هجوم بن قردان.. خطر داعش قد يمتد إلى تونس

الحدث السبت ١٢/مارس/٢٠١٦ ٢٣:٤٠ م
هجوم بن قردان..
خطر داعش قد يمتد إلى تونس

تونس – ش – وكالات

انطلقت الإشارة من مسجد محلي عبر أذان الفجر.. فخرج عشرات المقاتلين المتطرفين وانتشروا في مواقعهم يشنون هجوما على ثكنة عسكرية ومراكز أمنية في مدينة بن قردان الواقعة على الحدود مع ليبيا في مواجهة غير مسبوقة بين القوات التونسية والمقاتلين المتطرفين.‭ ‬
وبسرعة انتشرت مجموعات المقاتلين في وسط المدينة مستعملين مكبرات صوت وهم يرددون شعارات تنظيم داعش. وكانوا يطمئنون بعض من اعترضهم من السكان بأنهم جاءوا لتحريرهم من "الطاغوت" في إشارة للشرطة والجيش.
ولكن بعد ساعات قليلة من الهجوم الذي وقع يوم الاثنين الفائت نجحت القوات التونسية في القضاء على 36 من المهاجمين في معارك طاحنة قتل فيها أيضا 12 من الأمن وسبعة مدنيين. وقالت السلطات إن الهجوم كان يهدف لإعلان بن قردان إمارة تابعة للتنظيم المتطرف وإيجاد موطأ قدم في تونس.
وعلى الرغم من استعداد الجيش لمثل هذا الهجوم وتكبد المتطرفين هزيمة كاسحة في بن قردان فإن الهجوم يزيد الخشية من أن يكون البلد عرضة لمزيد الهجمات المباغتة مع انتشار الفوضى في ليبيا حيث وسع تنظيم داعش نفوذه.
ولا تزال السلطات التونسية تحقق بهجوم الاثنين الدامي لكن التفاصيل تشير إلى أن أغلب المهاجمين تونسيون ومن أبناء المنطقة مع آخرين تسللوا من ليبيا. وبدا واضحا أنه جرى تخزين أسلحة في عدة مخابئ بالمدينة قبل الهجوم بفترة.
وقال صبري بن صالح وهو أحد سكان المدينة لرويترز "الإرهابيون من بن قردان. نحن نعرف ملامحهم. كانوا يعرفون بيت رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الذين قتلوه أمام بيته. كانوا يقودون سيارة ممتلئة بالأسلحة لتوزيعها على عناصرهم."
وعقب مواجهات بن قردان شنت القوات التونسية حملة تعقب واسعة قتلت خلالها أيضا 14 مسلحا آخر واعتقلت آخرين. واكتشفت أيضا خمسة مخابيء كبرى للأسلحة في المنطقة.
وتسعى السلطات التونسية لتحديد إن كان المقاتلون قد سافروا لسوريا أو العراق أو ليبيا سابقا رغم أن وجود عدد كبير من المقاتلين المتطرفين والأسلحة بالأراضي التونسية ليس أمرا مفاجئا.
فبعد انتفاضة 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي ظلت تونس تعاني انتشار التطرف والجماعات التكفيرية التي استغلت مناخ الحرية الجديد لتنشر خطابا متطرفا في المساجد.
وتعتقد الجهات الرسمية في تونس أن حوالي ثلاثة آلاف مقاتل تونسي سافروا لسوريا للمشاركة في الحرب الدائرة هناك وأن جزءا كبيرا منهم عادوا إلى ليبيا بينما عبرت أعداد كبيرة من المتطرفين التونسيين الحدود للانضمام لتنظيم داعش في ليبيا.
ويلعب كثير من المقاتلين التونسيين أدورا قيادية في صفوف تنظيم داعش في ليبيا ويشرفون على معسكرات تدريب وقيادة قريبة من الحدود التونسية. ولكن حجم هجوم يوم الاثنين لم يسبق له مثيل في تونس.. فالمقاتلون كانوا منظمين تنظيما جيدا ضمن مجموعات تحاصر المقرات الأمنية والعسكرية وكانوا يوزعون الأسلحة لعناصرهم من سيارة متنقلة في المدينة التي يعرفون أرجائها بشكل جيد.
وقال شاهد اسمه حسن طابي لرويترز "عندما خرجنا الفجر اعترضنا إرهابيون يحملون أسلحة كلاشينكوف في مفترق الطريق وقالوا لنا: لا تخافوا لن نستهدفكم نحن داعش."
وقال شاهد آخر "مسلحو داعش كان يقومون بدورية تفتيش متنقلة في الفجر. أوقفونا وطلبوا منا وثائقنا الشخصية ثم أمرونا بترديد شعارات تمجد داعش قبل أن يخلوا سبيلنا."
وقال المحلل الأمني علي الزرمديني لرويترز "ما حصل في بن قردان هو فشل ذريع لداعش التي حاولت اعتماد المباغتة مثلما تعتمد في العراق لكن الجيش كان جاهزا وأصبح يمتاز بفاعلية كبرى نتيجة التنسيق مع الأمن وأيضا نتيجة التدريبات التي خضغت لها قواتنا على يد قوات بلدان لها خبرات كبرى."
وقال الزرمديني إنه رغم بعض الخلل الاستخباراتي في رصد المقاتلين الذين هاجموا بن قردان فإن جهاز الاستخبارات يتعافي بشكل تدريجي مستفيد من التنسيق الكبير مع دول الجوار ومنها الجزائر ومع الدول الغربية.
وأضاف "قواتنا اليوم أصبحت مهيأة حتى نفسيا لخوض أي حرب بعد سنوات من الكر والفر مع مجموعات إرهابية في الجبال. وعملية بن قردان تثبت أن القوات التونسية أصبحت في منعطف جديد وعلى مستوى من الجاهزية غير مسبوق."

