علي بن راشد المطاعني
على الرغم من الجهود الحكومية والأهلية الهادفة لتخفيف آثار الحالة المدارية التي ضربت محافظة ظفار بشكل كبير، إلا أننا وللأسف لم نسمع عن تبرعات للقطاع الخاص لمساندة هذه الجهود الكبيرة التي تبذلها القطاعات العسكرية والمدنية ميدانيا وعلى أرض الواقع اللهم إلا تبرع وحيد بمبلغ مائة ألف ريال جادت به عمانتل لمساندة الأسر المتضررة، الأمر الذي يبعث على الحيرة والدهشة لهذا التعاطي السلبي في شأن بات يخص الوطن جميعه من أقصاه إلى أدناه.
ثمة مرارة في الحلق ونحن لم نسمع بتبرعات تذكر أو يشار إليها بالبنان من شركاتنا الوطنية، كأن شيئا لم يكن بخلاف بعض المناسبات آخرها فوز منتخبنا الوطني بكأس الخليج، في مفارقة غريبة وتنصب فيما إذا كانت شركاتنا الوطنية متخصصة في المناسبات السعيدة فقط، وما دون ذلك لا محل له من الإعراب في عرفها.
لقد رأينا كيف تدافعت الفرق التطوعية من ولايات السلطنة المختلفة وكيف انهالت التبرعات من الأفراد والجماعات وبغض النظر عن نسبتها وكميتها، فالمهم هنا هو أن الناس جادوا بما استطاعوا إليه سبيلا وهو جهد محمود وسعي مشكور بطبيعة الحال فقد أكدوا لنا بأنهم في الملمات أسود ورجال تماما كظن الوطن بهم، وكانوا بالفعل عند حسن هذا الظن الأصيل.
الهيئة العُمانية للأعمال الخيرية أعلنت عن فتح باب التبرعات لمحافظة ظفار عبر حساباتها في كل البنوك الوطنية، والخطوة كانت بمثابة همسة في الأذن اليمنى لشركاتنا الوطنية ولرجال أعمالنا، في أن يعلنوها مدوية بأنهم في الواقع يتقدمون جحافل العون الذي لا يلوي على شيء والميمم شطر محافظة ظفار، غير أن همسة الهيئة ربما لم تصل بعد لطبلة أذن شركاتنا الوطنية وبالتالي لا ندري متى تصل على وجه الدقة والتحديد، رغم أن الحالة وهذا شيء أراده الله قد جاءت في شهر رمضان شهر الجود والرحمة والغفران، وفيه يتدافع عباد الرحمن للبذل والعطاء أملا وعشما في مرضاة الله.
الآن وعلى الأرض نشاهد الملاحم الوطنية تتفاعل تحت عين وبصر التاريخ وهو يسجل بأمانته المعهودة ما يجري ويحدث، قوات السلطان المسلحة، شرطة عُمان السلطانية، رجال الحكومة في كل المواقع ومن كل التخصصات، المهندسون، العمال، الأطباء، الممرضون، الدفاع المدني، كلهم جميعا في حضرة التاريخ يسطرون ملحمة عُمان الأشهر والتي صنفت على أنها الأروع في هذا العصر على مستوى كوكب الأرض.
بالطبع هناك جهود بسيطة لا ننكرها من شركات محلية تعمل قدر طاقتها وتبذل تبرعات قدر طاقتها أيضا للجهود الإنسانية، لكن في المقابل لم نشهد مبادرات من العيار الثقيل من شركات من العيار الأثقل وهنا بيت القصيد.
نأمل أن يعي القطاع الخاص وشركاته ورجال الأعمال، بأنه في الليلة الظلماء يفتقد البدر، وهذا البدر المفتقد كنا نعول عليه كثيرا، فقد جاء وقت رد الجميل للوطن وللحكومة التي لم تدخر جهدا أصلا في رعاية هذا القطاع وشركاته، فقدمت ما قدمت طوال سني النهضة المباركة من مناقصات وعقود وإعفاءات وتسهيلات، حتى أمسى جزءا من الواقع الاقتصادي العُماني، لهذا افتقدناه للأسف.