سوار شعيب وسويسرا الشرق..

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٣/مايو/٢٠١٨ ٠٣:٠١ ص
سوار شعيب وسويسرا الشرق..

د.لميس ضيف

تابعت -كسواي- حلقة سوار شعيب التي تناولت سلطنة عمان ولفتت لمآثر أهلها، وتمنيت لو أنهم لجأوا لي، أو لغيري، لنقدم لهم خدمة إعداد مجانية للحلقة لتُغطي الأسئلة والمحاور مساحة أكبر من التعريف بهذا الشعب وثقافته وعمقه الحضاري بطريقة سلسة توائم روح البرنامج القائم على الترفيه لا الطرح الجاد، وليس ذلك بمعيب ولا بمنكر في صناعة الإعلام.

ورغم أن ضيوف البرنامج من السلطنة قد عكسوا وجهاً يافعاً مشرفاً لبيئتهم. إلا أن إضافة فنان أو فنانة، أو إعلامي أو إعلامية من السلطنة من مرحلة عمرية مختلفة كان ليمنح الحوار ذائقة أخرى ولكن الجود بالموجود، وشكرا لمن اجتهد وحاول تمثيل بلده بحب.
ويبقى سؤال الحلقة قائما؟ هل السلطنة مقصرة في حق نفسها إعلاميا؟
الجواب «نعم». فسلطنة عمان، أو «سويسرا الشرق» كما يطيب للبعض أن يسميها. قد اتخذت من اعتزال الفتن والنزاعات حصنا تحول لاحقا لمعتزل. وربّت شعبها على ترك المشاحنات والمنافحات فأصبحت تلك سمة من سمات الشخصية العمانية التي لم تعد تفرق بين ما يجب أن يُترك وما يجب أن يُشاع. وأظن البعض تفاجأ من سطحية ما يعرفه الكثيرون عن دولة منبسطة على مساحة شاسعة من الجغرافيا السياسية كعمان. في حين إن العمانيين يعرفون كل شيء تقريبا عن سواهم. حتى ما لا قيمة من معرفته للأمانة.
إنها مفارقات العصر يا سادة؛ فالعاقل يعيش مع الشك فيقنن أحكامه وآراءه، والخاوي تملؤه الثقة فيملأ الدنيا ضجيجا. نعم على جميع من في الخليج أن يتعلموا من أهل عمان، لا التسامح ولا المبادئ والأخلاق فحسب، بل كيفية إدارة حياتهم الاجتماعية وخلافاتهم وتبايناتهم، وكيفية تنشئة أبنائهم. ولمن يُعاير العمانيين بأنهم خارج التقويم واللحظة نقول: هم كذلك فعلا. فقد اختاروا بسبق الإصرار أن لا يكونوا جزءا من هذا العصر الملتبس. الذي يلبس فيه الجناة دور الضحايا. وتعبأ فيه العقول بوقود قابل للاشتعال بثقاب المصالح.
وعلى الجميع أن يدرس كيف نجح المجتمع الُعماني على الثبات على القيم الأصيلة وسط زوابع العصر المتلاحقة. فظل يُشبه نفسه، فيما ضاعت ملامح الكثيرين.
لا ينقض كل ذلك وجود قناعة عامة، جاءت متأخرة بعض الشيء، من أن السلطنة بحاجة لإعادة هيكلة وجودها الإعلامي. والأمر ليس مناطاً بالأجهزة الرسمية وحدها للعلم. فكل مواطن هو ناطق باسم بلده وحضارته. وللعلم فأهم الحسابات الموجودة في الخليج هي لأرباب مهن وعلى رأسهم أطباء اقتطعوا من جداولهم المزدحمة وقتا لنشر المعلومات الطبية. وهناك من الطاقات الوطنية العمانية من يملك العلم والكاريزما اللازمة ولكنه بحاجة لدفع ذاتي ولتشجيع من المتابعين أيضا.
ليكن الترويج للفكر العماني هدف المرحلة المقبلة، لا للمباهاة ولا للتسويق بل هو واجب أخلاقي في المقام الأول. فصاحب السموم لا يتردد في نشر سمومه، واستدراج من يستطيع إلحاقهم، من الصغار قبل الكبار، ليركبوا معه في قافلة التطرف والعدائية. فأولى بمن دستوره الوسطية أن يفتح أبواب مدرسته لغيره. ليعلمهم مما ألهمه الله من الحكمة والعقل.