متابعة - سعيد الهنداسي
مع تباشير شهر مضان شهر الرحمة والغفران والذي يحمل معه الخير الكثير تدب الحياة في المنازل وتكثر الزيارات بين الأهل والإخوان وتتكرر في كل يوم طوال الشهر الفضيل حتى ساعات الفجر الأولى مع وقت السحور.. مشهد اجتماعي جميل يسود خلال الشهر وتقوم النساء في الحارة الواحدة بتبادل الأكلات وأحيانا مع الحارات القريبة أيضا.
وخلال زيارتنا لأحد المجالس في بلدة الغليل في ولاية السويق التقينا ببعض الأشخاص وكان محور حديثنا معهم حول تأثير الصوم وبركته على التقارب بين الأسر والأقارب والتواصل بين الجيران بعضهم ببعض وخرجنا بهذه الحصيلة.
روح طيبة
البداية مع راشد بن خليفة الصالحي الذي تحدّث عن بركة الشهر الفضيل. يقول: نشعر اليوم ببركة هذا الشهر العظيم من خلال الزيارات اللافتة والكثيرة بين الأسر والأهل والأقارب حيث مرّت ظروف على بعضنا ولم نلتقِ لفترة ليست بالقصيرة ولكن من فضل الله علينا أننا في شهر رمضان تكثر الزيارات بين الأهل ونجد الآباء مع أبنائهم يزورون أقاربهم وأهلهم في أجواء من الطابع الأسري الجميل وترى الصغار مع بعضهم يلهون ويلعبون في جو من الفرح والسرور.
ويضيف: هذه الروح الطيبة هي التي نتمناها أن تكون حاضرة دائما بين الإخوة والأقارب.
تواصل الجيران
من جانبه تحدّث سعيد بن شنين الهنداسي عن جانب آخر من التواصل بين الجيران. يقول: تمرّ على الإنسان بعض الظروف، فبعضهم يغيّر محل سكنه وإقامته من بلدته التي عاش فيها منذ الصغر لينتقل إلى مكان جديد تكون صِلاته فيه بجيرانه محدودة جدا، ومن الجميل في رمضان أن تجد هذا التواصل حاضرا من خلال اجتماع الجيران مع بعضهم البعض والتقائهم بالمسجد لأداء صلاة التراويح.
ويضيف الهنداسي: نحن مثلا نلتقي مع جيراننا في رمضان بشكل يومي ونجتمع بعد خروجنا من أداء صلاة التراويح في أحد المجالس ويكون هناك تناوب في الاجتماعات والجلسات فعلى سبيل المثال اليوم يكون الاجتماع والالتقاء في بيتي بعدها في بيت جاري وهكذا، وعلى أقل تقدير نتحاور مع بعضنا لمدة ساعة نعيش فيها مع ذكريات جميلة في شهر الخير وهذه من نعم الله علينا أن جعل هذا الشهر الفضيل فرصة للتقارب أيضا بين الجيران بعضهم ببعض.
برلمان مصغر
أما سالم بن سعيد السرحي فتحدّث عن عادة لافتة وجميلة جدا تتمثل في مشاركة أهل البلدة الواحدة في تجمّع أو مجلس عام يضم عددا كبيرا منهم ويكون بمثابة برلمان مصغر يتم من خلاله مناقشة أوضاع البلد واحتياجاته ويتم من خلاله تفعيل العمل التطوعي.
وعنه يقــول: نجد في شهر رمضان المبارك مناسبة رائعة للمضي في التجمّع الذي يضمّ الكثير من أهـــــل البلدة الــــواحدة الذين يتشاورون مع بعضهم ويناقشون همومهم.
كما نشاهد تفعيلا أكبر للجانب الإنساني والتطوعي من خلال تشكيل فريق تطوعي يساعد في تنفيذ الكثير من الواجبات والمسؤوليات ويقدّم خدماته لأسر المجتمع في شهر الرحمة والغفران، هذه التجمعات الإنسانية التي يكون شهر رمضان فرصة سانحة لمشاهدتها يبعث فينا الكثير من الأمل وحب العمل بروح الفريق الواحد حيث الكل متعاون، متعاضد، متحد ويساعد بعضنا بعضا بعيدا عن ضغوطات الحياة ومشاكلها.
تقارب القلوب
ويتحدّث ناصر الصالحي -إمام مسجد- عن الجانب الديني وتأثيره في تقارب القلوب قبل الدروب. يقول: ما يميّز شهر رمضان هو الملتقيات والتقارب بين البشر بعضهم ببعض وليس فقط من جانب الأهل والأقارب والجيران بل يتعداها إلى الإنسانية بشكل عام فهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وتجد الناس فيه تسارع إلى تقديم الخيرات والتقرّب إلى الله، ويجتمع في مجالسنا العديد من الزوار من مختلف الجنسيات وتقام خيم خاصة للإفطار وأخرى لبرامج وفعاليات وأنشطة ثقافية واجتماعية متنوّعة، وهذا العمل تكون روحه تقارب القلوب قبل الدروب من خلال الحرص على أخذ الثواب والأجر العظيم من الله العلي القدير.
أهمية التصالح
هاني البلوشي يختم الحديث في موضوع أثر شهر رمضان في تقارب أفراد المجتمع بشكل عام يقول: علينا استغلال بركات هذا الشهر الفضيل والتركيز على أهمية التصالح ونبذ الخصام والتقارب بين الأسر فلربما يكون هناك خصام بين أسرتين لا تلتقيان طوال العام فيكون هذا الشهر فرصة عظيمة لهذه الأسر لنسيان ما قد نشب بينهم من خلاف وتناسي كل ما من شأنه تعكير صومهم في رمضان.
ولله الحمد تكون النفوس في الغالب صافية ويكون التصالح حاضرا والتفاهم موجودا والاحترام مقدرا ويا لها من لحظات غالية ورائعة عندما تجد الخصمين اللذين كانا بالأمس لا يلتقيان ولربما لا يُلقي أحدهما التحية على الآخر يجتمعان وهما يضحكان ويشعران بتلك السعادة الغامرة.
إن وراء كل هذا شهر عظيم جمع القلوب على حــــــبه والعمل على الاستفادة من بركته وعظمته.