مسقط -
يأتي العيد السعيد بمظاهر عديدة، تتجلى فيها فرحة الناس، الذين انتهوا من صيام شهر رمضان الكريم، وكونه مناسبة عامة فإن العادات المصاحبة له ترتبط بشكل وثيق بالثقافة الاستهلاكية، التي يجب أن تكون مغروسة في نفوس الجميع لتظهر على شكل سلوكيات سليمة.
«المستهلك» تسلط الضوء لهذا الأسبوع عبر آراء مختصين ومستهلكين على بعض العادات الاستهلاكية المرتبطة بالعيد السعيد، ومدى قدرة المستهلكين على التوازن بين ما يملكونه من مبالغ، وما ينبغي لهم شراؤه لتكتمل فرحتهم بالعيد.
وبداية، يقول حمود الحراصي -مستهلك: إن العيد يحمل معه أيام الفرح والسعادة ليشعر بها الإنسان، وهو فرصة ربانية ليشعر فيها المؤمن بأنه أدى العبادات وفاز برضى الله تعالى، ففيه يرتدي الناس أفضل الملابس ويجتهدون للظهور بأفضل صورة للتعبير عن فرحتهم سواء كانوا كباراً أو صغاراً، فإظهار هذا السرور في الأعياد شعيرة من شعائر هذا الدين.
ويضيف: كي يشعر المرء بفرحة العيد هناك الكثير من العادات التي يجب ألا تكون موجودة خلال أيام العيد مثل المبالغة والإسراف في شراء الحاجيات فوق طاقة الشخص مثل الكماليات التي قد لا يستخدمها بعد ذلك وكذلك الإسراف في ذبائح العيد التي يتكبد بها رب الأسرة مبالغ طائلة وديون.
من جانبه يتحدث المستهلك حميد العامري عن الذبح في العيد، قائلاً: إن هذا الأمر قد يرهق ميزانية رب الأسرة لشهور عدة، تجعله أحياناً يقترض لشراء الذبيحة، ليصبح الدين عائقا في حياته.
ويضيف: نجد أن معظم الناس انتهجت هذا النهج الخاطئ رغم أن الدين الإسلامي دين يسر وليس دين عسر، وقصة سيدنا إبراهيم خير مثال لنا فرب العالمين قادر على أن ينزل عليه جملا كبيرا أو ثورا عملاقا، لكنه أنزل كبشًا ليكون درسا لنا ولغيرنا من الأمم، وللأسف نحن نشاهد الأمر في سوق هبطة العيد يتكرر كل سنة بذلك المشهد الذي ترتفع فيه أسعار الأبقار والمواشي إلى مستويات قياسية لا يستطيع عليها أي فرد.
ويؤكد العامري أن الهيئة العامة لحماية المستهلك قائمة بدورها الكبير في هذا الجانب من حيث التوعوية والرقابة إلا أن هذا الأمر ينبغي أن يكون ثقافة استهلاكية تنبع من قناعة من المستهلك نفسه بأن العيد ليس للتبذير أو التباهي وإنما هو فرحة تتجلى في البساطة بأجمل معانيها.
شراء ألعاب الأطفال
أما المستهلك بدر الراشدي فتناول قضية مهمة مرتبطة بالعيد هي ألعاب الأطفال وكيفية اختيارها حيث يقول: لا نختلف على أهمية الألعاب بالنسبة للأطفال، فهي تساعدهم على تنمية مهاراتهم الحركية والعقلية والاجتماعية، وتزداد الحاجة لها في أيام الأعياد، كونها أيام فرح ولعب وبهجة، لكن كثرة استهلاك الألعاب خلال فترة العيد، فإنه تلاحظ وجود بعض التجار والمزودين ممن يبيعون الألعاب دون مراعاة لقواعد العمر والسلامة، سعياً للكسب السريع واستغلالاً لزيادة المبيعات مما يتوجب عليه تنبيه الآباء والأمهات لهذا الأمر، وتوجيه أبنائهم بطرق تربوية سليمة لعدم الوقوع في فخ الشركات والإعلانات التجارية، وشراء الألعاب حسب احتياجات الطفل وحسب العمر، فألعاب طفل السنة الثامنة والتاسعة لا تنفع طفل الثانية والثالثة، والعكس كذلك، كما أن احتياجات كل طفل تختلف والمهارات التي يكتسبها من اللعبة تختلف، لذلك ينبغي التركيز على ما ينفع الطفل ويوجه مهاراته ويسد احتياجاته بشكل صحيح.
