلاف."

وأفاد عكعاك أن الموطن الأصلي لنبتة " البارثنيوم " في الأمريكتين ، وانتشرت في العالم على مراحل مختلفة منذ بداية القرن الماضي إلى أن وصلت إلى ظفار قبل عشر سنوات تقريبا وتغزو هذه النبتة الأراضي الزراعية والمناطق الرعوية في السهل والجبل وتنافس النباتات المحلية على العناصر الغذائية والرطوبة مما يضعف المرعى ويهدد بخلل بيئي .

وأشار إلى أن الاسم العلمي للنبتة "Parthenium hysterophorus "، أو عشب الكونغرس ، هو عشب سنوي ومتفرع كثيرًا ومتشابك وينثر بذوره بكثافة استعمارية و معروف بدوره المشهور بالمخاطر البيئية على الإنسان والحيوان والمراعي والمحاصيل الزراعية.

وعن أضرار النبتة قال عكعاك أنها تسبب إلتهابات جلدية عند التلامس للإنسان ويسبب خلل في الجهاز التنفسي والآم الروماتيزيوم والإسهال والتهابات المسالك البولية والحمى .

وأضاف:" أما تأثيره على الحيوان يسبب التهابات جلدية نتيجة مادة "البارثينين" فهي سامة كما أنها مسؤولة عن مرض اللبن المر في الماشية وكذلك منافسة الأعشاب والنباتات المحلية على العناصر الغذائية والرطوبة حيث تعمل على إضعافها والقضاء عليها وذلك حسب دراسات وتقارير بعض الدول التي تكافحها منذ سنوات".

وأوضح عكعاك مواصفات النبتة ، وهي كالتالي :

- النبتة في مراحل تحول وتكيف منقطعة النظير، وربما لم تبدأ بالاجتياح بالشكل حقيقي حتى الآن.

- نبتة قطن تكيفت في دورة حياتها من خلال حجمها الصغير حيث يمكن أن تزهر وهي في طول أقل من 30 سم.

- النبتة تغير خصائص التربة حتى تصبح مناسبة لها فقط وعندما يكتمل ذلك بواسطة الملايين من هذه النبتة قد يحمل تأثير على الأشجار الكبيرة نظرا لقلتها ولهشاشة الأنظمة البيئية في ظفار.. حيث لا يوجد العمق الكافي لاستعادة المحيط الحيوي في ظفار عافيته بشكل طبيعي.

- السيارات هي العنصر الرئيسي والمؤكد في نشر بذور النبتة من شرق إلى غرب ظفار وذلك في فصل الخريف.

- قد يكون للبارثنيوم تدخل حقيقي في نفوق أكثر من 22 ألف رأس بقرة العام الماضي حيث أثبتت بعض الدراسات إنها تسبب تقرحات في معدة الأبقار وتسبب فقدان الشهية وتغير سلوك الحيوان وغيرها.. قد يكون للبارثنيوم علاقة بذلك.

وأوضح عكعاك لـ"الشبيبة" : الأسوء لم يحدث حتى الآن.. إذا لم يحدث تدخل كبير سنكون في وضع حرج للغاية".

وأضاف : "قد تحتاج الأنظمة البيئة إلى تدخل جراحي مؤلم جدا.. ويوجد أنواع خاصة للمبيديات تقضي على هذه النبتة بالذات مطلوب أن تحضرها الحكومة أو تصنعها."

وقال عكعاك بأنه يؤيد استخدام المبيدات في القضاء على بؤر هذه النبتة المتمثل في أكتاف الطرق حتى ستة متر من كل جانب وذلك بسبب الانتقال عن طريق السيارات.. أو ضفاف الأودية وذلك عن طريق السيول أو الفيضانات.

وأكد على أن التأخر في مكافحة ما يهدد التنوع البيولوجي ينذر بكارثه بيئية إذا لم يكن هناك تدخل عاجل و ممنهج لإدارة ومكافحة هذه الأعشاب و الطيور الغازية كطائر المينا، علما بان هناك دول تعاني من آفة الغزو البيولوجي برغم تقدمها العلمي بسبب التأخر في المجابهة.

