"الشويمية" .. قرية عشقها الشيخ صباح

سياحة و سفر الأحد ٠٤/أكتوبر/٢٠٢٠ ٠٨:٤٧ ص
"الشويمية" .. قرية عشقها الشيخ صباح

مسقط - خالد عرابي

الجنيبي: أهل المنطقة أحبوا الأمير الراحل لبساطته وتواضعه فقد كان لا يحب التعقيد ولا الرسميات وكان يفضل أن يتعامل كشخص عادي المعشني: الشيخ صباح خسارة للأمة العربية والإسلامية والعالم أجمع، فهو رمز للسلام والوئام الذي يعتز به أي بلد يمثله هذا الزعيم

خيم الحزن منذ الثلاثاء الفائت على نيابة «الشويمية» التابعة لولاية شليم وجزر الحلانيات -الواقعة على بحر العرب، فمنذ سماعهم بخبر وفاة أمير الكويت الراحل الصباح الجابر الأحمد الصباح -طيب الله ثراه- وهم يشعرون بحالة فقدان وحزن كبير وكأنهم فقدوا أباهم وعم الحزن على كل بيت وكأن لسان حال كل واحد منهم يقول: «رحل صباح الخير ولكن ذكراه ستظل خالدة في نفوسنا وقلوبنا ولن ننساه ما حيينا.»

يقول نائب والي الشويمية محمد الجنيبي: «أعتقد أن أهل المنطقة أحبوا الأمير الراحل لبساطته وتواضعه فقد كان لا يحب التعقيد ولا الرسميات وكان يميل إلى البساطة، وكان حينما يأتي إلى المنطقة في كل مرة نعلم أن حكومة السلطنة تعرض عليه توفير موكب رسمي من سيارات وتشريفات وغيره، ولكنه كان يرفض ذلك تماما ويقول لهم اتركوني براحتي، لأنه كان يفضل أن يتعامل كشخص عادي.»

وقال الجنيبي كان الأمير الراحل يأتي إلى الشويمية عن طريق مطار مرمول ويتحرك بسياراته مباشرة إلى المنطقة وفي وقت العصر يذهب ليمشي على الشاطيء ويذهب إلى الصيادين بنفسه فيجلس معهم ويتحدث معهم عن الصيد والبحر وحياتهم بكل بساطة، ولذا فهذا الرمز السياسي والقيادة السياسية العظيمة حينما كان يجلس مع الصيادين وأهالي الشويمية كنت تشعر وكأنه واحد منهم، وكان حريص الحضور إلى المنطقة خاصة في المواسم والأعياد والإجازات الرسمية وكانت تمتد إقامته بها في بعض الأحيان ما بين أسبوع إلى عشرة أيام.

خسارة للعالم أجمع

ويقول سعادة الشيخ سالم بن سهيل المعشني: رحيل صاحب السمو الشيخ صباح خسارة للأمة العربية والإسلامية والعالم أجمع فالشيخ صباح ليس خسارة للكويت فقط وإنما هو رمز من رموز المحبة والسلام والوئام الذي يعتز به أي إقليم أو منطقة أو بلد يكون هذا الزعيم يمثلها.

وأضاف قائلا: «خسر الخليج قيادة حكيمة وبذلك خسر الحكمة والدراية والبصيرة التي كان يتمتع بها الشيخ صباح والتي كانت حاضرة في كل المؤتمرات والمنتديات التي يقودها ويشارك بها وفي كل المنظمات والهيئات وفي كل النزاعات ، ولذا نقول للأخوة الكويتين إن الحزن على العمانيين وشارك العمانيين أخوانهم في الكويت والخليج هذا الحزن الذي بفراقه سيترك الفراغ والأثر البالغ على الأسرة الخليجية جمعاء.»

وكان أمير الكويت الراحل قد أجاب في أحد الحوارات معه عن المنطقة التي ييستريح فيها ويفضل أن يقضي فيها إجازاته قد أجاب وقال: «إجازاتي الخاصة أحاول أني أقضيها في محل لم يكن هناك فيه نوع من التعقيد، وهي ذهابي إلى عمان.. ليش إلى عمان؟ لأني بكون هناك علي ساحل طوله 30 كلم ليس فيه أحد إلا قرية يمكن عدد سكانها لا يتجاوز 700 شخص، ولذلك دائما أكون سعيد بأن أبقى في هذه المنطقة وارتاح فيها»

ويقول الشيخ محمد بن حثيث البطحري أتذكر حينما جاء أول مرة إلى مرة إلى هذه المنطقة تم اللقاء مع والي الشويمية في حينها وسكن معه في بيته لأنه لم يكن هناك في حينها لا فنادق ولا مكان يناسب وتم تنظيم رحلة بحرية له في قوارب بسيطة صغيرة لانه لم يكن في حينها قوارب كبيرة ومنذ ذاك الوقت وكأنه عشق المكان حيث أصبح يتردد عليها بانتظام حتى تم بناء قصره الخاص بها ومنها وأصبح قدومه إليها منتظم سنويا ولعدة مرات وذلك للاستجمام والاستمتاع بالصيد وقد غطى بإنسانيته كل من كان فيها، ورغم أنه كان أميرًا للحكمة وأحد أبرز الشخصيات العالمية إلا أنه حينما كان يأتي إلى الشويمية كان يأتي بإنسانيته متواضعا، عطوفا، رحيما قريبا من عامة الناس يشاركهم افراحهم ويواسيهم أحزانهم .

