القدس العربية تعيش أزمة سكانية

الحدث السبت ١٢/مارس/٢٠١٦ ٢٣:٤٦ م
القدس العربية تعيش أزمة سكانية

القدس المحتلة – زكي خليل

يعتبر توفير السكن المناسب أحد أهم حقوق الإنسان الأساسية التي اعترفت بها وأقرتها القوانين الدولية والمجتمعات التي تعاني من الصراع الثقافي، القومي، والاثني، والسياسي، تستغل عملية توفير السكن كوسيلة نمط لتوسيع هذا الصراع واستخدامه في سبيل السيطرة والهيمنة.
وتعتبر مدينة القدس نموذجا حيا لهذا الصراع حيث يمتزج الصراع على السكن بالصراع على المكان فهنالك عملية إحلال وقلع للجذور ووضع جذور أخرى لتشكل عمليا جزءا من الصراع الديموغرافي والجغرافي في هيمنة الأغلبية على الأقلية، ولأجل تامين وتعزيز السيطرة اليهودية على الأرض.
وقد تبنت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة هذه السياسة في عملية ضبط وتقنين البناء لتحقيق أهدافها الإستراتيجية في المدينة بأقلية عربية وأغلبية يهودية كعاصمة أبدية للدولة العبرية دون شريك فلسطيني.
ويقول الباحث في شؤون القدس، مدير دائرة الخرائط، د. خليل التفكجي لـ "الشبيبة" ان قضية الإسكان في القدس معقدة جدا خاصة ان الاحتلال يسعى لطرد الفلسطينيين من القدس ليحل مكانهم المستوطنين.
ويضيف وضعت سلطات الاحتلال قوانين بمصادرة الأراضي التي كانت احتياطي استراتيجي للتوسع السكاني العربي وقوانين التنظيم والبناء والتي تحد من النمو السكاني الفلسطيني، فبلغت المساحات التي تم مصادرتها للمصلحة العامة 35% - وأكثر من 52% من الأراضي أصبحت مناطق خضراء (يمنع البناء عليها) او شوارع او مناطق غير منظمة مما لم يترك للفلسطينيين سوى 13% من مساحة القدس للبناء.
ففي احصاء صادر عن "دائرة الاحصاء المركزية الاسرائيلية" فان عدد الشقق السكنية الفلسطينية في القدس بلغ 34 الف شقة مسجلة وهذا يشكل 20% من مجمل الشقق السكنية في القدس، وبالمقارنة مع عدد السكان الفلسطينيين الذين يشكلون 37% من سكان القدس . اما احصائيات بلدية الاحتلال فقد قررت 39 الف شقة بالاضافة إلى اكثر من 20 الف وحدة سكنية بدون ترخيص.
ويقول الباحث التفكجي إن حالة صراع السكن بالقدس ترجمت من خلال المعوقات والقوانين والسياسات التي وضعت من قبل سلطة الاحتلال ، ومن هذه المعوقات ما هو مفروض على الفلسطينيين من سلطات الاحتلال ومنها ما هو محلي داخل المجتمع الفلسطيني التي تشكل حاجزا امام تسهيل امكانيات توفير السكن، وهذان الامران عمق مشكلة السكن وتجنب المستثمرون الاستثمار في قطاع الاسكان بالاضافة إلى المعوقات الادارية والتنظيمية والبيروقراطية والسياسات الادارية من بلدية الاحتلال.
ويتابع التفكجي إن معظم الفلسطينيين في القدس المحتلة يعيشون في ضائقة سكنية وأن حوالي خمسهم يعيشون في مباني غير مرخصة بسبب رفض بلدية الاحتلال منحهم رخص بناء لدفعهم إلى الهجرة مشيرا إلى ان هذه المنازل مهددة بالهدم الذي انعكس على حياتهم الاجتماعية والصحية مما أدى إلى زيادة نسبة الطلاق والادمان على المخدرات التي هي من نتائج الازمة الاسكانية والظروف الصحية التي يعيشون بها في مباني قديمة غير صحية والتكاليف الباهظة في تراخيص البناء مما يرغم الكثير من السكان بالهجرة باتجاه الاطراف الذي يوقعهم بالنهاية تحت طائلة العقوبات وشرح ان الحياة خارج مركز حدود البلدية يعني فقدانهم هويتهم المقدسية مما يسبب مرة اخرى ازمة إنسانية وهو العيش في مساكن غير ملائمة للسكن البشري أو ان يكون البناء بدون ترخيص للمحافظة على هويتهم المقدسية.
ويشير إلى انه نتيجة للزيادة السكانية الفلسطينية فان احتياجات الفلسطينيين في القدس من الوحدات السكنية تبلغ 40 الف للقضاء على الضائقة السكنية و10 الاف وحدة سكنية سنويا.
ويوضح التفكجي إن إمكانية الحصول على تراخيص تعتبر من المستحيلات نتيجة لعدم وجود مخططات للأحياء الفلسطينية والمماطلة في إعداد هذه المخططات او إعداد مخططات لا تتناسب وحاجة السكان إلى أراضي منظمة او تحديد نسب بناء منخفضة لا تفي بالاحتياجات في الاحياء الفلسطينية وتتراوح بين(25%-75%) مقارنة بالمستوطنات الاسرائيلية(120%- 300%).