أطراف صناعية للفقراء

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٤/مايو/٢٠١٨ ١٠:١٢ ص
أطراف صناعية للفقراء

باميلا كسرواني

بحسب منظمة الصحة العالمية، يوجد في العالم نحو 3 ملايين شخص من مبتوري اليد، 2.5 مليون منهم في إفريقيا. الحلول متوفرة لكنها مكلفة أو لا تعمل. «بايونيك ليمبز» المصرية قررت معالجة هذه المشكلة وتطوير يد صناعية بطريقة سهلة وبسيطة وغير مكلفة. كما يشرحها بلال إسماعيل، المؤسس الشريك ومدير التسويق.

في البداية، لم يكن مشروع تطوير الأطراف الصناعية إلا مجرد فكرة بين مجموعة من الأصدقاء المهندسين في القاهرة الذين أرادوا تطوير يد روبوتيك إلكترونية تحتوي على أجهزة استشعار. ولكن، سرعان ما تحولت هذه الفكرة إلى شركة ناشئة في القاهرة، أُطلق عليها اسم «بايونيك ليمبز» أواخر العام 2015.

يخبرنا المؤسس الشريك بلال إسماعيل في حديث معه عبر سكايب: «بدأنا بدراسة السوق ورأينا أن اليد الصناعية تنقسم لأنواع عدة في السوق. اليد الصناعية التجميلية التي غالباً ما لا تتحرك ويتراوح ثمنها بين 600 إلى 900 دولار تقريباً. ونجد أيضاً اليد الصناعية الثابتة التي تؤدي وظيفة أو اثنين وهي نسبياً غير مكلفة. أما النوع الثالث، فهو متطور ويعتمد على الروبوتيك وغالباً ما يتم استيراده، تحديداً من ألمانيا، ويصل ثمن اليد في مصر ما بين 28 إلى 56 ألف دولار». ويتابع: «بعد هذه الدراسة، تساءلنا «لماذا لا نصنع يدًا تؤدي الوظائف التي تقوم بها اليد الروبوتيك ولكن بأسعار منخفضة متقاربة من أسعار اليد التجميلية أو الثابتة وبالتالي نخلق سوقا جديدًا؟».

سوق جديدة بمتناول الجميع مثل جار أحمد العدلي، شريك إسماعيل، الذي يعمل نجاراً. ويقول إسماعيل: «كان جاره يعمل في ورش مع إخوته لكن إنتاجيته أقل منهم سبب يده المبتورة. وكان يعتبر أنه إذا وضع يد روبوتيك لن تفيده في العمل لأن البطارية ستنتهي بعد ساعة أو ساعتين كما أن البطارية وأجهزة الاستشعار غير عملية في حالته لأنه يستخدم دائماً منشاراً وفي حال ارتطمت يده الصناعية فيه، قد تنفجر البطارية».

ولذلك، أراد فريق «بايونيك ليمبز» تصنيع يد صناعية ميكانيكية لا تحتاج إلى بطاريات أو أجهزة استشعار أو محركات. دامت الأبحاث حوالي سنتين بغية تصنيع يد تقوم بكل وظائف يد طبيعية لتسمح لصاحبها ليس فقط أن يتناول كوب ماء فحسب لا بل أيضاً ليكتب أو يحرك أصابعه. وحالياً، توصلوا إلى النموذج الأولي الثامن. ويشرح لنا إسماعيل: «هناك أشياء تعمل على الكمبيوتر ولكن عند إنتاجها بالطباعة الثلاثية الأبعاد تتغير التكلفة وسرعة الإنتاج وتجدها غير شغالة على أرض الواقع. ولا بد من الإشارة إلى أننا قد نعدّل أكثر من ثلاثين مرة النموذج الأولي الواحد قبل أن نصل إلى نسخته النهائية».

يقوم الأطباء الآن بتجربة النسخة الثامنة فيما الفريق يعمل على شكله التجميلي. ويطلعنا إسماعيل: «بدأ عدد من الأطباء بتشغيل هذا المنتج والحصول على ردود أفعال المرضى. أصعب مرحلة هي مرحلة ملاءمة اليد الصناعية مع صاحبها لأن الجهاز قد يكون مناسباً نظرياً، ولكن قد يشعر من يرتديه بعدم الارتياح أو ألم معين أو يرفض الجهاز. نريدهم بتجربة الجهاز في حياتهم اليومية لنرى ما يجب تعديله لنطبع نموذج جديد».
تكمن أهمية ما تقوم به «بايونيك ليمبز» في أنها تقلّص الفترة المطلوبة للحصول على يد صناعية. ويشرح لنا إسماعيل: «في الطريقة التقليدية، عملية ملاءمة اليد قد تتطلب ما بين 6 الى 10 أسابيع، فيما تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد، تمنحك يداً صناعية بين 3 أيام إلى أسبوع».
اليد الصناعية التي ما زالت قيد التجربة تستهدف العمال، والأطفال، والفقراء بشكل عام. ويضيف إسماعيل: «أكبر عدو للروبوتيك هو الرطوبة لأنها لا تعمل بطريقة جيدة في مناخ رطب. نريد أن نصل إفريقيا حيث أكبر عدد من مبتوري الأيدي في العالم. فهي إذاً أكبر سوق وأكثرها تهميشاً والحلول الموجودة غير مناسبة. وهدفنا المستقبلي هو أن نتعاون مع الصليب الأحمر الدولي ومع الأمم المتحدة لنوصل منتجنا الى الأماكن التي فيها حروب ونزاعات وفقراء».
شعار «بايونيك ليمبز» هو أن «الإعاقة الجسدية ليس عائقاً». ولذلك، يتعاون فريق العمل مع كل الشركات أو مراكز الأبحاث في المنطقة أو غيرها من أجل مضافرة الجهود لإنتاج أوسع مجموعة من الحلول المبتكرة التي تعزز إنتاجية مبتوري الأطراف. مهمة صعبة ومليئة بالمطبات. فيشرح لنا إسماعيل أن العقبة الأولى هي غياب الإحصاءات الدقيقة لاسيما أن وزارة الصحة المصرية لم تصدر أياً منها وحتى تلك الموجودة تعود إلى سنة 2008 ويشككون بدقتها. أما المشكلة الثانية، فهي المهارات لاسيما أن معظم المهندسين الميكانيكيين لا يملكون خبرة في تصميم الأعضاء البشرية. وتبقى العقبة الثالثة، التمويل والدعم. فيكشف إسماعيل: «نموّل الشركة من أموالنا الخاصة ونضخّ بعض المبالغ التي كسبناها من الجوائز».
يبقى إسماعيل متفائلاً لاسيما أن كثيرين أبدوا اهتمامهم بالمنتج. وخلال الأشهر المقبلة، يتوقع الحصول على الضوء الأخضر لتوزيع اليد الصناعية على المستشفيات والمنظمات غير الحكومية والتركيز على مشروع جديد لتطوير «قدم السكري». ويشرح لنا: «الناس الذين يعانون من السكري يتم بتر بعض أصابعهم ولم نجد في السوق حلولاً لهذه المشكلة بل حلول للقدم بشكل عام».
ما زالت «بايونيك ليمبز» في أول مشوارها لكنها تطمح إلى قلب المعادلة في صناعة الأطراف الصناعية لكسر احتكار بعض الشركات وتوفير هذه الأطراف لأكبر عدد من الأفراد.

صحفية متخصصة في

التكنولوجيا وإدارة المشاريع الاجتماعية.