صحافة حرة ومهنية

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٠/يونيو/٢٠١٨ ٠٣:٤٥ ص

غولنوزا سايد

خلال السنـة الأولى والنصف التي قضاها في منصبه، جعل الرئيس الأوزبكي شافكت ميرزيوييف حرية الصحافة من أولويات جدول أعماله الإصلاحي. بعد 27 سنة من الرقابة والحكم الحديدي على يد الراحل إسلام كريموف، أصبحت وسائل الإعلام الأوزبكية أكثر حرية من أي وقت مضى.

لكن المزيد من التقدم سيعتمد على أكثر من مجرد وعود من رئيس ذو توجهات إصلاحية، بما في ذلك إنهاء المضايقات والترهيب والاحتجاز الذي عانى على إثرها العديد من الصحفيين في البلاد لعقود. وسيعني ذلك تقديم تعويضات لأولئك الذين عانوا أكثر من غيرهم، بمن فيهم يوسف روزيمورادوف ومحمد بيكيانوف، الصحفيين السجينين لأطول مدة في العالم.

وفي 15 مارس 1999، اعتُقل روزيمورادوف وبيكيانوف بينما كانا يعملان لحساب صحيفة إرك، وهي صحيفة معارضة أوزبكية مقرها في كييف، أوكرانيا. كان روزيمرادوف مراسلاً للصحيفة وكان بيكيانوف رئيس تحريرها. وبعد اعتقالهما، تعرضاً للتعذيب والتسليم إلى أوزبكستان، حيث حُكم عليهما بالسجن بتهم ملفقة وتوزيع صحيفة محظورة والتخطيط لقلب الحكومة، وهذا غير صحيح.
وبينما كان العالم يتابع قضية بيكيانوف عن كثب، ظل مصير روزيمورادوف غامضاً خلال معظم فترة سجنه. كانت منظمتنا، لجنة حماية الصحفيين (CPJ)، على علم باعتقاله، لكن في السنوات الأخيرة لم يكن بإمكانها تأكيد مكان سجنه أو الاضطلاع على حالته الصحية. في كل عام، قمنا بتضمينه في إحصائنا السنوي للصحفيين المسجونين، لكن محاولات التحقق من وضعه كانت تقابل دوماً بصمت.
طوال فترة حكم كريموف الاستبدادية، لم تؤد المناصرة الدولية للصحفيين السجناء إلا أي نتائج إيجابية. وقد عرف الرئيس بمعاقبة المعارضين بقسوة، كما أشرف شخصياً على اعتقال منتقديه، بمن فيهم أفراد من عائلته. لكن وفاة كريموف، في سبتمبر 2016، كان فرصة للتغيير.
في يناير 2017، كتبت لجنة حماية الصحفيين رسالة مفتوحة تحث فيها الرئيس الجديد للبلاد على إطلاق سراح جميع الصحفيين الذين احتجزهم سلفه؛ وشملت قائمتنا بيكيانوف وروزيمورادوف. وفي الشهر التالي، تم إطلاق سراح بيكانوف. وفي فبراير 2018، تم إطلاق سراح روزيمورادوف أيضا.
لقد تحدثتُ مؤخراً مع روزيمورادوف حول فترة سجنه. إنه الآن يبلغ من العمر 53 سنة، ويقول إنه يريد العودة إلى الصحافة يوماً ما. لكن في الوقت الحالي، يحاول التعافي من الصدمة الذي تعرض لها في السجن. لا تزال حالته الصحية ضعيفة. خلال فترة احتجازه التي استمرت 19 عاماً، أُجبر على نقل ملايين من الطوب كجزء من عقوبته. وكثيراً ما أضرب عن الطعام احتجاجاً على احتجازه، ولا يزال يعاني من مضاعفات مرض السل الحاد. وعلى الرغم من أنه ظاهريا رجل حر، إلا أن الحكومة تواصل تقييد حريته.
على الرغم من أن ميرزيوييف قد اتخذ بعض الخطوات الجادة لتحسين سجل حقوق الإنسان في البلاد، إلا أنه يتبع سياسات سلفه تجاه الصحفيين. وقد وصف بعض النشطاء الصحافة بـ «الباب الدوار» لظلم أوزبكستان. على سبيل المثال، قبل بضعة أشهر من إطلاق سراح روزيمورادوف، تم اعتقال صحفيين آخرين بسبب أنشطتهما المناهضة للدولة. وقد اتُهم بوبومورود عبد اللهيف وهايوت نصر الدينوف، وهما صحفيان مستقلان، «بالتآمر للإطاحة بالنظام الدستوري».
ولحسن الحظ، تم إطلاق سراح الصحفيين الشهر الفائت، بعد أن أسقطت المحكمة التهم الأكثر خطورة عنهما. لقد كانت حالة بارزة في بلد غير معتاد على الأحكام القضائية لصالح الصحفيين. مع هذا التغيير الإيجابي، أصبح الوضع أكثر تفاؤلاً من أي وقت مضى حيث أن ميرزيوييف ملتزم بمساعدة أوزبكستان على التقدم. ووفقا للبحث الذي أجريناه، وللمرة الأولى منذ عقدين، لا يوجد صحفيون وراء القضبان في أوزبكستان.
ومع ذلك، لا ينبغي أبداً أن يكون عدد الصحفيين في السجن هو مقياس التزام بلد ما بحرية الصحافة. يجب على السلطات الآن التأكد من أن الصحفيين يمكنهم القيام بعملهم دون خوف من الانتقام. ومن شأن الاعتذار الرسمي لأولئك الذين تم سجنهم أن يرسل إشارة واضحة إلى الجميع.

إن من شأن الإصلاحات أن تساعد كذلك. وقد أنفق كل من روزيمرادوف وبيكيانوف ثروة صغيرة على الرعاية الصحية منذ إطلاق سراحهما، وذلك بسبب الأضرار النفسية والجسدية التي لحقت بهما قرابة عقدين من الزمن في السجن. ويتنقل بيكيانوف أيضا في حقل ألغام بيروقراطي بينما يحاول جاهدا استعادة ممتلكاته التي تمت مصادرتها منه بعد إدانته. إذا كانت وعود ميرزيوييف التزامات غير فارغة، فعليه أن يضمن عدم تعرض أي صحافي آخر للمظالم التي تعرض لها هذان الصحفيان. وبالنسبة لأوزبكستان، يجب الإخبار عن قصتهما لكي لا تتكرر أبداً.

باحثة مشاركة في شؤون أوروبا وآسيا الوسطى في

لجنة حماية الصحفيين ومقرها نيويورك.