عُمان ستبكيك شهيدًا يا خالد

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٣/يونيو/٢٠١٨ ٠١:٠٢ ص
عُمان ستبكيك شهيدًا يا خالد

علي بن راشد المطاعني

ستظل قوات السلطان المسلحة تقدم التضحيات الجسام ‏في سبيل رفعة ونماء هذا الوطن، وستظل تعمل على مدار اللحظة والساعة واليوم لأداء واجبها المقدس في كل شبر من ثرى هذه الأرض الطيبة، فقد ألت على نفسها أن تظل في الميدان وبغض النظر عن ماهية هذا الميدان، فهي ساهرة أبدا وهي اليد الطولى والقادرة على الوصول لأي نقطة ومهما نأت أو بعدت ما بقيت تلك النقطة في عُمان.
وهاهي هي قوات السلطان المسلحة وإذ هي في الميدان تنعى شهيد الواجب العريف خالد بن خميس بن سالم الصواعي أحد منتسبي كتيبة الحدود الغربية بالجيش السلطاني العُماني الذي وافته المنية أثناء تأدية الواجب في نقل المياه إلى المواطنين المتضررين من الحالة المدارية بمحافظة ظفار إثر تدهور الناقلة جراء تعطل المكابح، ونتضرع لله عز وجل أن يشمله بواسع رحمته وأن يدخله فسيح جناته مع الصديقين والشهداء، فهو قد ذهب للقاء ربه في يوم جمعة مباركة من رمضان شهر التوبة والغفران، أثناء تأدية الواجب الوطني.
فطوبى لهذه الشهادة التي تجمع كل هذه الخصال التي لا ينالها إلا الأوفياء لربهم وأهلهم وأوطانهم العزيزة على قلوبهم.
ولقد نعى الجيش السلطاني العُماني في البيان الذي أصدره الشهيد خالد أحد أبناء ولاية جعلان بني بوحسن الأوفياء بعيد الحادث، موضحا فيه ملابسات حادث التدهور المؤسف الذي تعرضت له الشاحنة العسكرية في مدينة الحق بولاية طاقة والتي كانت تقل الشهيد وزميله العريف أحمد بن عبدالله بن سيف المعشري أثناء تأديتهما لواجبهما الوطني في نقل المساعدات للمتضررين في محافظة ظفار.
‏لقد غطى ظلال الحزن ولاية جعلان بني بوحسن بكاملها وهي تتلقى نبأ استشهاد ابنها البار، تمثل ذلك في موكب الجنازة المهيب وهو يحمل الجثمان الطاهر لمثواه الأخير، مكبرين ومهللين ومتضرعين للمولى عز وجل أن يتقبله القبول الحسن، وأن يلحقه بالشهداء والصالحين، موقنين بقضاء الله وقدره الذي لا مرد له غير التسليم به.
وعلى الفور تفاعلت شبكات التواصل الاجتماعي مع حادثة استشهاد العريف خالد في هذه الجمعة الرمضانية المباركة وفي شهر التوبة والغفران وشهر العتق من النار، مؤكدة على الحقيقة الجوهرية وهي إن قوات السلطان المسلحة ستظل على العهد والوعد ولن تدخر جهدا في تقديم الغالي والنفيس لينعم المواطن العُماني في كل بقعة من البلاد بالأمن والأمان، مشيدين بشجاعة الشهيد معددين مناقبه التي تشربها كفرد في قوات السلطان المسلحة وهي روح الأقدام والثبات في الملمات الجسام، وفي سبيل أن يقدم يد العون والمساندة في إنقاذ وعون مواطنيه وهو يضحي بحياته من أجل أن يقدم لهم الماء الصالح للشرب في كل بقعة مرت بها الحالة المدارية وخلفت أثرا وضررا ألم بالمواطنين والمقيمين.
تلك هي مدرسة قوات السلطان المسلحة وقد زرعت عشق التضحية بالغالي والنفيس من أجل الواجب والذي هو مقدس في عرفها وهي بالتالي تستحق أن نضعها أبدا في حدقات العيون.
وقد دشن المغردون (هشتاق) العريف خالد الصواعي إجلالا وتوقيرا لروح البسالة والإقدام التي تحلى بها كفرد في الجيش السلطاني العُماني، والتعاطي الإيجابي ترجمة أمينة لحب المواطن لوطنه ولقواته المسلحة وتأكيدا على حقيقة إن الوطن كله في الملمات هو على قلب رجل واحد.
إن ما تقوم به قوات السلطان المسلحة يعكس حقيقة أن هذه القوات ليست للدفاع عن حياض الوطن في النائبات والحروب فحسب وإنما زاد في كل الملمات و الأزمات، ولعل الشواهد التي تقدمها بكل وحداتها في الحالات والأنواء المناخية خير شاهد على هذا الدور الوطني الجبار الذي يتجسد في إدارة الأمور بكفاءة عالية، لدرجة أن المواطنين ينسون الحالة المناخية التي يشهدونها ويعجبون بما يبذله هؤلاء الأبطال الذين سيظلون دروعا للوطن في السلم والحرب.
بالطبع القلوب تحزن والأعين تدمع لفراق فلذة من فلذات الأكباد و سنظل حزينين كأهله وأقاربه وكل من يعرف الشهيد خالد، باعتباره شهيد الواجب وسيكتب أسمه بأحرف من ذهب في سجل الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء لهذا الوطن وأبنائه.
ولكن يجب أن نؤمن أن تلك هي سنن الحياة و لن تجد لسنة الله تبديلا وراضين بقضاء الله وقدره وموقنين أن الشهادة خير الممات، والكل يتمناها في سبيل أداء الواجب لكي يكتب مع الصديقين والشهداء.
ندعو الله عزوجل أن يتغمد الشهيد برحمته و يدخله فسيح جناته ويلهم أهله الصبر والسلوان ويعوضهم الله خيرا، ويتقبلوا منا وكل قراء الشبيبة خالص العزاء في وفاة شهيد الوطن، ويعوض قوات السلطان المسلحة خالدا آخر من أبناء الوطن لخدمة وطنهم في ثغوره وكل شبر من ترابه العزيز عل قلوبنا، وسيظل خالد خالدا في جنات عدن وفي قلوبنا جميعا لما قدمه من تضحية هي عنوان ونموذج لدور قواتنا المسلحة وأبنائها الأوفياء.
آملين في ترقيته كشهيد إلى رتبه أعلى توازي ما قدمه، ولتبقى مكافأة لإقدامه المشهود على التضحية ومعينا لأهله في مواجهة متطلبات الحياة.