ريو دي جانيرو - (د ب أ)
"لا تبكي يا أبي. في يوم من الأيام سأفوز بكأس العالم من أجلك" ، هكذا قال أسطورة كرة القدم البرازيلي بيليه لوالده في 1950 عندما رأى والده غارقا في البكاء لدى سماعه أنباء فضيحة "ماراكانازو" .
وكان بيليه في العاشرة من عمره عندما خسر المنتخب البرازيلي أمام نظيره الأوروجوياني في المباراة الختامية لبطولة كأس العالم 1950 بالبرازيل رغم أن التعادل كان كافيا ليحرز المنتخب البرازيلي اللقب للمرة الأولى في التاريخ.
وكانت هذه اللحظة شاهدة على بداية تفكير وإصرار بيليه على الفوز بأول ألقاب البرازيل في كأس العالم وذلك قبل فترة طويلة من عام 1958 .
كان الأمر قبل ثمانية أعوام، عندما سقط منتخب السامبا في قلب ملعبه الأسطوري "ماراكانا" أمام أوروجواي 1/2 في نهائي مونديال 1950 .
ويتذكر "الملك" الذي لا يزال غير قادر حتى الآن على كبح دموعه عندما يتذكر الأمر "لا زلت أحتفظ حتى اليوم بالمذياع الذي تابع عبره أبي المباراة... كان يبكي أمام الجهاز الذي يعلن الهزيمة... عانقته بقوة وقلت له: لا تبكي يا أبي. في يوم من الأيام سأفوز بكأس العالم من أجلك".
وجاءت فرصة الوفاء بالوعد أسرع مما كان منتظرا. ففي سن السابعة عشرة فحسب كان بيليه لاعبا معروفا ومحبوبا في البرازيل.
ومع ذلك ، كان المراهق قريبا من الاستبعاد من المنتخب قبل قليل من انطلاق كأس العالم ، وذلك بعد إصابته خلال إحدى المباريات استعدادا للبطولة أمام كورينثيانز، وطلب من المدير الفني فيولا ألا يحمله إلى السويد.
ويتذكر "كنت أتصور أنني ربما أشغل مكان لاعب قد يكون أكثر فائدة للفريق ، لكن طبيب المنتخب هيلتون جوسلينج والمعد البدني ماريو أمريكو راهنا على قدرتي على التعافي".
وإلى جانب أعضاء الجهاز الفني، تحمل اللاعبون المخضرمون في المنتخب الوطني مثل نيلتون سانتوس وديدي مهمة دعم بيليه في السويد. ويوضح اللاعب السابق "ديدي كان بمثابة شقيق أكبر بالنسبة لي. أنا مدين له بالكثير".
وبسبب إصابته، بدأ بيليه البطولة من على مقاعد البدلاء، مثل أغلب اللاعبين السود الذين استدعاهم فيولا، بما في ذلك الأسطورة جارينشا.
فعقب الفشل في بطولتي 1950 و1954 ، دار تقرير داخل الاتحاد البرازيلي للرياضات يوصي بعدم ضم اللاعبين السود إلى الفريق الذي يشارك في بطولة السويد.
وكان "الخبراء" الذين استطلع الاتحاد رأيهم يرون أن السود سيكونون أكثر اشتياقا لبلادهم، ولن يتمكنوا من السيطرة على مشاعرهم في المواقف الصعبة ولن يتأقلموا جيدا على برد أوروبا.
وحتى اليوم ، ليس معروفا إذا ما كان لذلك التقرير تأثير ساعة تحديد التشكيل الأساسي، لكن الفريق البرازيلي الذي فاز في الافتتاح على النمسا 3/صفر لم يكن يضم سوى لاعبين اثنين من ذوي البشرة السمراء، وسرعان ما تغير التشكيل في أعقاب تعادل الفريق سلبيا أمام إنجلترا، في أول تعادل في تاريخ كأس العالم.
حينها أضاء "النور الأحمر" محذرا، وقبل المدير الفني فيولا إجراء تعديلات على الفريق.
وفي 15 يونيو 1958 بدأت البرازيل مباراتها أمام منتخب الاتحاد السوفيتي القوي بجارينشا وزيتو بدلا من دينو وجويل على الترتيب، ومع الشاب، المجهول تقريبا، بيليه بدلا من مازولا. وهناك بدأ يحصد اللقب.
بعد أربعة أيام ، سجل بيليه أول أهدافه في كأس العالم ليقود فريقه نحو الفوز على ويلز 1/صفر ويتأهل الفريق إلى الدور قبل النهائي.
ويتذكر "الملك" الذي يبلغ الآن /77 عاما/ أنه حتى ذلك الحين لم تكن البرازيل بين المرشحين للفوز بكأس العالم في السويد ، التي كان المرشحون للفوز بها الفرنسيون بقيادة جوست فونتين.
ولا يزال فونتين حتى الآن أكثر اللاعبين إحرازا للأهداف في بطولة واحدة من بطولات كأس العالم برصيد 13 هدفا سجلها في ملاعب السويد.
فضلا عن ذلك ، فإن تاريخ كأس العالم -سواء قبل السويد أو بعدها- قد خلق أسطورة أن البطولات التي تقام في أوروبا تفوز بها منتخبات القارة العجوز، التي يتوائم أسلوب لعبها بصورة أكبر مع الملاعب المحلية.
ويقول بيليه "كان المرشحون الأقوى هم بالطبع الأوروبيون ، ولكن ذلك الفريق البرازيلي كان يضم بعضا من أفضل اللاعبين على مر العصور مثل جيلمار ودجالما سانتوس وأورلاندو وبيليني ونيلتون سانتوس وزيتو وديدي وجارينشا وفافا وزاجالو وأنا".
كما يتذكر "الملك" أنه في ذلك الحين لم تكن فكرة "التجسس" المتاحة حاليا تسمح للمديرين الفنيين بتحديد الخطة التي سيخوضون بها كل مباراة بشكل مسبق تبعا لطريقة أداء الفريق المنافس.
ويرى بيليه ، أنه عندما وصلت البرازيل إلى ملعب سالونا في ستوكهولم لخوض المباراة النهائية أمام أصحاب الأرض، كان اللاعبون والمدرب فيولا يجهلون نقاط القوة والضعف في صفوف المنافس.
ويؤكد "أكثر المعلومات التي كان يمكن التوصل إليه حول المنافسين، هي إذا ما كانوا يلعبون أكثر بصورة دفاعية أو هجومية. لم تكن هناك تسجيلات فيديو أو بث بالقمر الصناعي أو دراسات إحصائية. كان لدينا فقط مهارة ديدي وجارينشا ونيلتون وسانتوس وبيليه. وتلك المهارات كانت كافية لكي نحصد أول لقب في كأس العالم".