عقدة النجومية

مزاج الأحد ١٣/مارس/٢٠١٦ ٠٠:٣٠ ص

مسقط - ش
الآباء والأمهات سيفهمون تماماً ما نعنيه هنا، فالتنافس بين الأطفال في المنزل الواحد هو تجربة عاشها ويعيشها الأهل على مر الزمان، ويحاولون قدر استطاعتهم أن يتعاملوا معها بدقة بحيث لا يجرحون مشاعر أحد الأخوة حين يكافئون الأخ الآخر.
هذا في حدود المنزل، التجربة الأخرى الأوسع تكون في حدود المدرسة التي يتعرض فيها الطالب لخسارة المنافسة مع زملائه مما يتسبب في شرخ في نفسيته كما يطلق عليه علماء الاجتماع. إذا كان الحال كذلك في هذه الأطر الضيقة التي لا يتعدى جمهورها بضع عشرات، فكيف سيكون الحال إذا تعرض الطفل للخسارة أمام كل معارفه وجيرانه وزملائه في الدراسة و الآخرين الذين يرونه في الأماكن العامة و يشيرون إليه بأنه الطفل الذي لم يلتفت إليه أحد. أعتقد أنكم عرفتم ما الذي أتحدث عنه هنا، إنها برامج المواهب التي تعرضها علينا الفضائيات وتُخضع خلالها أطفال دون سن الثانية عشرة لتجربة النجومية المشروطة. أطفال يتعرضون على شاشة يتابعها الملايين لتجربة الفوز أو الخسارة، طبعاً الفوز في النهاية كان من نصيب طفل واحد بينما خسر العشرات غيره، هل تساءل معدو هذه البرامج والجهات المسؤولة عن التربية و حقوق الطفل عن نتائج هذه الكارثة العلنية على نفسية هؤلاء الأطفال، هل سيستطيع من تعرض لهذه التجربة أن يبرأ من لوثة النجومية والسعي المستميت نحو شهرة قد لا يمتلك أدوات الوصول إليها، قد نوافق على مضض عن البرامج المماثلة التي تتعامل مع البالغين بحجة أنهم أصحاب قرار بتعريض أنفسهم لهذه التجربة الصعبة، أما حين يتعلق الأمر بالأطفال، فلا أعتقد أننا يجب أن نقف مكتوفي الأيدي أمام جريمة ترتكب علناً بحق الطفولة والهدف كما يعلم الجميع تجاري بحت لا غير.
سؤال على الهامش: هل فكر أهالي هؤلاء الأطفال بعواقب التجربة التي يشجعون أطفالهم عليها بدافع الحصول على شهرة فارغة ستزول بعد حين، هل تخيلوا كم الجهد الذي عليهم أن يبذلوه لاحقاً لتخليص أطفالهم من النتائج الكارثية لهذه التجربة على حياتهم العملية ومستقبلهم الذي لن يتضمن النجومية بعد الآن؟ .. التربية ليست بالشأن اليسير كما يعلم كل الآباء والأمهات، والصعوبة الأكبر فيها هي اتخاذ القرارات المصيرية التي ستحدد مستقبل أطفالنا، هنا تكمن المسؤولية الأكبر والتي سيحاسبنا أطفالنا عليها في المستقبل.