تشارلز تشوي-ترجمة: أحمد بدوي
يقول الباحثون أن أكثر المشاكل الملحة في العالم، مثل تغير المناخ والصراعات العالمية، يمكن حلها باستخدام مزيج من الذكاء البشري والكمبيوتر، فالإنسان يتفوق على الآلة في العديد من المهام مثل القدرة على التمييز بين الصور والتفكير الابداعي، ما يعني أنه بمساعدة الكمبيوتر يمكن لمجموعة أشخاص أن تتعاون في شبكات لتحقيق ما لا يستطيع الإنسان أو الحاسوب كل بمفرده القيام به وهو مجال متنامي يعرف باسم "الحوسبة البشرية".
يقول بيترو ميشيلوتشي مدير معهد الحوسبة البشرية في فيرفاكس بولاية فرجينيا أن الشيء الأكثر إثارة أن الحوسبة البشرية توفر آفاق آمال مستقبلية عريضة، وعلى الرغم من أن كثير من الأشخاص قد علقوا آمالا كبيرة على الذكاء الاصطناعي أو الآلات فائقة الذكاء، إلا أن الحوسبة البشرية توفر بديلا أفضل. ووفقا لميشيلوتشي فمن خلال استخدام التكنولوجيا التي تجمع بين العنصر البشري والآلة يمكن للحوسبة البشرية أن تحقق ما لم يكن ممكنا تحقيقه بالذكاء الاصطناعي إلا في المستقبل البعيد.
ومن الأمثلة البارزة اليوم على الحوسبة البشرية ما يطلق عليه RECAPTCHA وهو ما يستخدمه نحو 100 مليون شخص على الانترنت يوميا عند نسخ نص مشوه في مربع لإثبات أن المستخدم إنسان وذلك للوصول إلى محتوى عبر الإنترنت. وقد ساعد هذا العمل في التمثيل الرمزي لمجموعات الحروف في كتابة 13 مليون مقال أرشيفي لصحيفة نيويورك تايمز رقميا.
وتعتمد معظم نظم الحوسبة البشرية اليوم على توزيع عدد من "المهام الصغيرة" على العديد من الأشخاص ثم دمج النتائج معا. وعلى سبيل المثال فقد استخدم 165 ألف متطوع في 145 دولة منصة EyeWire لتحليل آلاف الصور على الانترنت والمساعدة في بناء الخريطة الأكثر اكتمالا في العالم للخلايا العصبية في شبكية العين البشرية، وهي الأنسجة التي توجد في مؤخرة العين والتي تكشف الضوء وتمكن الإنسان من الرؤية.
إلا أن استراتيجية توزيع المهام الصغيرة لا تكفي وحدها لمعالجة المشاكل المعقدة مثل تغير المناخ والصراعات العالمية.
جانيس ديكنسون، أستاذ ومدير قسم العلوم المدنية في مختبر كورنيل لعلم الطيور في إيثاكا، نيويورك يشير إلى أن المشاكل المعقدة تنطوي على الكثير من الأجزاء المتفاعلة ومن ثم لا يمكن التنبوء بها لأننا لا نفهم ردود أفعال كل جزء على الآخر. ويقول الباحثون أن تقديم المساعدات المالية – على سبيل المثال - إلى إحدى الدول بعد كارثة طبيعية يمكن أن يؤدي إلى فساد يشوه جهود الإغاثة. ويحاول العلماء وضع تصورات للطرق التي يمكن من خلالها للحوسبة البشرية معالجة مثل تلك المشاكل المعقدة. ومثل تلك الاستراتيجيات لمعالجة المشاكل المعقد لا تتطلب وحسب الجمع المستمر للبيانات على أرض الواقع ولكن أيضا استخدام المنطق متعدد الخطوات، وبموجب هذه الطريقة يمكن تحليل المشكلة المعقدة الى أجزاء بسيطة يسهل معالجتها.
وتسمح التقنيات الحديثة بمعالجة مساهمات أشخاص كثيرين بواسطة جهاز كمبيوتر ثم إرسالها إلى آخرين لإدخال تحسينات أو تحليلات من نوع مختلف. يقول ميشيلوتشي ان بوسعنا الاعتماد على الحوسبة البشرية لتحفيز الابتكار واستخلاص الأفكار الجديدة ونشرها في كافة الأنحاء، وإعطاء الناس الفرصة للبناء على عمل بعضهم البعض، وهذا بالطبع سيكون ممتعا وسهلا وسريعا في ظل مساهمةالملايين من الأشخاص الراغبين في المشاركة.
ويقول الخبراء أن هناك الكثير من التساؤلات حول كيفية عمل العنصر البشري في نظم الحوسبة البشرية والتي تتطلب إيجاد حلول لها قبل التفكير بشكل كبير في استخدامها في الجهود الإنسانية أو الكوارث أو رصد ومعالجة المشاكل الناشئة جراء التغير البيئي المزمن ، كما يلفت المتخصصون الإنتباه الى ضرورة النظر في اعتبارات ما تمثله الحوسبة البشرية بالنسبة للقوى العاملة البشرية ومعدلات البطالة والاقتصاد، حتى يمكن توفير حماية للأشخاص الذين يساهمون في مشاريع الحوسبة البشرية وحمايتهم من الإستغلال.
عن موقع Livescience