طلبة ومختصون يناقشون شمولية الإعلام العماني

مزاج السبت ١٢/مارس/٢٠١٦ ١٥:١٠ م
طلبة ومختصون يناقشون شمولية الإعلام العماني

مسقط - ملاك بنت حمد الشكيلية

كثيرا ما يشتكي بعض الجمهور العماني من ضعف المادة المقدمة في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، فبعضهم يشير إلى أن السبب في ضعف تلك المادة هو تركيز الإعلام على عرض قضايا محدودة ومكررة إلى حد أنها أصبحت مستهلكة لأبعد الحدود؛ لم يلقى عليها ثوب التجديد، أما البعض الآخر فيتعاطف مع الرأي الأول ولكنه يضيف عدم تجديد الدماء الإدارية والتنفيذية وضعف التدريب والتأهيل، وبالتالي تتكرر الأفكار.

من خلال هذا التحقيق نحاول الاقتراب من أصحاب هذه الآراء لنتعرف على وجهات نظرهم بكل تفصيل، ونبحث عن حلول مقترحة لتجاوز ضعف المادة الإعلامية العمانية.

التحيز لعرض قضايا

معينة عامل معرقل

هاجر بنت يوسف اليحيائية -طالبة تدرس الإعلام في كلية البيان- أكدت على «أن عملية التركيز على بعض الوقائع أو القضايا تعرقل تقدم الإعلام المحلي؛ وذلك لأن التحفظ وعدم إظهار الحقيقة أكبر خطأ يمكن من خلاله أن تفقد الجهة الإعلامية مصداقيتها في أداء الأهداف التي وضعت من أجلها». من جانبها قالت زهرة بنت حمود النبهانية -خريجة تخصص العلاقات عامة من كلية العلوم التطبيقية بنزوى-: «أجد أن الإعلام في منأى عن بعض القضايا -وخصوصا الاجتماعية منها-، وكذلك بعض القضايا السياسية وهذا بالتالي يعني أن معرفتنا عن هذه القضايا ستكون قليلة وسطحية بسبب إعلامنا». أما موسى بن جعفر اللواتي -مدرس مساعد في الصحافة والإعلام بكلية العلوم التطبيقية بنزوى ومذيع بتلفزيون سلطنة عمان- كان له رأي محايد، حيث أشار إلى «أن للتحيز مفهوم واسع، ونظريات الإعلام تؤكد أنه ما دامت وسائل الإعلام مملوكة -أي أن لها مالكين وممولين- فهي من الطبيعي أن تنحاز إلى طرف مالكيها ولكن وسائل إعلامنا المحلية تحاول إرضاء الجميع، تحقيقا للحيادية خصوصا مع غزو الإعلام الإلكتروني للفضاءات الإعلامية وعرضها للمواضيع بشكل أوسع وأسرع».

وكان لأحمد بن يونس النقبي -طالب إعلام بجامعة السلطان قابوس- رأي مشابه لوجهة نظر موسى حيث قائل: «ماذا نعني برقي الإعلام المحلي؟ من وجهة نظري أن الإعلام المحلي إن كنا نتحدث هنا عن قنوات الاتصال الحكومية من الإذاعة والتلفزيون، فهي تلتزم بالتوجه العماني وتطبيقه وهو توجه تنموي كما نعلم؛ ولهذا نرى أنه يبتعد عن القضايا الشائكة والحساسة لارتباطه بالتنمية كهدف أساسي يقودنا لشكل من التضحية الإعلامية إن صح التعبير».

أما المذيع أحمد بن محمد العميري -مقدم برامج في تلفزيون وإذاعة سلطنة عمان وطالب إعلام بكلية العلوم التطبيقية بنزوى- فعارض القول بأن الإعلام العماني متحيز أو يميل للتركيز على قضايا معينة، ووضح رأيه قائلا: «لا داعي لعرض كل القضايا من خلال الإعلام، ولو فرضنا عرضها فربما تكون عاملا مساعدا لرقي الإعلام ولكن ستكون في الحين ذاته مسببا للآخرين لنشر الفتن وزرع جذور الفساد».

قضايا عديدة لم يتطرق لها الإعلام

وأفصحت سمية بنت خميس اليعقوبية -متخصصة في الصحافة الإلكترونية- «بأن هناك قضايا كثيرة تمت مناقشتها؛ ولكن على خجل وقضايا أخرى لم يتم مناقشتها بتاتا، وفي بعض الأحيان يتوقف الإعلام عن التذكير ببعض القضايا، وكأنه تم إيجاد حلول لها. ومن هذه القضايا رواتب العاملين في القطاع الخاص، والترقيات والتطوير في هذا القطاع، وبعض مشكلات البطالة في المجتمع».
كذلك قال أحمد بن عبدالله البحري -كاتب صحفي ومعلم للغة العربية-: «هنالك عدة قضايا لا تتم مناقشتها؛ ربما لأسباب حساسة».
وناقش الأستاذ موسى بن جعفر اللواتي قضية مشغلي شبكات الاتصال، وضعف خدماتهم كأحد القضايا التي لم تلق نصيبها من العرض في إعلامنا، سواء المرئي أم المسموع، وقال في حديثه: «شركات الاتصالات الموجودة في السلطنة هي جميعها من المعلنين في الوسائل الإعلامية؛ وبالأخص الصحف لذلك نرى دائما إعلانات شركات الاتصال تتصدر الصحف. ومن هذا المنطلق فإن الصحيفة تستفيد من المعلن ماديا لذلك لا تجرؤ على نقد شركته من جهة أخرى في مقالاتها»، وعرض اللواتي تجربة أحد طلابه المجيدين الذين قام بإجراء دراسة وتحقيق صحفي حول مشكلة في إحدى شبكات الاتصال فرفضت الصحف نشرها، وبررت ذلك بأنها لا تستطيع عرض المادة لأن الشركة المعنية تُعد من المعلنين لديها.

