سندريلا هذا العصر

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢١/مايو/٢٠١٨ ١٣:٥٦ م
سندريلا هذا العصر

من منا لا يتذكر قصة ساندريلا التي تربعت على عرش القصص العالمية الأكثر شهرة بين الأطفال، القصة التي يعرفها ويحبها الكبير قبل الصغير وترويها الجدة لأحفادها، قصة ساندريلا منذ سنين وهي عالقة في أذهاننا، اليوم وبقوة نعلن عن ولادة قصة جديدة حقيقية لمسنا واقعها من خلال المتابعة لكل أحداثها منذ البداية وحتى النهاية التي توِّجت بالزواج الرسمي للأمير هاري حفيد ملكة إنجلترا إليزابيث الثانية على الممثلة ميجان ماركل. ذلك الأمير الوسيم الذي عاش بطريقة مختلفة عن غيره لم يفكر بالفروقات الاجتماعية والعرقية بل فضّل اختيار إنسانة بسيطة من العامة ولم يأبه لحديث الناس والشارع ولَم يستمع إلا لصوت قلبه، كان إنسانا طبيعيا جداً وفضّل سعادته على الخضوع للتقاليد الملكية واختار زوجته المرأة البسيطة التي ستشاركه حياته عن اختيار أميرة من عائلة ملكية أو فتاة تنحدر من أصول سلالة ملكية عريقة.

ولِدت ميجان ماركل في 4 أغسطس العام 1981 في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا في أحد الأحياء المتوسطة، لأب أبيض البشرة من أصل أيرلندي عمل مصوِّراً سينمائياً وأمها التي كانت من أصول إفريقية وتعمل كمرشدة اجتماعية وتعلّم رياضة اليوجا، وكانت تكسب رزقها من خلال مهارتها الخطية في كتابة دعوات الأعراس، وقد تخرجت العام 2003 من كلية الاتصالات بجامعة نورث ويسترن في الولايات المتحدة وبعد ذلك اتجهت إلى عالم التمثيل، وقد كافحت كثيراً للحصول على فرصة وبعدها شاركت في المسلسل سوتس. ميجان التي سبق أن تزوجت المرة الأولى من المنتج السينمائي تريفر إنجلسون لكن زواجها لم يستمر سرعان ما انفصلت عنه بعد عامين، وبذلك أصبحت مطلقة لكن ذلك لم يمنعها من أن تحب وتعشق وتمارس حياتها الطبيعية بعد أن شاء القدر لتلتقي بالأمير الوسيم هاري، بدأت قصة حب جميلة عفوية طبيعية بعيدة عن المستحيل الذي نسمعه يومياً في مجتمعاتنا العربية، ورغم أن العلاقة لاقت الكثير من الانتقادات وسط ضجيج السوشيال ميديا وسرعان ما انتشرت هذه الأخبار ما إن أعلنت الأميرة ميجان خطبتها في نوفمبر 2017 لتصدم وتفاجئ الجميع بنهاية تلك القصة والارتباط الرسمي لها.

علاقة حب توِّجت بنهاية سعيدة، تلك الممثلة الجميلة والبسيطة تكبر الأمير هاري بثلاث سنوات.. من أصول إفريقية ومطلقة.. لم تمنعها كل تلك الفروق الاجتماعية من الارتباط بحبيبها الأمير هاري الذي أحبها بقوة لجمال قلبها وروحها ووجد أنها المرأة الوحيدة القادرة على إسعاده. رأينا أمس الأول الزفاف الملكي في بريطانيا العظمى بعيداً كل البعد عن الطبقية والفروقات الاجتماعية.

اليوم نحن نبحث عن الحب الحقيقي الغائب عن مجتمعاتنا العربية والخليجية إلا ما ندر منها، على الرغم من انتشار الوعي الديني بين الأسر إلا أن الزواج في مجتمعاتنا العربية والخليجية ما زالت تحكمه العادات والتقاليد والفروقات الاجتماعية، وأهمها تلك التي تُقيِّد الشاب بالزواج من ابنة العم أو من أسرته أو من ابنة فلان وفلان وعدم السماح له بالزواج من غيرها وذلك خدمة للمصالح الاقتصادية والتجارية التي قد تربط الأسرتين ببعض، واليوم الشباب العربي لا يطلب الكثير سوى أن يعيش حياة بسيطة يشعر بالسعادة من خلالها، ولكن المجتمع يريد منه أن يتزوج بطريقة تقليدية بعيدة عن الحرية الشخصية، هنا تكمن المفارقة المؤلمة، فإذا لم يغيّر المجتمع نظرته التقليدية والطلبات المبالغ بها فسيظل عدد العوانس والشباب الذي يغرق في الخطيئة في تزايد، ولن يغيّر المجتمع نفسه ما لم يدفع الشباب عجلة التغيير وذلك بالضغط على الوالدين والأسرة لقبول شريك الحياة بدون أي تعقيدات.