لتعود الحشمة كما كانت

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٢/سبتمبر/٢٠٢٠ ٠٨:٤٥ ص
لتعود الحشمة كما كانت

بقلم: علي المطاعني 

عدم الاحتشام في الأماكن العامة والمجمّعات التجاريّة والأسواق والشواطئ وغيرها أضحت‏ ظاهرة تسعى بالنميمة في مجتمعنا وخاصة في محافظة مسقط، جاءت الظاهرة في ليلٍ بهيم لا قمر فيه ولا نجوم، رافعة شعارات الانفتاح والحرّيات العامة والانعتاق من براثن التخلّف إلى غير ذلك من شعارات باركها الشيطان قبلا وجاء بها ومعها ومعهم في مقدمة الركب العجيب.

جاءت الظاهرة تحت هذه الذرائع اللا مقبولة اجتماعيا وإسلاميا، والتي تستهدف أصلا إيذاء مشاعر الآخرين وإحراج الأُسر وخدش الحياء العام وإرسال رسائل خاطئة للمراهقين من أبنائنا وبناتنا.

من غير المقبول وتحت أي شعار كان أن نرى البعض من الجنسين يرتدي ملابس ما تستره هو جزءٌ رمزي لا أكثر من الجسد، ذلك يعني أول ما يعني أن هؤلاء وأولئك ما عادوا يحترمون قيم المجتمع العُماني الضارب بجذوره في أعماق الأصالة والسماحة والاحتشام، كما أنهم ما عادوا يُقيمون كبير وزن للآداب العامة ولقيم المجتمع وتقاليده التي كانت أبدا ودوما عنوانا مُبهرا لمجتمعنا المحافظ عبر الدهور والأزمان، فقد بنوا لأنفسهم عوالم خاصة في حضن مجتمعنا وهنا تكمن المفارقة المرفوضة.

إذن لا بد من وقفة جادة يتطلب معها تنظيم هذه السلوكيات وإعادتها لجادة الصواب إعمالا لمبدأ لا ضرر ولا ضرار، بحيث لا يعتدي أحد على الآخر عبر إيذاء مشاعره الآمنة والمسترخية على أكتاف الاحتشام.

ولعل مناقشة لجنة الشؤون العامة بالمجلس البلدي لمحافظة مسقط مقترح رائع يقضي بتطبيق تشريع دخول المجمّعات والأسواق باللباس المحتشم، وفقا لاختصاص مجالس البلدية بالرقم 116/2011 ‏وفي المادة (22/16) منه.

ويأتي هذا التشريع بعد أن استفحلت الظاهرة واستطالت طولا وعرضا وما عاد الرفض السكوتي عنها يجدي إلا عبر الجهر التشريعي، وعبر إيضاح الضوابط وتفتيت المُمارسات الخاطئة التي تؤذي أصحاب الوجدان السليم وتمنعهم من التنزُّه والتسوُّق بحرّية وبغير منغّصات تؤذي بؤرة العينين.

من الواضح أن المد السافر من البلدان الأجنبية استطاع التسلل لشواطئنا خلسة عبر التكنولوجيا الرقمية والإنترنتية والفضائيات التي تزاحمنا في حلّنا وترحالنا وفي وقوفنا وجلوسنا وفي أكلنا وشربنا، وإن لم نستطع بناء جُدرٍ نارية قانونية ودينية وثقافية وتوعوية فما من شك أن هذا المد سيكتسح أخلاقياتنا وموروثنا الحضاري وتقاليدنا الراسخة عبر الأجيال والأزمان والدهور.

إن اضطلاع المجالس البلدية بمناقشة هذه الظواهر وتنظيمها بالتعاون مع الجهات المختصة يعكس دورها في التناغم والتعاضد مع السياسة العامة للدولة عبر تقديم الآراء والمقترحات والتوصيات بشأن تطوير الخدمات البلدية في الحدود الجغرافية للمحافظة ودراسة الظواهر السلبية واقتراح الحلول لها.

لذا من الأهمية بمكان التركيز على هذه الجوانب التي من شأنها تأكيد حقيقة أن الأماكن العامة هي للجميع ولن تكون أبدا نهبا للقلة المسيئة للأعراف والمُثل العُمانية العليا، وتنتهك مع سبق الإصرار والترصّد حقوق الآخرين في التمتّع بالأماكن العامة من خلال اللا ملابس التي يرتدونها.

بالطبع لسنا ضد الحرّيات العامة أو حتى تضييق مساحاتها؛ فالوطن يتيح للجميع مُمارسة حقوقهم والتمتّع برحيق الحرّية الأغلى بطبيعة الحال، ولكن ذلك لا يتعيّن أن يأتي على حساب الغالبية العظمى من الملتزمين بسلامة الذوق العام وبأعراف وتقاليد هذه المجتمع العريق، تلك هي القضية وتلك هي المسَلَّمات واجبة الاحترام والاتّباع.

نأمل من المجالس البلدية وخاصة بمحافظة مسقط المُضي قُدُما في سنّ التشريعات التي تُسهم في الحفاظ على الصورة العامة والوقورة للمجتمع العُماني والمزدانة روعة وتجليا بعاداتنا وتقاليدنا السمحة والمستمدة من رحيق ديننا الإسلامي الحنيف.