محمود بن سعيد العوفي
alaufi-992@hotmail.com
في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، تنتعش الأسواق حين تندفع الأسر بصغارها وكبارها إلى نقاط التسوق المختلفة لشراء مستلزمات العيد، من ملابس وأحذية واكسسوارات مختلفة، يرافق ذلك ازدحام شديد وبطء في الحركة عبر الشوارع الممتدة بفعل حركة تجارية نشطة في مختلف مناطق السلطنة، فيما تغمر صيحات الأطفال وحركاتهم العفوية، مساحات من الوجوه والأمكنة، مجسدة البهجة في أيام استثنائية، ومعها حتماً لن ينتهي التسوق بزيارة، وتتواصل الحلقة (كر وفر) قصداً لسلع لا بد وأن ترضي الأذواق كافة.
المناطق التجارية لا تهدأ لا سيما في أوقات المساء، فالأسواق تحرص أشد الحرص على أن تكون مغرية، وتحوي كل ما تشتهيه النفس من شتى البضائع، كما أن الترغيب في الشراء بالاعتماد على تخفيض الأسعار، ومسابقات التسوق، وغيرها من البرامج التسويقية التي تعتمدها الأسواق التجارية، ينشط حركة الشراء بشكل كبير. وبسبب سوء ثقافة الشراء والتسوق لدى بعض المستهلكين يستغل بعض التجار هوس التسوق وحمى الإسراف وإدمان الشراء والترف الاستهلاكي بزيادة الأسعار خاصة في أسعار الملبوسات كالملابس والأحذية وغيرها والتي تمثل عبئاً اقتصادياً على الاقتصاد الأسري في ظل افتقار للعقلية الاستهلاكية الواعية والرشيدة، فنحن في الحقيقة تنقصنا ثقافة الشراء المبكر فما أن يقترب العيد حتى تبدأ حمى الشراء في الظهور والتي لا تتوقف حتى آخر يومين قبل العيد مما يربك أرباب الأسر ويربك الحركة المرورية ويسبب الاختناقات والزحام في الشوارع والأسواق والمجمعات.
ولتفادي هذه الأزمة السنوية أنه يتحتم على المستهلك أن يكون ملماً بثقافة الشراء التي تعتمد بالدرجة الأولى على التخطيط والتنظيم للعملية الاستهلاكية، ورصد ميزانية مناسبة تغطي الاحتياجات قبل المناسبة بوقت كافٍ، لتتم عملية الشراء باكراً، مع توزيع شراء الاحتياجات على أيام تفادياً لفوضى الازدحام ولضمان التركيز وعدم الدخول في ظاهرة التلاعب ورفع الأسعار التي تظهر بوضوح عند الوصول لوقت الذروة.
ومما لا شك فيه إن معظم الأسر تعتمد على الراتب الشهري في الإنفاق ومن هنا نجد أن التخطيط لتنظيم أمور العائلة الاقتصادية أمر مهم لأن عدم التخطيط قد يجعل خططها تضطرب بلا شك، وبالتالي فمن الضرورة بمكان اتباع خطة شراء ملابس العيد ومستلزماته بفترة من أجل توفير المال والوقت والكثير من الهدر الذي يحصل في الأسواق. يرهق التسوق كواهل الأسر في توفير مستلزماتها الأساسية وما يصاحبها من مستلزمات كمالية، حيث تختفي خطط الادخار عن مخيلة الأسر، ومع غياب ثقافة التسوق الاقتصادي المعتدل والميل إلى السلوك الاستهلاكي المفرط وعدم التفريق بين الرغبات والحاجات، الذي يشاهد في عربات التسوق ويوضحه حجم القوة الشرائية في قطاعات التجزئة كالتغذية والملابس التي قد تستهلك ضعف دخل الأسر تحديداً، مما يرفع وتيرة الإنفاق للأسر نفسها بعيداً عن الثقافة الاستهلاكية الرشيدة المتوازنة. ولا شك أن ثمة عوامل عدة تؤثر في ثقافة التسوق والشراء لدى الأسر من بينها الناحية الاجتماعية كالعادات والتقاليد بدون النـــــظر والأخذ في الاعتبار التخطيط المالي الشخصي وترتيب الأولويات نسبياً، ومع تباين الأسعار واختلاف الخدمات بين تاجر وآخر هناك من يستغل الموسم كفرصة لرفع أسعاره واستنفاد آخر ريال في جيب المواطن - المستهلك -. فمن الواضح أغلبية الأسر متوسطة الدخل تستهلك فوق طاقتها خلال مواسم الأعياد خصوصاً في الجانب الكمالي، ومع غياب ثقافة الشراء المعتدل والمتوخي وتلاشي التخطيط المسبق للشراء فالمســـــتهلك أصبح ضعيفاً أمام إغراءات العروض الترويجية من ناحية وتحديد الأولويات مسبقاً من ناحية أخرى، وبوضوح نحن أمام مشكلة مجتمع استهلاكي موسمــــــياً وبغير موسم وبحاجة إلى مزيد من التوعية والترشيد للتسوق الذكي ليس قبيل المواسم فقط بل طوال العام.