ويقول محمد البطحري أحد أبناء الشويمية وأحد الشياب: كثيرا ما كان يأتي الأمير الراحل إلى الشويمية للاستمتاع بهوايته المفضلة وهي صيد الأسماك وكان كثيرا ما يأتي إلينا ويسألنا عن الصيد ومواسمه وأوقاته وكذلك الأوضاع بالنسبة لنا، كما نشعر وكانه الأب الذي يأتي ليطمئن على ابنائه».

ويضيف قائلا: «الله يرحمه ويغفر له كان حينما يأتي من الكويت ينتظره القارب الخاص في الميناء ويتحرك مباشرة الى البحر فمن الطائرة إلى القارب وذلك قبل أن يذهب لقصره الخاص بها.»

وأكد أحمد البطحري أحد الصيادين أن الأمير الراحل كان حينما يأتي يفضل طعام الأسماك وكان أحب الأسماك إليه الهامور والزبيدي والشعري. ويضيف: كنت اصطاد له هذه الأنواع المفضلة والخاصة بالنسبة له ومن أماكن وجزر محددة ومعروفة بالنسبة له. وقال كانت تربطه بأهالي المنطقة علاقة طيبة جدا وعلاقة محبة فكان يحبهم حبا كبيرا وهم أيضا كانوا يرونه واحدا منهم وكان قريب منهم جدا.. ولذا فقد خيم الحزن على بيوت الشويمية جمعاء برحيلة وسادها الحزن.

ذكراه ستظل خالدة

ويقول علي المهري: «رحل صباح الخير والإنسانية ولكن ذكراه ستظل خالدة لدى كل فرد وفي كل مكان في الشويمية وستظل حاضرة ولن تنسى.. الله يرحمه ويغفر له.. رجل كان بأمة ولن يعوض لا في الأمة العربية ولا الإسلامية ولا حتى في العالم .. لأنه كان رجل يتحلى بالحكمة والبساطة والإنسانية والسماحة. وكان بالنسبة لأهالي الشويمية بمثابة الأخ والأب وكان يأتي إلى البيوت وفي كثير من الأحيان يقود سيارته بنفسه.

وتوفي أمير الكويت الراحل الصباح الجابر الأحمد الصباح يوم الثلاثاء الفائت عن عمر ناهز 91 عاما بالولايات المتحدة الأمريكية التي سافر إليها في 23 يوليو الفائت لاستكمال العلاج الطبي بعد جراحة لحالة طبية غير محددة خضع لها في الكويت، وكانت الكويت قد أعلنت، في 18 يوليو الفائت نقل بعض صلاحيات أمير البلاد لولي عهده، نواف الأحمد الجابر الصباح (83 عاما)، بعد دخول الأمير المستشفى.

ولقب الفقيد الراحل بأمير الإنسانية وعرف بحكمته ومواقفه المشرفة المعتدلة والمتوازنة وكان أحد القادة العرب الذين ساهموا بحنكتهم وبصيرتهم في إرساء منظومة العدل والإنسانية، وكان نصيرا للقضية الفلسطينية، كما سعى بكل السبل لحل الأزمة الخليجية الأخيرة ما بين السعودية والإمارات والبحرين من ناحية وما بين قطر من ناحية أخرى وقد عرف بجولاته المكوكية في ذلك وبذلت الكويت وسلطنة عمان جهودا كبيرة لحالها الا أنها لم تحل حتى الآن.

وأعلنت السلطنة يوم الثلاثاء الفائت الحداد الرسمي، وتنكس الأعلام، وتعيلق العمل في القطاعين الحكومي والخاص بالسلطنة لمدة 3 أيام وذلك حزنا على وفاة أمير الكويت الراحل.

تتبع الشويمية ولاية ظفار وتعتبر من أجمل القرى الساحلية العمانية وهي تطل على بحر العرب برمالها الذهبية وقاع بحرها البكر وشواطئها الواسعة وسلسلة جبالها النادرة وبها وديان تجوبها بعض الغزلان وتقع الشويمية على بعد 750 كيلومترا من مسقط و350 كيلو مترا من صلالة ويربطها طريق ترابي بصلالة ويعمل معظم ابناءها في صيد السمك وتربية الأبل والأغنام، كما تعتبر وتعتبر من أفضل مناطق صيد السمك بالسنارة (الخيط) على الاطلاق لأنه محظور بها الصيد إلا من خلال السنارة ومن أهلها ويكون موسم الصيد بها محددا ما بين شهور أكتوبر ومايو، ولكن يكون البحر هائجا ما بين شهور يوليو وسبتمبر لكون المنطقة مفتوحة على المحيط الهندي.