إلى ماذا يفتقر إعلامنا؟

بدورها أكدت هاجر اليحيائية «أن ما ينقص إعلامنا هو تقبل النقد للتطوير، ومسؤولين ذوو فكر إبداعي غير منغلق، وأداء الرسالة الإعلامية على أكمل وجه وأيضاً بحاجة إلى من يعمل بكل أمانة لا من أجل مصالح شخصية، ويعي بشكل جيد إنسانية هذه المهنة».

كما أشار موسى اللواتي إلى أن «إعلامنا لديه القدرة والكفاءة والإمكانيات التقنية والبشرية التي يؤهله إلى تقديم إعلام متزن جيد، فقط يحتاج إلى الثقة بالإعلاميين والزج بهم في العمليات الإعلامية، وحينها سيثبت الإعلامي العماني كفاءته وقدرته كما أثبت مرارا وتكرارا ونطمح لزيادة تلك الفرص».

وقالت سمية اليعقوبية: «الإعلام يحتاج للمزيد من الأسس والركائز التي تحمي حرية الصحافة». ويرى أحمد النقبي أن «إعلامنا يفتقر إلى الانسيابية في طرح المواضيع، حيث صبغت أغلب البرامج بصبغة جامدة وكأنها تخلق حاجزاً بين المذيع والجمهور، كما يفتقر إلى مواكبة التطور، ويدعو الجمهور إلى الاستمرار في متابعة القنوات المختلفة».

هل الكادر العماني غير مؤهل؟

وقال أحمد العميري: «إن الكادر العماني مؤهل إلى حد مناسب ولكن هناك أشخاص يعملون لمصالح شخصية، وليس من أجل الرقي بالإعلام العماني». وجهرت هاجر بنت يوسف اليحيائية بحديث حاد جداً بدأته بالأسف على ما يحدث، وأردفت: «إننا لا ننكر وجود المبدعين الذين لم يجدوا دعما كافيا من جهاتنا الموقرة، ورغم ذلك أثبتوا أنفسهم في المجتمع وبجدارة، وأيضا بعض جهاتنا الإعلامية تحتفظ بكبار السن الذين شاخوا في أروقة الإعلام، ولا تمنح فرصة للشاب الطموح حتى يكملوا مسيرة التنمية». وفي نهاية حديثها شددت هاجر على حاجة المجتمع العماني إلى إعلام حر يبني المجتمع ويعالج قضاياه، إعلامٌ شبابي حيوي نشط ومنبر خير للوطن والمواطن وأن تكون غايته بناء الإنسان العماني.
وأوضح رئيس قسم البرامج التلفزيونية والإذاعية بدائرة الإعلام التربوي بوزارة التربية والتعليم ومعد ومقدم برامج بإذاعة سلطنة عمان خلفان بن سليمان العاصمي متحدثا: «الكادر العماني مؤهل تأهيلاً أكاديمياً ولديه القليل من الخبرة في التعاطي مع الأحداث والقضايا، والإعلامي العماني لا يقرأ أبعاد الأحداث بعمق وهذه مشكلة ربما؛ لأن الإعلام العماني لم يتعود على طرح القضايا بعمق وتدقيق تطال كل أطراف القضية، تعودنا على طرح القضية من جانب واحد وهذا ما ولّد الخوف لدى الإعلاميين العمانيين من الخوض في قضايا عميقة. ولربما بسبب أن التحفظ على بعض المواضيع أصبح عادة، كذلك لعدم وجود برامج حوارية تُعنى بالشأن المحلي. ومع الأسف الشديد عند طرح قضية معينة تطرح من وجهة نظر المعد فقط من دون قراءة وجهات النظر الأخرى الخاصة بالمعنيين لهذه القضية، وبالتالي تكون عملية الترويج ضعيفة هزيلة غير ملبية لطموحات المشاهد».

من جانبه أشار موسى اللواتي إلى: «أن أسلوب التعميم في بعض الأحيان يكون مطلوباً لأنه ليس في كل الحالات يجدي الخوض في التفاصيل، ولكن في بعض الأحيان يكون عرض التفاصيل مهمًا للحصول على فهم ورأي عام أوسع وأكبر. حيث كان إعلامنا سابقا يغطي الحالات المدارية والأنواء المناخية بشكل عام ولكن؛ الآن انقلب الأمر وأصبحت جميع التفاصيل تعرض بشكل دقيق ومستمر. أما في قضايا الجرائم والمحاكمات فلا يجدي عرض التفاصيل لأنه عادة ما تكون مقرونة بأشخاص، وهذا ما يؤدي للتشهير والشخصنة مما يعارض المبادئ والأخلاقيات».

أما خلفان العاصمي قال: «إن ما ينقصنا هو فريق الإعداد الذي يعدّ البرامج بشكل علمي ومنهجي لنخوض في التفاصيل، وأيضا نحن بحاجة لكوادر متخصصة في عملية التعاطي مع نمط الأخبار والبرامج المعروضة ليس فقط الطرح البسيط».