الفاتورة الاقتصادية.. وانسحاب أمريكي من النووي

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٤/مايو/٢٠١٨ ٠٤:٥٣ ص
الفاتورة الاقتصادية.. وانسحاب أمريكي من النووي

محمد محمود عثمان
mohmeedosman@yahoo.com

تبعات اقتصادية سلبية كبيرة لقرار انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران خاصة بعد أن نصبت الولايات المتحدة نفسها الشرطي الاقتصادي بل والسياسي في العالم، الأمر الذي قد يُفقدها مصداقيتها داخل منظومة المجتمع الدولي، وأصبح السؤال الذي لا نعلم إجابته هو: إلى أي مدى سيتحمل الاقتصاد الخليجي فاتورة هذا الانسحاب؟، وهل تتحمل الدول الأوروبية فاتورة العقوبات الأمريكية على إيران؟

الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران له العديد من التبعات السلبية على الاقتصاديات العالمية والعربية تحديدا، خاصة مع فرض واشنطن عقوبات جديدة على إيران والشركات الدولية العاملة بها، وقد أعلنت الإدارة الأمريكية نيتها إلغاء التراخيص الممنوحة لشركتي ايرباص وبوينج لبيع طائرات ركاب إلى إيران، وكانت شركة الخطوط الجوية الإيرانية (إيران اير) قد طلبت 200 طائرة ركاب، من بينها 80 طائرة بوينج بقيمة 17 بليون دولار، و100 طائرة ايرباص و20 طائرة إيه تي آر الفرنسية الإيطالية، ولا يمكن لكافة هذه الصفقات أن تتم دون الموافقة الأمريكية نظراً لأن المكونات الأمريكية مستخدمة بصورة مكثفة في الطائرات التجارية، كما تراجعت أسهم الشركات الفرنسية التي ارتبطت بعقود مع إيران، فانخفضت أسهم بيجو سيتروين لصناعة السيارات بنسبة 1.5 %، كما انخفضت أسهم منافستها رينو، التي تعمل في إيران أيضا، بنسبة 0.3 %، وايرباص للطائرات تراجعت بنسبة 1.1 %، وتمتد الآثار السلبية إلى قطاع الطاقة، إذ توقف مشروع الغاز الإيراني في حقال بارس الجنوبي، وهو أكبر حقول الغاز في العالم، الذي تعاقدت بشأنه شركة توتال، أكبر شركة نفط فرنسية – باستثمار أولي يبلغ حوالي بليون دولار- وهو أول استثمار غربي في قطاع الطاقة الإيراني منذ رفع العقوبات عن إيران، وتمارس الشركة ضغوطاً على الحكومات الفرنسية والأوروبية، لحماية استثماراتها في إيران.

كما تمتد تبعات القرار الأمريكي لتشمل شركات أوروبية أخرى مثل جنرال إليكتريك، فولكسفاجن، وبي اس ايه، كما سيتعين على شركتي طيران «بريتيش ايرويز» و»لوفتهانزا» الاختيار بين الإبقاء على رحلاتهما المستأنفة إلى إيران أو الحفاظ على رحلاتهما الدولية إلى الولايات المتحدة، ما يطرح مخاوف جدية من اندلاع حرب تجارية جديدة بين أوروبا والولايات المتحدة، ومحاولة أوروبا للحفاظ على مصالحها الاقتصادية واستثماراتها في إيران، التي تزايدت بعد توقيع الاتفاق النووي في 2015، وتعد ألمانيا أكبر مصدر أوروبي إلى إيران، بقيمة 2,97 بليون يورو في 2017، في حين نمت الصادرات الإيطالية إلى إيران في 2017 بنسبة 12,5% لتصل إلى 1,7 بليون يورو، وبلغت صادرات المملكة المتحدة إلى إيران 167 مليون جنيه استرليني (191 مليون يورو)، لذلك تبذل أوروبا مساعيها للحفاظ على مصالحها الاقتصادية واستثماراتها، بعد أن أمهلت إدارة ترامب الشركات الغربية العاملة في طهران ما بين 90 و180 يوما لإنهاء العقود القائمة حاليا.
وشهدت البنوك الإيرانية حالة ارتباك شديدة، مع قيام العديد من المودعين بسحب مدخراتهم، وهو ما فرض ضغوطاً على النظام المصرفي، الذي يعاني بالفعل من القروض المتعثرة وسنوات العزلة السابقة.
ويبقى السؤال حول التأثيرات على منطقة الخليج نتيجة الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي؟ وهل هناك فواتير أخرى ستفرض على العرب كما حدث مع حربي الخليج الأولى والثانية سوف تتحمله الاقتصاديات العربية؟ حيث إن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على صيف شديد السخونة، بعد القرار الأمريكي الذي اشعل المنطقة المشتعلة بالأساس، والذي يؤجج التدخلات والخلافات التي تزعزع الاستقرار السياسي والاقتصادي، ولا سيما في دول الخليج.