د.لميس ضيف
مع اقتراب الشهر الفضيل تكثر النكات التي تُحاكي الواقع أو الهواجس. لا عجب أن كثيرا منها يدور حول الخدم الذين تتعاظم أهميتهم في شهر كهذا. أغلب النكات تدور حول «هروب» العاملات. وهي أحاديث ساخرة تنقلب لدموع قهر لو تحوّلت لحقيقة. فعلى أرض الواقع، تسجل الجهات المعنية في رمضان نسبة هروب أعلى من مثيلاتها على مدار العام. قرأت قبل أيام أن دولة خليجية تسجل حوالي 100 حالة هروب يوميا في رمضان وحدها.
في الخليج، هناك زهاء مليون وافدة يعملن كعمالة منزلية. ولا يمكن وصف ظروف عملهن إلا بالصعبة. فلا إجازات في الغالب، ولا فترات ترويح ولا أوقات منتظمة في النوم في كثير من الأسر.
وتعطي بعض العائلات لأنفسها الحق في إيقاظ العاملات لساعات متأخرة من الليل لإعداد السحور. فضلا عن استنزافهن لإعداد فطور منوع وتنظيف ما تخلّفه تلك الموائد من فوضى. ولا يُلغي ذلك المسؤوليات اليومية التي على العاملة: بدءا بالاستيقاظ مبكرا قبل الجميع للتنظيف مرورا بالغسل والكوي وغيرها من المهمات.
ولأن اجتماع العائلة أمرٌ لا مناص منه في هذه المواسم. تتكدس بضع عائلات في منزل واحد. وهو ما يُراكم العمل على تلك الفئة التي تنال الكثير من النقد والتجريح. رغم دورها الكبير في إسعاد الأسرة وتأمين احتياجاتها ومقابل ماذا؟
مبلغ زهيد جدا مقارنة بساعات عملهم الممتدة.
في رمضان وغيره، وفي رمضان قبل غيره أيضا، يجب إعطاء تلك الفئة حقها الآدمي في الراحة والاسترخاء. وليكن هذا في عين من يستكثرونه إحسانا يؤجرون عليه إن كانوا يريدون رؤيته بهذا الشكل.
نعم، بعض هــؤلاء جاحـــد ومستهتر. ولكن الغالبية العظمى مطحونة مغبونـــة تركت أبناءها، أغلى من لديها، وراء ظهرها لتكفي نفسها ذل الحاجة.
استقبلــوا الشهر الفضيل بالتخطيط وتــوزيع المســـؤوليات. ولا داعــي لأن يتصرّف الأبنـــاء والبنات كضيوف في منازل أهلهم. ولا يضــرهم أن يســـاعدوا في إعداد ما يأكلــون وتنظيف ما أكلوا. لقد أنعم الله علينا بمال لنحظى بالمساعدة لا لنتصرّف كمعوقين عاجزين عن فعل أي شيء لأنفسنا، والله من وراء القصد.
lameesdhaif@gmail.com