مسقط- خالد عرابي
أيام صعبة مرت بها محافظتا ظفار وجنوب الشرقية في الفترة الفائتة وذلك بسبب تعرضهما للإعصار المداري "مكونو"، ولكن -ولله الحمد- فقد مر وتجاوزناه، وهنا يأتي الحديث عن واقع ما بعد الإعصار وما تركه وكيف تعاملنا معه كجهات وأفراد وكيف رأى ذلك المسؤولون؟
أولا على الرغم من الأضرار التي خلفها إلا أن البعض رأى فيه مكاسب وأن المنح تخرج من بطون المحن، نعم الأعاصير محن واختبارات وأنها توقع بعض الأضرار بالبلاد والمناطق التي تصيبها، ولكن وفِي الحالة العمانية تم رصد العديد من المكاسب أبرزها: الحس الوطني وحب الوطن واللحمة الوطنية التي برزت من خلال روح التعاون والتآزر من قبل الأجهزة المعنية بمختلف القطاعات في الدولة، إلى جانب المواطنين العاديين وحتى المقيمين، فالجميع كانوا على قدر المسؤولية ومقدرين للموقف حيث وقفوا صفا واحدا للتخفيف من آثاره، فالاستعدادات التي كانت على أعلى مستوى قبل وصول الإعصار كان لها عظيم الأثر في التخفيف من حجم الأضرار والخسائر المادية والبشرية.. "7 أيام" ترصد واقع بعض القطاعات هناك كما رصدتها اللجان المسؤولة وصرح بها المسؤولون.. كما ترصد جانبا من الإشادة بالمواقف النبيلة والمشرفة واللحمة الوطنية والجهود الجبارة التي بذلها الجميع التي جعلت من الإعصار ومن الأزمة ملحمة تاريخية يشيد بها القاصي والداني.
المهندس محمود العذري، مدير دائرة موارد المياه بمحافظة ظفار قال: إن السدود بمحافظة ظفار أثبتت كفاءتها وواجهت الإعصار بكفاءة عالية، بل نجحت في تحقيق سعات تخزينة هائلة من مياه الأمطار والفيضانات التي صاحبت الإعصار، وأشار إلى أن أكبر السدود سعة في المحافظة هو سد الحماية من الفيضانات والذي تبلغ سعته التخزينية 77.2 مليون متر مكعب، وقد استقبل السد مياه كان ارتفاعها يزيد عن 280 ملم إلا أننا رفعنا بوابات التصريف من قبل وصول الإعصار وذلك كنوع من أقصى درجات الاحتراز الدقيق لضمان انسيابية المياه والحصول على أكبر سعة تخزينية للسد، وقد نجح السد في تخزين حوالي 22 مليون متر مكعب من المياه.
وعن السد قال العذري: هو سد ضخم يبلغ طوله 6 كيلومترات و121 متر ويصل ارتفاعه إلى 21 مترا ويحتوي على بوابتين رئيستين لتصريف المياه، والبوابة الرئيسية قطرها 1300 ملم وهو سد قادر على استقبال أقصى فيضان ومصمم لنحو 200 سنة، لذلك استقبل جميع المناسيب دون تأثر، كما أنه -ونظرا لكبره- لم يفض.
وأشار مدير دائرة الموارد المائية بمحافظة ظفار إلى أن سد صحلنوت قد فاض بنسبة طفيفة عن منسوبه وذلك بعد منتصف ليل السبت، ولكن نظرا لأن بوابات التصريف كانت مرفوعة فقد عبرت المياه إلى البحيرة بانسيابية، ونجح السد في تخزين حوالي 6 ملايين متر مكعب من المياه.. أما عن السد فقال: تبلغ سعته التخزينية 6 ملايين متر مكعب وطوله 3 كيلومترات وارتفاعه يصل إلى 13 مترا، ومفيضه الرئيسي بارتفاع 10 مترات. وأكد على أن جميع السدود قد تم اختبارها قبل الإعصار عدة مرات.