*-*

سياسي ليبي: أخشى أن تكون تونس وجهة داعش الجديدة
طرابلس - ش - وكالات
قال الدكتور سعيد رشوان وكيل وزارة الخارجية الليبية الأسبق: إن نفوذ داعش في ليبيا بدأ يتراجع وأن وجوده في المنطقة الشرقية أصبح في حكم الماضي ما عدا وجوده المحدود جدًا في جبال درنة شمال شرق ليبيا.
وأضاف رشوان، أخشى أن تكون تونس هي قبلة داعش الجديدة فالجبل الغربي انطلاقًا من مزدة يربط ليبيا بتونس وفكرة تسلل التنظيم إلى تونس واردة رغم الانتصارات التي حققتها قوات الأمن التونسية على عناصر التنظيم الإرهابي ببن قردان لكن ثمة عوامل تغري التنظيم الإرهابي بالتوجه ناحية تونس أبرزها أن البنية الأمنية والعسكرية لدولة تونس الشقيقة تبدو متواضعة، ناهيك عن أن البلد يعيش ظروف اقتصادية صعبة وقد يجد التنظيم حاضنة اجتماعية يحتمي بها في ظل تنامي ظاهرة البطالة وأزمة التشغيل والأزمات الاجتماعية الصعبة التي تعيشها ولايات الجنوب.
وحول توجه التنظيم الإرهابي ناحية منطقة الجبل الغربي قال رشوان في تصريح للموقع البوابة نيوز المصري: إن الغرب يستهدف وجود التنظيم الإرهابي في مدينة سرت وسط ليبيا بغارات جوية من وقت لآخر وأصبح التنظيم غير آمن على عناصره في هذه المدينة الساحلية المفتوحة، ناهيك عن أن الدول الغربية لديها المعلومات والخرائط الكاملة عن الأماكن التي يتواجد بها التنظيم عسكريًا داخل المدينة وبشكل دقيق.
وتوقع رشوان أن يتمدد التنظيم باتجاه الغرب وهي منطقة بها فراغ أمني وعسكري كبير كما أن التنظيم يلقى دعمًا من قبل الميليشيات شبه العسكرية التي تسيطر على المنطقة الغربية سواء فجر ليبيا أو الجماعة المقاتلة ولكنه دعم محسوب في إطار معادلة أن يبقى داعش أقل قوة من فجر ليبيا والليبية المقاتلة حتى لا يتوغل أو يتسيد عليهم.