الكوادر الفائضة أين تذهب؟

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢١/سبتمبر/٢٠٢٠ ١١:٢٤ ص
الكوادر الفائضة أين تذهب؟

مسقط – الشبيبة

بقلم : علي المطاعني


‏بعد المراسيم السلطانية السامية بدمج بعض الوزارات في إطار إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وما أفرزته الاندماجات من فائض في الموظفين لتشابه التخصصات والمجالات في الجهات المدمجة، هنا فإنّ تعزيز القطاعات الإنتاجية ذات الطابع الاقتصادي بما يعود بالفائدة في زيادة الاستثمار في مجالات التجارة والصناعة والنفط والمعادن والسياحة والاقتصاد والزراعة يجب أن يحظى بالأولوية في توزيع تركة الوزارات المُدمجة وليس تضخيم الجهات المُدمجة الخدمية منها والعادية.

فهذه الجهات التي تُسهم في تنويع مصادر الدخل هي الأساس الذي يجب أن توجه إليه الأنظار بتطوير قدراتها وتعزيزها بالكفاءات التي تترجم خطط التنويع الاقتصادي المرتقبة، وبالتالي يتعيَّن إعادة النظر في الكوادر قبل توزيعها وبناءً على المعطيات التي أشرنا إليها.

بلا شك إنّ حتمية إعادة توزيع الكوادر التي أفرزتها الاندماجات تعدُّ سانحة طيبة للحكومة لإعادة استثمار رأس المال البشري - وهو الأغلى كما نعلم - بشكل أفضل مما كان عليه سابقا من خلال تدعيم القطاعات ذات القيمة المُضافة العالية للبلاد والعباد وخاصة في المجالات الاقتصادية التي نعوِّل عليها كثيرا ‏في المرحلة المقبلة، وتلمّس حاجتها من الكوادر ووضعها في مكانها الصحيح بهدف الاستفادة منها في تسريع الخدمات الاستثمارية في القطاعات الاقتصادية ورفد الجهود المبذولة بشكل أكبر مما كان، كأحد الإجراءات التي يتطلب اتخاذها على وجه السرعة.

ففي ظل عدم وجود اتجاه للتوظيف في القطاع الحكومي في الفترة القادمة، ومعاناة القطاعات الإنتاجية من قلة الإمكانيات البشرية مقارنة مع الأعمال التي تقوم بها، ونظرا لحاجة الاستثمار وإدارة الأنشطة الاقتصادية لتقديم خدمات مميّزة للمستثمرين فإنّ الحاجة لتعزيز هذه الجهات يجب أن يحظى بالأولوية القصوى، هذا إذا ما رغبنا فعلا في أنْ نُحدث اختراقا في خدمة مجالات الاستثمار في البلاد ونسرِّع الخدمات المقدَّمة بشكل يتناسب مع متطلبات العصر وحاجة المستثمرين.

أما إذا ما تم تسكين الكوادر في جهات أعمال روتينية وليست إنتاجية أو خدمية ذات قيمة ومردود مادي فإنَّ ذلك يُعد تضخيما للجهاز الإداري بتكريس عدم الفاعلية وزيادة التعطل والبطالة المقنعة - كما يُقال - بدون وجود أي عوائد تُذكر تقابل الإنفاق الروتيني على الرأسمال البشري.

هذه الجزئية تحديدا يجب أن نُعيد حساباتنا فيها بدقة في الفترة القادمة، إذ لا بد من معرفة ماذا يقدّم كل موظف من إنتاج وفاعلية مقارنة بتكلفته المدفوعة أصلا، وحتى لا تتحوَّل جهاتنا إلى ما يشبه الجمعيات الخيرية لفائدة موظفين لا فاعلية لهم تُذكر.

بالطبع فإنَّ توزيع الموظفين ليس بالضرورة أنْ يحدث في الوزارات المدمجة إذا كان أعداد الموظفين فيها كافيا ومتسقا مع متطلبات العمل، بعد أن نضع في الاعتبار دور الآلة والحوسبة الإلكترونية والتقنيات الحديثة في الاعتبار ومع ما يعنيه ذلك من اختصار وتخفيض لأعداد العمالة واختصار الوقت والجهد.

نأمل أنْ نرفد الجهات الإنتاجية في البلاد والتركيز عليها في الفترة المقبلة إذا ما رغبنا فعلا في إحداث نقلة نوعية في المجالات الاستثمارية بعد التركيز على العنصر البشري (النوعي لا الكمي)، فهذه هي المعايير العلمية في إحداث النهضة الاقتصادية الاستثمارية المأمولة.