وناشد عكعاك المواطنين بضرورة المبادرة الذاتية للقضاء على نبتة "البارثنيوم" باستخدام أحد الطرق المناسبة على حسب الانتشار ، وهي كالتالي : " الطريقة التقليدية التعامل المادي مع هذه النبتة باقتلاع ويجب عدم اقتلاعها باليد لما لها من مخاطر صحية بل يجب استخدام أدوات مناسبة لذلك، والعمل على فصل المناطق المصابة بسياج تحديدها بأي فاصل مادي يمنع أو يخفف الانتقال الطبيعي للنبتة إلى مساحات اكبر، الطريقة الكيميائية رش المساحات المصابة بمبيدات الأعشاب قبل الانبات".

الجدير بالذكر ، تتواجد نبتة البارثنيوم حاليا في أكثر من 40 دولة توزعت على خمس قارات حسب دراسة أجراها الباحثان "Adkins and shappir "عام 2014. وقد ذكرت الدراسة أن المكافحة البيولوجية لهذه النبتة كانت ناجحة في أستراليا حيث بدأ أول برنامج المكافحة البيولوجية في عام 1977 وأكد الباحثان بأن تدخل استراليا السريع تمكن من القضاء أو الحد من انتشارها ومكافحتها .

تتكاثر هذه النبتة بشكل غزير جدا حيث يصل إنتاج النبتة العادية إلى خمسة عشر الف بذرة والنباتات الكبيرة إلى مائة الف بذرة، وهذا يهدد بغزو هائل والقضاء على الأعشاب المحلية، واحتلال المناطق الخالية من الأشجار الأخرى تدريجيا.

وتعتبر درجة الحرارة المناسبة للإنبات من 22 إلى 25 درجة مئوية وهذه المواصفات تنطبق على الأنظمة البيئية في المنطقة المتأثرة بالخريف في محافظة ظفار.

كما أن بذور هذه النبتة تكون مدفونة تحت التربة بعمق خمسة سم ويمكن ان تعيش حتى عشرة سنوات للإنبات، ولديها نسبة انبات اعلى من بقية الأعشاب وهذا ما يساهم بان تكون منافس سائد ونبات غازي ويشكل خطر حقيقي على النظام البيئي. وأبرز معامل الخطورة لها، انها نبتة عشبية لا تثير الكثير من الملاحظة وتنتشر بشكل متفوق جدا حيث اثبتت بعض الدراسات ان انتشار بذور هذه النبتة في الهكتار الواحد يصل إلى 340 مليون بذرة في حين ان الأعشاب المحلية تصل إلى 120 الف بذرة وهذا تفوق مخيف وغير طبيعي. في العادة تنبت اعشاب هذه النبات في الربيع وأوائل الصيف وتنتج الزهور والبذور طوال فترة حياتها القصيرة وتموت في أواخر الخريف. ومع ذلك ممكن ان تنبت اذا توفرت لها الظروف المناسبة في أي وقت من العام وتزهر وتنبت (المطر والرطوبة المتاحة ودرجة حرارة التربة الخفيفة والهواء) وهذا يحدث في ظفار في شهر أكتوبر او نوفمبر من كل عام تقريبا وفي شهر مايو تقريبا من كل عام، واذا كانت التربة شحيحة من الماء يمكن ان تسرع من دورة حياتها لتصل إلى أربعة أجيال في السنة الواحدة حيث يمكن ان تكمل دورة حياتها في أربعة أسابيع فقط.

وأكد عكعاك : " يمكن مكافحة هذه العشبة الضارة ، المكافحة البيولوجية نفعت في دول مثل استراليا لكن مثل هذه المكافحة اذا لم تكن تلك الحشرات محلية قد تسبب مشكلة أخرى وذلك بسبب عدم وجود جهات تراقب مثل هذه المكافحة، والطريقة الأخرى من المكافحة الحفاظ على الأعشاب المحلية في المنطقة المصابة بحمايتها وعدم الرعي فيها حتى تحاصر انتشار هذه الافة، كما توجد طريقة ميكانيكية نجحت في البلدان وذلك بحرث المنطقة المصابة في مرحلة الازهار وحظر المنطقة المصابة وإزالة كافة الحشائش ثم نشر بذور نباتات أخرى محلية في هذه المنطقة، واذا لم تتوفر بذور الأعشاب المراد الحفاظ عليها يمكن زرع محاصيل محلية مثل الفاصوليا (دجر)."