تعلموا من «سيباستيان»..

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٥/يونيو/٢٠١٨ ٠٢:٥٥ ص
تعلموا من 

«سيباستيان»..

د. لميس ضيف

(Saturn) هي أحد أهم سلسلة محلات للإلكترونيات في ألمانيا. ولها مع أحد الزبائن قصة عجيبة.

ففي العام 2012، واحتفالا بافتتاح الفرع رقم 150 في ألمانيا، قررت الشركة منح شخص واحد جائزة مبتكرة: الدخول للمحل لمدة 150 ثانية والتقاط ما يريده دون مقابل بطبيعة الحال.
سجل الآلاف للسحب عبر الفيسبوك. وفاز «سيباستيان» وهو شاب في الـ27 من عمره بتلك الفرصة.
دخل الشاب المحل وسط تشجيع الناس. واستطاع خلال تلك الدقيقتين، وبتركيز عال، أن يخرج هواتف محمولة وتلفزيونات وأجهزة حاسوب بل وتمكن -وسط دهشة الحضور- من سحب ثلاجة للخارج!
في دقيقتين فقط، استطاع هذا الشاب جمع أجهزة بقيمة 29 ألف يورو وسحبها من المتجر. وهو ما فاق توقعات القائمين على المسابقة بأضعاف مضاعفة فقد توقعوا، ومع متجر بهذه الضخامة، أن يخرج أي شخص في نافذة زمنية كهذا بغرضين أو ثلاثة على الأكثر!
عندما سألوا سيباستيان عن ذلك الإنجاز قال «نجحت استراتيجيتي».
فقد جاء للمحل قبل اليوم المشهود. وخطط لما يريد وحدد أماكن البضائع الثمينة ورسم خريطة لكيفية استخراجها. لقد رسم خطة محكمة. ولم يرم بنفسه في حضن عشوائية اللحظة وكانت هذه هي النتيجة.

  
الفرق بين وجود الاستراتيجية وبين الحياة بعشوائية، هو الفرق بين موظف يفطر في بيته، ويدخل مكتبه لينجز ما عليه ويكون لديه وقت بعدها لأداء مهماته الخاصة دون أن يربك عمله، وبين زميله الذي يخلط مهمات العمل بمهماته، ويقتطع ساعة للفطور ونصف ساعة للتحايا ويقفز بين المكاتب متبادلا أطراف الحديث مع هذا وذاك فينتهي اليوم دون مردود حقيقي.

الفرق بين التنظيم والفوضى هو الفرق بين امرأة، في رمضان على سبيل المثال الذي نحن فيه، تدخل المطبخ وقد جهزت ما تحتاج وقررت ما ستطبخه فتنهي كل ما تريده بخفة وتعود للراحة أو للعبادة وبين أخرى تقلب القنوات بحثا عن وصفات ثم تقرر شراء مكوناتها وتغيّر خطتها كل ساعة فتهلك نفسها دون إنجاز الكثير أيضا.
وهـو الفرق كذلك بين طالب يعرف متى يدرس وكيف، وآخر يدرس في لحظات القلق ولا يحقق مراده من ذلك.
لكل من على هذه الأرض قدرات، بعضها خارق أيضا، ولكن التنفيذ دون تخطيط والضرب في الأرض ليحدد المسير الطريق خطأ أراق مواهب وطاقات لا تعد. وكلكم يرى حوله دلائل ما نقول.

lameesdhaif@gmail.com