ريكاردو هوسمان
فكر في الأمر: يمكنك الاتصال بالهاتف أو عبر البريد الإلكتروني، ويمكنك أيضاً مشاهدة الطرف الآخر على صفحة الفيسبوك، سكايب، أو على موقع كوتوميتن. فلماذا ارتفع دخل الشركات لأكثر من 1.2 تريليون دولار في السنة - حوالي 1.5% من الناتج الإجمالي المحلي في العالم، بسبب رحلات الأعمال؟
إن المصاريف ليست ضخمة فحسب بل هي في نمو مستمر -تصل إلى 6.5% سنوياً، أي نحو ضعف معدل النمو الاقتصادي العالمي ويعادل تقريباً سرعة خدمات المعلومات والاتصالات. انتقلت قوة الحوسبة من أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة لدينا إلى تقنية السحاب المعلوماتي، ولذلك نحن جميعاً في أفضل حال. فلماذا نحتاج تنقل العقول بدلاً من السماح لتلك الأدمغة البقاء في بلدانها ونكتفي بإرسالهم البايتات؟ لماذا نضيع وقتنا الثمين في الهواء وفي عمليات التفتيش الأمنية وانتظار الأمتعة؟ قبل أن يبدأ أي شخص في تخفيض ميزانيات السفر، دعونا نحاول فهم لماذا نحن بحاجة إلى نقل الناس بدلاً من المعلومات. بفضل التعاون البحثي على النمو الشامل مع ماستركارد وتبرعات البيانات المجهولة المصدر إلى مركز التنمية الدولية في جامعة هارفارد، بدأنا في إلقاء بعض الضوء على هذا اللغز. في العمل الجاري مع داني باهار، ميشيل كوسكيا، وفرانك نيفكي، تمكنا من إثبات بعض الحقائق المجردة المثيرة للاهتمام.
البلدان الأكثر اكتظاظا بالسكان لها نسبة مرتفعة من رحلات الأعمال في كلا الاتجاهين، ولكن الحجم أقل من نسبة عدد سكانها: بلد يفوق بلداً آخر بنسبة 100 % من السكان يزيد فقط بحوالي 70 % من عدد أسفار رجال الأعمال. وهذا يشير إلى أن هناك اقتصادات قوية لها دور في إدارة الأعمال لصالح البلدان الكبيرة.
على عكس ذلك، فإن الدولة ذات الدخل الفردي المرتفع بنسبة 100% بالمقارنة مع بلد آخر تتلقى 130 % أكثر من زيارات الأعمال وترسل 170 % أكثر من الناس إلى الخارج. وهذا يعني أن رحلات الأعمال تميل إلى النمو أكثر بشكل متناسب مقارنة مع مستوى التنمية.
بينما يتنقل رجال الأعمال من أجل التجارة أو الاستثمار، يبدو أن لدى أكثر من نصف رجال الأعمال الدوليين صلة بإدارة الفروع الأجنبية. ويعتمد الاقتصاد الدولي بشكل متزايد على الشركات العالمية، والتي تريد نقل خبراتها إلى مواقع مختلفة في جميع أنحاء العالم. وتشير البيانات إلى أن هناك ما يقرب من ضعف عدد الأسفار من مقر الشركات التابعة لها.
ولكن لماذا نحن بحاجة إلى تنقل الأدمغة، وليس فقط المعلومات أو البايتات؟ أستطيع الإشارة إلى سببين على الأقل. أولاً، الدماغ له القدرة على استيعاب المعلومات وتحديد الأنماط، ويحل المشاكل دون أن نعلم كيف يفعل ذلك. هذا هو السبب في قدرتنا، على سبيل المثال، على استنتاج أهداف الآخرين ونواياهم من خلال تعابير الوجه ولغة الجسد والنبرة، ومؤشرات أخرى خفية بإمكاننا جمعها دون وعي. حينما نحضر اجتماعاً بشكل شخصي، يمكننا الاستماع إلى لغة الجسد، وليس فقط للكلمة المنطوقة، ونستطيع اختيار أين نوجه أنظارنا، وليس فقط زاوية معينة تظهر على شاشة الفيديو. ونتيجة لذلك، نحن أكثر قدرة على التقييم والتعاطف والارتباط بشكل شخصي مع تقنيات الاتصال الحالية.
ثانياً، تم تصميم الدماغ للعمل بشكل متواز مع الأدمغة الأخرى. إن حل العديد من المشاكل يتطلب التفاعل المتوازي مع الأدمغة التي تتوفر على برامج ومعلومات مختلفة ولكن يمكن تنسيق الأفكار معها. ولهذا السبب لدينا فرق التصميم والمجالس الاستشارية وفرق العمل المشترك بين الوكالات، وغيرها من أشكال التفاعل الجماعي. ينبغي أن يكون حجم الرحلات من أجل الأعمال مرتبطة بنسبة الخبرة والدراية التي نحتاج إلى نقلها من مكان لآخر. وتختلف الدول في تحديد كمية الدراية لديها، كما تختلف الصناعات في نوع المهارات والدراية التي تحتاج إليها. ويبين تقييم الدخل الفردي للسكان والسفر بشكل ملحوظ أن البلدان الأكثر كثافة وصناعة تمتلك أو تستخدم بشكل واسع هذه الخبرات.
الوزير السابق للتخطيط في فنزويلا