أسماء الله الحسنى: «الحفيظ»

بلادنا الثلاثاء ١٢/يونيو/٢٠١٨ ٠٣:٣٦ ص

إعداد - زكي بن محمد الرمحي

الحفيظ هو اسم من أسماء الله الحسنى، البالغ عددها تسعة وتسعون اسماً، وقد لا نحاول الإبحار في معاجم اللغة بحثاً عن معنى اسم الحفيظ، فالقارئ البسيط الذي يمتلك أدنى مستويات الثقافة العامة يُدرك معناه، بل يحاول اجتهاداً أن يفسره، ويعطي شرحاً له، وإننا في معظم الأحوال نستعمل هذا الاسم العظيم، أو معانيه ومرادفاته، فكثيراً ما نقول: «في حفظ الله»، أو «الله الحافظ» أو «حفظكم الله» أو «يحفظكم الرحمن» أو «مع السلامة»، أو «رافقتكم السلامة» أو غيرها من العبارات الدالة إن لم تكن في اللفظ فهي دالة لفظاً ومعنى.

قد يكون المرء حامياً حافظاً لِنفسه أو لِما هو في حدود قدرته واستطاعته، وحدود إمكانياته المحدودة البسيطة، وأقول قد التي تُفيد الشك، على أننا على يقين تام بأن قدرة البشر قاصرة ناقصة عاجزة عن الحماية والحفظ دون إرادة الله وقوته ومشيئته، فما تملكه من متاع الدنيا كحاجاتك الشخصية أو ما تملكه من بيت ومال وأولاد وغيرها، تعتقد أنك تحفظه من كل سوء ومكروه كون تلك الحاجات أمام ناظريك، وبالقرب منك، وفي حدود مملكتك، وأنك المسيطر عليها والمستحوذ، وقد نقبل ذلك الاعتقاد، أو نتجاوزه جزافاً، لكن... ماذا عما توفره أنت من حماية وحفظ لما تملكه وهو بعيد عنك، خارج إطار سلطتك وبعيد عن ناظريك؟!
هنا ربما اتضحت أكثر صورة اسم الحفيظ، فإرادته وقوته ومشيئته تفوق وتتجاوز طاقة البشر التي كما ذكرت أنها قاصرة عاجزة ناقصة، أمام قدرة الله جلّ جلاله، فعندما نخرج من بيوتنا مسافرين مودعين أهلينا وأولادنا نقول لهم: نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، لأننا نعلم أن الله هو الحفيظ من كل سوء ومكروه، وهو الحفيظ في كل وقت وحين، وهو الحفيظ في كل مكان، وهو الحفيظ كيفما كان، إنما نحن نأخذ بأسباب الحفظ والرعاية والحماية، ونُوكِلُ الأمر إليه سبحانه وتعالى ندعوه بل ونرجوه أن يحفظ من نستودعهم إياه، موقنين استحالة فقدان أو ضياع أو تلف ما استودعناه عند الله، وحاشا الله عن أن يُضيّع الودائع لديه.
إن أثر هذا الاسم العظيم يمتد لكل شيء في الوجود، بدءا من حفظ الوجود ذاته، فالحفيظ حافظ للكون بكل مكوناته، وهو يحفظه في اتزان عجيب بين الزيادة والنقصان، فالمتمعن في هذا الاسم يجد العجب العجاب في مدى تأثيره على الكون بأسره، فلو أمعنا النظر، وأطلقنا العنان للفكر أن يُبحر في عجائب قدرته تعالى، لوجد أن هذا الكون يسير وفقاً لنظام خاص دقيق بكل جزئياته الدقيقة، وما ذلك إلا حفظاً منه سبحانه تعالى، بحيث يبقى على توازن دائم، فهذا البحر رغم اتساعه، وبالرغم من كثرة نزول الأمطار بكميات كثيرة يبقى مقياسه ثابتا، وكمياته مقدرة لا زيادة ولا نقصان، وهنا تتجلى صورة الحفيظ الذي يحافظ على الكون من الانهيار أو الغرق.

المصدر: عدة مصادر بتصرف