محنة زواج الأطفال

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٥/يونيو/٢٠١٨ ٠٣:٠٧ ص

هنريتا ه. فور-نتاليا كانم- مابيل فان أورانج

إن التكاليف البشرية لزواج الأطفال معروفة جيداً ففي جميع أنحاء العالم عادة ما تكون العرائس القاصرات أقل تعليماً وأكثر فقراً واكثر عرضة للعنف الجنسي مقارنة بالنساء اللواتي يتزوجن لاحقاً في الحياة ولكن عندما يتم إضافة التأثير الاقتصادي لزواج القاصرات إلى هذه النتيجة المروعة فتظهر أمامنا تكلفة كبيرة للغاية.

ووفقاً للمركز الدولي للبحوث المتعلقة بالمرأة والبنك الدولي، فإن إنهاء ممارسة زواج الأطفال من شأنه أن يوفر بلايين الدولارات من نفقات الرعاية السنوية مما يؤدي إلى تحقيق وفورات عالمية تزيد عن 4 تريليونات دولار بحلول العام 2030 وببساطة، لا يمكن للعالم أن يتحمل تكلفة السماح لزواج الأطفال بالاستمرار.

لقد أدركت العديد من الحكومات ذلك بالفعل ففي إندونيسيا، على سبيل المثال والتي تعاني من التأثير الاقتصادي السلبي لزواج الأطفال على توقعات النمو على المدى الطويل، تعهد الرئيس الأندونيسي جوكو ويدودو بحظر هذه الممارسة حيث يعتبر هذا تعهداً كبيراً في بلد تتزوج فيه 14٪ من الفتيات قبل عيد ميلادهن الثامن عشر.
ولكن في معظم البلدان التي شهدت انتشاراً في نسب زواج الأطفال، لا يحدث التغير فيها بالسرعة الكافية وبينما تمت مناقشة الإستراتيجيات وذلك من بنغلاديش وحتى زامبيا، فإن تمويل البرامج التي نجحت في تخفيض معدلات زواج الأطفال - مثل تحسين حصول الفتيات على الرعاية الصحية والتعليم والتدريب الوظيفي - لا يزال غير كافٍ علما انه لو اردنا أن يكون إنهاء زواج الأطفال أكثر من مجرد نقطة للحديث السياسي، يتوجب علينا أن ندعم الإستراتيجيات الشاملة وذلك من خلال الالتزامات المالية.
ولا شك بأن تحدي زواج الأطفال يعتبر تحدياً كبيراً واليوم، تقريبا تتزوج واحدة من بين كل خمس فتيات في جميع أنحاء العالم إما بشكل رسمي أو غير رسمي قبل بلوغهن سن الـ 18 عاماً حيث تصبح معظم هؤلاء الفتيات أمهات قبل بلوغهن سن الرشد وفي النيجر، التي تتمتع بأعلى معدل زواج للأطفال في العالم، تتزوج 76٪ من الفتيات قبل أن يتمكنوا من التصويت وحيثما يحدث زواج الأطفال، غالباً لا يكون للفتيات أي رأي في اتخاذ القرار.
والخبر السار هو أنه لم يكن هناك وقت أفضل من الوقت الحالي للتعامل مع هذه الظاهرة العالمية حيث مع اتضاح التكاليف الاقتصادية لزواج الأطفال، بدأت الحكومات في العالم النامي بمعالجة هذه المسألة بإلحاح أكبر ومن اجل قلب الموازين، يجب أن تنضم الدول الغنية كذلك لهذه المعركة وفرصتهم المقبلة من أجل الدخول في هذه المعركة قد أصبحت قريبة جدا.
في 31 مايو، عقد وزراء المالية والتنمية في مجموعة الدول الصناعية السبع أول اجتماع ضمن سلسلة من الاجتماعات في كندا لمناقشة كيفية مشاركة النمو الاقتصادي بشكل أكثر إنصافاً وسوف تمهد هذه الاجتماعات الطريق لإجراء مناقشات أوسع نطاقاً في الأسبوع المقبل عندما يستضيف رئيس الوزراء الكندي جستين ترودو قمة مجموعة السبع.
لقد تعهد ترودو بالفعل بجعل مسألة المساواة بين الجنسين موضوعا رئيسيا في اجتماع هذا العام ونحن بالتأكيد نرحب بتركيزه لكننا ندرك أيضا أنه ما لم يدعم وزراء مجموعة السبع أقوالهم بتمويل مخصص لهذه الغاية، فإن هذه التعهدات النبيلة للقمة لن تكون كافية وسوف يظل الأطفال في كل مكان يعانون من ظلم الزواج المبكر.
إن إنهاء زواج الأطفال يتطلب الطموح والإبداع والمال لكن هذه مجرد بداية فالحلول المستهدفة ضرورية وفي حين أن التعليم أمر حاسم لمستقبل الفتيات، فإن بناء المدارس ودفع الأموال للمعلمين لن يكون كافياً، ولكي تتمتع الفتيات بالتمكين الكامل، فهن بحاجة للحصول على تعليم آمن وجيد يمنحهن الثقة والمهارات اللازمة لبناء مستقبلهن، وتحقيق النجاح علما أن تحقيق ذلك يتطلب مشاركة طويلة المدى.
إذا كانت أغنى البلدان في العالم مستعدة لوضع هذه المسألة على قمة أولوياتها، فسوف تكون الأرباح كبيرة فعلى سبيل المثال، يقدر البنك الدولي أنه إذا تمكنت النيجر من حظر زواج الأطفال، فسوف تحقق وفورات سنوية في مجال الرعاية الاجتماعية تصل لحوالي 1.7 بليون دولار ويمكن لبنجلاديش أن تحقق 4.8 بليون دولار إضافية من الدخل السنوي والإنتاجية وسوف يصل مجموع مدخرات الرفاه الاجتماعي في نيجيريا إلى 7.6 بليون دولار.
لقد بدأت الحكومات في القيام بخطوات واسعة في خفض معدلات زواج الأطفال وفي الواقع، فإن عدد الفتيات المتزوجات كأطفال في كل عام آخذ في الانخفاض ولسوء الحظ، يحدث التغيير ببطء شديد فإذا لم يعمل العالم على تسريع التقدم وزيادة الاستثمارات، فإن النمو السكاني السريع سوف يؤثر سلبا على المكاسب الحالية مما يزيد من نسبة العرائس القاصرات مرة أخرى.
يمكن للفتيات تغيير العالم ولكن في الوقت الراهن، تحدّ الظروف التي هي خارجة عن سيطرتهن من إمكاناتهن وعندما يجتمع وزراء مجموعة الدول الصناعية السبع، فإن أحد المواضيع التي سوف يبحثون فيها هي «الاستثمار في النمو الذي يناسب الجميع». ومن وجهة نظرنا، فإن أفضل طريقة لترجمة ذلك الهدف إلى الواقع هو معالجة مرض اجتماعي يولد تكاليف باهظة لا تتحملها الفتيات فقط.

هنريتا هـ. فور: المديرة التنفيذية لليونيسيف

ناتاليا كانم: المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان

مابيل فان أورانج: رئيسة مجلس أمناء الفتيات وليس العرائس