ويوضح الراشدي: في الأعياد ينبغي على أولياء الأمور تجنب الألعاب الرخيصة التي ينشط بعض الباعة في ترويجها، مثل ألعاب العنف والمسدسات التي قد تكون خطرة، لأنها لا تناسب الأطفال تحت عمر العاشرة، كما أن الألعاب التي تحتوي على قطع صغيرة لا تناسب الأطفال تحت سن الثالثة، في المقابل هناك ألعاب تنمي العقل مثل ألعاب الذكاء والألغاز، وألعاب تنمية مهارات الحركة والتفكير مثل ألعاب الفك والتركيب بمختلف أنواعها.
أما د.محمد بن سيف السيابي -مختص تغذية في المستشفى السلطاني- فيقول: إن جسم الصائم في شهر رمضان اعتاد على نمط غذائي محدد، وفي مواعيد محددة مغايرة لما اعتاده في بقية أيام السنة، ومع انتهاء شهر رمضان يأتي العيد الذي تكثر فيه الزيارات العائلية وبالتالي تكثر المأكولات وخاصة الحلويات واللحوم.
ويضيف: بعد شهر رمضان يحتاج الصائم لتهيئة معدته حتى يعود إلى روتينه اليومي وخصوصًا في الأيام التي تلي شهر رمضان مباشرة -فترة العيد- ففي صبيحة أول أيام العيد اعتاد الناس على أكل بعض الوجبات التقليدية مثل العرسية والهريس والقبولي، وكذلك الحلويات واللحوم، ومن الضروري تعويد الجهاز الهضمي بالتدرج على هضم الطعام في الصباح. كذلك ينبغي للإنسان أن يعتدل في أكله وألا يكثر من تناول الأطعمة الدسمة التي قد تسبب له اضطرابات في الجهاز الهضمي. بالإضافة إلى ذلك لابد وأن تكون كميات الأكل خفيفة، حيث يُراعى الإكثار من تناول الفواكه والخضروات والتقليل من شرب القهوة التي قد تسبب حموضة في المعدة.
وتؤكد مديرة دائرة الإعلام بالهيئة العامة لحماية المستهلك عايدة بنت عيسى الزدجالية أن الهيئة تولي التوعية بالثقافة الاستهلاكية الصحيحة أهمية كبيرة سواء في أيام الأعياد والمناسبات أو بقية أيام السنة، جنبًا إلى جنب مع جهودها التفتيشية والرقابية في الميدان من خلال المحاضرات والندوات والحملات الإعلامية إلى جانب استثمار وسائل التواصل الاجتماعي في إيصال رسائل توعوية مهمة للمستهلكين.
وتضيف الزدجالية أن التفاعل مع ما تقوم به الهيئة في هذا الجانب واضح وملموس إذ قلت بعض المظاهر والعادات الخاطئة في المناسبات وبدأت الثقافة الاستهلاكية تظهر بصورة كبيرة على سلوكيات الناس سواء من خلال الشراء أو الاستهلاك.
وتنصح الزدجالية المستهلكين بعدم الانخداع ببعض الإعلانات البراقة التي تصوّر العيد وكأنه فرصة للتباهي والإسراف، والتأكد أن في العيد مظاهر فرح كثيرة تغني عن كل ذلك.