مسقط – طارق الحرمي
أعرب أولياء أمور الأطفال الذي يعانون من مرض التوحد والنشطاء في هذا المجال عن قلقهم إزاء جودة الخدمات المقدمة في السلطنة لهذه الفئة وطالبوا الجهات المعنية بوضع خطط استراتيجية لحل مشكلاتهم وخلال لقاء جمع مؤخرا بين وزارات الصحة والتربية والتعليم والقوى العاملة والتنمية الاجتماعية والنشطاء والآباء وذلك بمقر مجلس الشورى، حيث طرحت كل الأطراف وجهات نظرها حول مرض التوحد في السلطنة والحلول الممكنة له .
وقال هلال بن محمد العبري من وزارة التنمية الاجتماعية أثناء اللقاء: إن الجهات المختصة اتخذت خطوات جادة لتحسين حقوق المعاقين، وتشمل خدمات إعادة التأهيل في مجال التربية الخاصة والتأهيل الوظيفي وعلاج النطق وتقديم المشورة في هذا المجال ، وأضاف أنه في الوقت الراهن هناك 300 طفل معاق ملتحقون بمراكز إعادة التأهيل وهناك 153 حالة على قائمة الانتظار، وأشار إلى أنه سيتم إنشاء مراكز إعادة تأهيل جديدة في كل من صلالة وصحار ومسقط وذلك بدعم من القطاع الخاص.
من ناحية أخرى قال العبري إن المناهج الدراسية في المدارس الحكومية لا تلبي في الوقت الحاضر احتياجات مرضى التوحد، وأن هناك «ضعفا» في التشخيص المبكر للأطفال وأنه لا توجد مراكز لإعادة التأهيل للأطفال، وأضاف أن هناك عجزا في الموظفين المتخصصين ونقصا في الموارد المالية اللازمة لتحسين الخدمات ، ومن أجل تحسين مرافق إعادة التأهيل والتعليم ستعمل الوزارة على توفير المزيد من الموارد المالية وجلب موظفين من الخارج للمساعدة على توسيع تلك المرافق.
وبحسب مستشارة الصحة التنموية للأطفال بمستشفى جامعة السلطان قابوس د. وطفاء بنت سعيد المعمرية إنه توجد زيادة في معدل انتشار مرض التوحد بين الأطفال العمانيين: 8.5 من بين كل 100,000 طفل في العام 2015، مقارنة بـ 6.4 من بين كل 100,000 طفل في العام 2014.
تحسين الخدمات
من جانبه أشار مدير الجمعية العمانية للتوحد يحيى بن محمد الفارسي خلال اللقاء إلى أن النظام الصحي بالسلطنة لا يستطيع اكتشاف أكثر من حالة واحدة من بين كل عشر حالات لمرض التوحد.
فيما قال عضو مجلس الشورى هلال الصارمي إنه سيتم تدريب العاملين في مجال الصحة على مرض التوحد وأنه سيتم بناء المزيد من مراكز إعادة التأهيل في السلطنة، ولكن نقص الموارد المالية يجعل ذلك صعبا. «المنشآت الموجودة الآن ليست سيئة، ولكنها ليست كافية ، وفي الفترة المقبلة سنطلب المزيد من الموارد لتوسيع الخدمات». وأضاف الصارمي: أن وزارة الصحة ستجلب خبراء من الخارج للمساعدة على تحسين الخدمات المقدمة لهذه الفئة ، وقال إن هناك استراتيجية وطنية للمعاقين، ولكن كل نوع من أنواع الإعاقة يستحق اهتماما خاصا.
من جهته قال عضو مجلس إدارة الجمعية العمانية للتوحد، خالد المالكي: إن اللقاء كان «مفيدا»، ولكن الجهات الحكومية أخفقت في الخروج باستراتيجية واضحة في إطار زمني محدد ، فالخدمات الكاملة ذات الجودة العالية ستضمن حياة أفضل لمن يعانون من التوحد ، ومن أجل تحقيق هذا الهدف، نحن بحاجة إلى المزيد من الدعم والمزيد من الأموال أكثر من أي وقت مضى، وليس مجرد الكلام. لابد من تنفيذ هذا في أسرع وقت ممكن.
أما عضو مجلس الشورى محمد البوسعيدي فقال إنه من الصعب تنفيذ استراتيجية حول مرض التوحد ، صحيح أنه لدينا استراتيجيات، ولكننا نواجه صعوبات في تنفيذها. وأضاف أن مجلس الشورى سيقوم بإعداد تقرير نهائي وستكون هناك لجان تتابع التقدم في هذا الشأن.
لبنى الكندي وهي إحدى الأمهات سألت لجنة المناقشة خلال اللقاء في مجلس الشورى، قائلة: «الأطفال الذين يعانون من التوحد يمتلكون مواهب استثنائية، ربما أكثر من الأطفال العاديين. فلماذا لا يتم النظر في هذه المواهب وتطويرها لديهم؟»
لقاء مع أولياء الأمور
مؤسس ومنسق فريق الجمعية العمانية للغواصين المعاقين طارق الخابوري نظم لقاء مع أولياء أمور الأطفال الذين يعانون من مرض التوحد والذين ذكروا أن الحصول على الدعم والتوعية للأطفال المصابين بالتوحد مازال هو التحدي الأساسي الذي يواجههم مثلما يواجه جمعيات التوحد في السلطنة.
أسد ميرزا، وهو أب لطفل مصاب بالتوحد وعضو الجمعية العمانية للتوحد قال: إن نقص الوعي في المجتمع مازال واحدا من أكبر التحديات إضافة إلى وجود خطة مستقبلية للشباب الصغار الذين يتجاوزون سن السادسة عشرة.
وجهة نظر الأشقاء
في حديث مع الشقيقة الصغرى لطفلة مصابة بالتوحد تكبرها بأربع سنوات، قالت أريبا ميرزا إن الأمر مختلف بالتأكيد عن وجود أخت طبيعية يمكنك التحدث معها ومشاركتها نفس المستوى من النضج. إنه تحدٍ كبير ولكني أنظر إليه على أنه حكمة الآهية ربانية تجعلك تقدّر قيمة الأشياء في هذا العالم.
الجدير بالذكر أن الأطفال المصابين بالتوحد غالبا ما يكونون موهوبين في مجالات معينة أكثرها شيوعا ، على سبيل المثال، العزف على آلات الموسيقية وكذلك فن الرسم والزخرفة وهي مواهب طبيعية لدى الكثير من الأطفال المصابين بالتوحد، ويمتلكون العديد من المواهب الأخرى التي غالبا ما يتم تجاهلها. و قدمت أريبا ميرزا اقتراحا بشأن السبل الممكنة للاستفادة من مواهب وقدرات هؤلاء الأطفال، فقالت: «ما عليكم سوى الإيمان بهم وتقدير ما لديهم والبناء على ذلك، وليس فقط النظر فيما لا يمكنهم القيام به».