واشنطن - طهران - موسكو - لندن - وكالات
أخيرا أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراره بشأن الاتفاق النووي مع إيران فيما قال الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس الثلاثاء إن بلاده تسعى لعلاقات بنّاءة مع العالم لكنها ستواصل التنمية المحلية رغم العقوبات المحتملة.
وأضاف روحاني في كلمة نقلها التلفزيون على الهواء «أساس سياستنا الخارجية هو إقامة علاقات بنّاءة مع العالم».
وقال روحاني خلال اجتماع مع مسؤولين في قطاع النفط في طهران «سواء كنا في ظل عقوبات أم لا يجب أن نقف على قدمينا. هذا مهم جدا لتنمية بلادنا».
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موقفه من الاتفاق النووي الإيراني وقال مسؤول أمريكي كبير إنه لم يتضح -قبل إعلان ترامب قراره- ما إذا كانت الجهود التي يبذلها الحلفاء الأوروبيون للتصدي لمخاوفه ستكون كافية لإنقاذ الاتفاق.
وهدد ترامب مرارا بالانسحاب من الاتفاق الذي خفف العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران مقابل الحد من برنامجها النووي ما لم تصلح فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وهي أيضا موقعة على الاتفاق، ما وصفها «بعيوبه الرهيبة». وقال المسؤول الأمريكي الكبير إن الحلفاء الأوروبيين متفقون إلى حد بعيد مع ترامب فيما يعتبرها عيوب الاتفاق، وهي الفشل في التصدي لبرنامج الصواريخ البالستية الإيراني والشروط التي يزور بموجبها المفتشون الدوليون المواقع الإيرانية المشتبه بها والبنود الرئيسية المحددة بموعد معيّن ينقضي العمل بها بعده. وقال: «السؤال الكبير الذي يدور في ذهني هو هل يعتقد (ترامب) أن الأوروبيين قطعوا شوطا كافيا (في إصلاح الاتفاق) كي يتسنى لنا جميعا أن نكون متحدين ونعلن عن اتفاق؟ هذا خيار... أو (هل يرى هو) أن الأوروبيين لم يفعلوا ما يكفي ونقول إن علينا فعل المزيد؟». وكان دبلوماسيون أوروبيون في أحاديث خاصة توقعوا أن ينسحب ترامب فعليا من الاتفاق المبرم بين القوى الست الكبرى، بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة، وبين إيران العام 2015. واستبعدت إيران التفاوض مجددا بشأن الاتفاق وهددت بالرد، لكنها لم تحدد كيفية ذلك إذا انسحبت واشنطن من الاتفاق.
هل سترد إيران؟
يلزم الاتفاق، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، الولايات المتحدة بتخفيف سلسلة من العقوبات الأمريكية على إيران وفعلت واشنطن ذلك بموجب سلسلة من «إجراءات التعليق» التي أوقفت العمل بها فعليا. ويمهل القانون الأمريكي ترامب حتى يوم السبت المقبل كي يتخذ قرارا بشأن ما إذا كان سيفرض مجددا العقوبات الأمريكية ذات الصلة بالبنك المركزي الإيراني وبصادرات الجمهورية الإسلامية من النفط. ومن شأن معاودة فرض العقوبات أن تُثني الشركات الأجنبية عن التعامل مع إيران لما قد تتعرّض له من إجراءات عقابية أمريكية. وقال دبلوماسيون إن من شأن ذلك أيضا أن يستتبع ردا إيرانيا، إذ قد تستأنف طهران برنامجها للأسلحة النووية أو تعاقب حلفاء الولايات المتحدة في سوريا والعراق واليمن ولبنان.
الحلفاء ملتزمون بالاتفاق
ما تزال بريطانيا وفرنسا وألمانيا ملتزمة بالاتفاق النووي لكنها، وفي محاولة لمعالجة الشكاوى الأمريكية، تريد إجراء محادثات بشأن برنامج إيران للصواريخ البالستية وأنشطتها النووية بعد 2025 -عندما ينقضي أجل بنود رئيسية في الاتفاق- ودورها في أزمات الشرق الأوسط مثل سوريا واليمن.
وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون الموجود في واشنطن حاليا لإجراء محادثات، إن الاتفاق به نقاط ضعف لكن من الممكن معالجتها. وأضاف في تعليق في نيويورك تايمز «في هذه اللحظة تعمل بريطانيا مع إدارة ترامب وحلفائنا الفرنسيين والألمان لضمان إصلاحها». ويقول دبلوماسيون إن طهران تفضّل أن يظل الاتفاق قائما خوفا من تجدد اضطرابات محلية بسبب الصعوبات الاقتصادية التي تفاقمت على مدى سنوات بسبب العقوبات. وهناك طريقان على الأقل يوفران مزيدا من الوقت لإجراء محادثات بعد يوم 12 مايو. فالاتفاق يتضمن فقرة تتعلّق بحل الخلافات تعطي مهلة 35 يوما على الأقل لدراسة أي زعم بأن أحد أطرافه قد انتهك شروطه. ويمكن مد المهلة بموافقة جميع الأطراف. وان إعادة فرض العقوبات الأساسية يتعيّن على ترامب بموجب القانون الأمريكي الانتظار 180 يوما على الأقل قبل فرض عقوبات على بنوك الدول التي لم تخفّض مشترياتها من النفط الإيراني. واستبعدت إيران مرارا تقليص نفوذ طهران في المنطقة وهو ما قد طالبت به الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون في أي اتفاق جديد.
أربعة مسالك
كانت أمام الرئيس الأمريكي أربعة مسالك:
التصوّر الأول: تمديد تخفيف العقوبات
كان أمام ترامب تخفيف العقوبات الأمريكية على البنك المركزي الإيراني وصادرات إيران النفطية، مثلما يفعل كل أربعة أشهر، مع مواصلة المحادثات مع ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بشأن اتفاق جانبي يعالج ما يصفها بأنها عيوب الاتفاق.
التصوّر الثاني: ترامب لا يمدد تخفيف العقوبات
يقرر ترامب ألا يخفف العقوبات الأمريكية وبذلك تدخل الإجراءات العقابية حيّز التنفيذ بعد 180 يوما على أن يترك للحلفاء الأوروبيين الذين يفضلون الإبقاء على الاتفاق اتخاذ قراراتهم. وبموجب هذا التصوّر سيتعيّن على إيران اتخاذ القرار بشأن ما إذا كانت ستواصل الالتزام بقيود الاتفاق على برنامجها النووي.
التصوّر الثالث: ترامب لا يخفف العقوبات لكنه يعيد التفكير
يقرر ترامب ألا يخفف العقوبات لكنه يعلن أنه قد يُعيد تخفيفها قبل أن تدخل الإجراءات الجزائية على انتهاك العقوبات حيّز التنفيذ إذا توصل الحلفاء الأوروبيون إلى اتفاق جانبي مع الولايات المتحدة. ومرة أخرى سيتعيّن على إيران اتخاذ القرار بشأن مواصلة الالتزام بالاتفاق في تلك الأثناء.
التصوّر الرابع: ترامب لا يخفف العقوبات ويقول إن إيران تنتهك الاتفاق
يعلن ترامب أنه لن يخفف العقوبات ويقول إن إيران تنتهك الاتفاق مشيرا إلى الأدلة التي ساقتها إسرائيل. وقد تستخدم الولايات المتحدة آلية لحل الخلافات منصوصا عليها في خطة العمل الشاملة المشتركة سعيا إلى «عودة سريعة» لعقوبات الأمم المتحدة على إيران.
وفي موسكو صرّح المتحدّث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن التغييرات في الخطة الشاملة المشتركة بشأن إيران ستؤدي إلى عواقب وخيمة، لذلك فإن روسيا ترى الاتفاق النووي الأساس الحقيقي الوحيد للحفاظ على الوضع الراهن. وأوضح أن العواقب الوخيمة ستنجم عن عدم وجود نظام اتفاقيات حول الملف النووي الإيراني، وإن كان هشا، ولكن لا يمكن الاستغناء عنه، بالإضافة إلى مسألة عدم الانتشار.
وأضاف بيسكوف: «وعلاوة على ذلك فإن هذا الموقف يتوافق مع نهج رؤساء الدول الأوروبية، الذين لم يؤيدوا خرق هذه الوثيقة الأساسية».