مكسب الوعي المجتمعي

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٨/مايو/٢٠١٨ ٠١:٥٩ ص
مكسب الوعي المجتمعي

علي بن راشد المطاعني
ali.matani2@gmail.com

من المكتسبات الوطنية التي تحققت من خلال الحالة المدارية التي تعرضت لها محافظة ظفار هو تبلور ما يمكننا أن نسميه بـ(الوعي المجتمعي) وهي درجة عالية من درجات البناء الاجتماعي، إذ ليس بالسهل تحقيق معدلات عالية في هذا المقياس في الكثير من دول العالم النامي.

فالوصول إلى قمة هرم هذا الوعي يتطلب عملا دؤوبا ومتأنيا ودقيقا يبدأ من المدرسة ثم الجامعة ثم عبر تسخير وسائل الإعلام لشرح مفهوم كيف يغدو المواطن مسؤولا بجميع ما تعنيه هذه الكلمة من معاني متداخلة ومتشابكة، إذ ومنذ البدء يتم تعليم أفراد المجتمع ضرورة استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية لاسيما في مثل الظروف التي مرت بها البلاد.
فالحالة المدارية في محافظة ظفار تجسدت فيها كل تلك المعاني واقعيا وميدانيا وبتلقائية متفردة، كان الكل ملتزما بالتعليمات والبيانات التي تصدر من الجهات الرسمية فقط كمصدر وحيد للتنبيهات والأوامر على اختلافها، وقد أسهم هذا الوعي المجتمعي في تقليل الخسائر في الأرواح إلى أقل المستويات التي عرفتها مثل هذه الحالات المدارية على الإطلاق في العالم، وهو ما يبعث على الارتياح لهذا التطور النوعي الذي يمكن أن نبني عليه الكثير من الآمال.
إن الوعي المجتمعي وقد اكتملت أركانه لدينا يمكن اعتباره قيمة حضارية سامقة تعكس ‏العديد من الدلالات المهمة التي يجب الإشارة إليها بكل التقدير لكونها لم تأت جزافا أو خبط عشواء، وإنما تشكلت نتيجة الثقة المطلقة بالجهات الرسمية.
الدلالة الأخرى وهي شديدة الأهمية وهي أن الوعي المجتمعي ترسخ على مدى ثمانية وأربعين عاما من النهضة التي كانت من أجل بناء الإنسان فكريا وثقافيا وروحيا، وبالتالي فإن هذا البناء قد نجح في ترسيخ واستتباب الوعي لدى كافة أفراد المجتمع وأضحى الكل حريصا على المكتسبات التي تحققت، وبما أن هذا قد حدث فعلا فيمكننا القول بأننا قد وصلنا فعلا لقمة سنام الوعي المجتمعي ولله الحمد.
ولعل تكاتف أفراد المجتمع وتعاونهم مع الجهات المختصة في إدارة الحالة المدارية وعملهم كيد واحدة أسهم بشكل كبير في تحقيق الكثير من الجوانب التي ما كانت لتتحقق لولا هذا التكاتف والتعاضد المجتمعي الذي تبلور في عدة جوانب استلهاما لنداء الواجب الوطني واجب التنفيذ، وباعتباره فرض عين في مثل هذه الظروف الاستثنائية التي تظهر كفاءة المجتمع وقدرته على التعاطي مع الأزمات والملمات.
بل لعل تنادي الفرق التطوعية وتقاطرها زرافات ووحدانا ومن كافة ولايات السلطنة لتقديم الدعم لإخوانهم في محافظة ظفار وتجهيز الحملات، كل ذلك أتى وحدث في إطار تأكيد وتثبيت دعائم الوعي المجتمعي لدى أبناء هذا الوطن الذين أثبتت الأحداث واقعيا بأنهم لا يتوانون في أداء الواجب الوطني في كل مكان وزمان وبناء على مقتضى الحال.
وسيبقى «مكونو» حاضرا أبدا في ذاكرة التاريخ المجتمعي العُماني باعتباره الحدث الذي أكد للعالم جميعه أن النهضة العُمانية قد نجحت بامتياز في بناء أغلى رأسمال تملكه على الإطلاق وهو «الإنسان».