قطاع النقل والاتصالات
أما عن قطاع النقل والاتصالات فقد أكد المهندس عوض بن سالم السديري، مدير دائرة الصيانة بوزارة النقل والاتصالات، خلال المؤتمر الصحفي الذي نظمته اللجنة الوطنية للدفاع المدني بمقرها عقب الإعصار: إن قطاع الموانئ قد تعرض لأضرار في بعض الحاويات والشاحنات في ميناء صلالة بسبب الأمطار الغزيرة وارتفاع منسوب المياه ولكن تم إصلاح بعضها وجاري إصلاح البعض الآخر.
وأكد السديري على أن قطاع الاتصالات أيضا تم رصده، ففي محافظة ظفار يوجد 680 محطة إرسال متنقلة لشركتي الاتصالات (عمانتل وأوريدو) و148 محطة ثابتة، فقد تضررت وتوقفت من المحطات المتنقلة -خلال الإعصار- 395 محطة بسبب انقطاع الكهرباء أو تغيير في أجهزة الإرسال أو انقطاع الألياف البصرية، وإنه تم إصلاح معظم تلك المحطات والباقي جاري إصلاحه، أما الـ 148 محطة الثابتة فقد تأثر منها 105 جهات وانقطعت عنها الخدمة ولكن ذلك كان بسبب انقطاع التيار الكهربائي وبمجرد عودته عملت مباشرة وقد عمل معظمها الآن.
الحد من الخسائر
وقال معالي الدكتور أحمد السعيدي، وزير الصحة، في تصريحات صحفية عقب زيارته للمركز الوطني للحالات الطارئة باللجنة الوطنية للدفاع المدني: إن الأعاصير اختبار، وقد أظهر الاعصار "مكونو" المعدن العُماني الأصيل ولحمة الشعب العُماني فقد كان الجميع صفا واحدا، وبفضل من الله ثم بفضل تكاتف وتعاون الجميع اجتزنا هذا الاختبار.
وأشاد معاليه بالجهود التي بذلت من الجميع خلال الإعصار مكونو، مؤكدا على أن الاستعدادات والجهود التي بذلت من الجميع -سواء من المواطنين أو المقيمين- كانت السبب في الحد من الخسائر التي خلفها الإعصار، لذلك فإن النتائج جاءت أفضل من المتوقع بكثير.
وأكد على أن ما يثلج الصدر ما رَآه من تعاون كافة القطاعات وقيام الجميع كل بدوره وعلى أكمل صورة.
وأكد معالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي، رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، إن تجربة الأنواء المناخية على محافظتي ظفار والوسطى أظهرت المعدن الأصيل للشعب العُماني الذي واجه هذه الأنواء بصبرٍ وجَلَد.. مستمدين من عراقة تجربته التاريخية في التعامل مع أسوأ الظروف بشتى أشكالها.. وقال معاليه في تصريح لوكالة الأنباء العمانية: إن هذه الأنواء أتت لتضيف نموذجا جديدا على هذه التجربة العريقة وهي مدرسة عمانية صِرف حيث الوقوف الصلب أمام عنفوان الطبيعة لا تماثله إلا الحصافة في استغلال الموارد المختلفة تنظيما وتنفيذا شمل قطاعات ومؤسسات عديدة.
وأضاف معاليه إن هذا التنظيم والتنفيذ أدى -وفِي وقت قياسي- إلى الخروج من هذه الحالة بالحد الأدنى من الأضرار وبدروس مهمة للمستقبل.. موضحا أن السلطنة تعاملت مع الأنواء بمنظومة متعددة للتعامل مع المخاطر اشتملت على مؤسسات الدولة ذاتها، وكذلك مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني والمجتمع الأهلي نفسه والمواطنين.
وأشار معالي الدكتور رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون إلى أن التناغم بين هذه العناصر مثل ملحمة كبرى قلّ نظيرها حتى في الدول ذات الخبرة الأعرق من ناحية البناء المؤسسي وحجم الموارد المتوفرة لديها والتي تمر عليها حالات مناخية أقل مما مرت به محافظتا ظفار والوسطى إلا أنها تخلف الكثير من الأضرار في الأرواح والممتلكات. وبين معاليه ان الحالة التي نعيشها حاليا عقب زوال الحالة المدارية أثبتت إنسانيةَ القوى الوطنية المختلفة التي لا نستخدمها في عُمان إلا للبناء والعمران الوطني وليس لنقيضهما كما نشهد ونرى في أماكن شتَّى.