صلالة - ش
صدر في الرباط حديثاً عن مطبعة طوب بريس كتاب بعنوان «أصل الأمازيغ» للباحث سعيد بن عبدالله الدارودي. ولقد أنجز -قبل هذا الكتاب- دراسة لغوية مقارنة بعنوان (حول عروبة البربر) صدرت هي أيضاً في العاصمة المغربية الرباط سنة 2012 م.
في كتابه الأخير الذي نحن بصدد الحديث عنه، ردَّ الدارودي على قرائن ثلاث ذكرها الباحث المغربي الشهير (محمد شفيق) في معرض حديثه عن «الأدلة الواهية» القائلة بقدوم البربر من جنوب شبه الجزيرة العربية. وهي قرائن وردت في صفحة واحدة فقط، في كتاب له جعل عنوانه (لمحة عن ثلاثة وثلاثين قرناً من تاريخ الأمازيغيين) وقد أخذ الرد من الباحث على هاتين الصفحتين أكثر من أربعين صفحة.
القرينة الأولى أشارت إلى أعلام المواضع ذات الجرس البربري. يقول شفيق: «عدد لا بأس به من أسماء الأماكن التي توجد على الطريق البري الواصل بين المغرب الكبير وبين اليمن عبر القارة الأفريقية، لها صيغ أمازيغية واضحة ولبعضها مدلولات في اللغة «البربرية»».
وهنا جاء رد الباحث الدارودي بأنْ أورد مجموعة من أسماء ريفيّة في جبال ظفار ذات ميزان صرفي أمازيغي واضح. وقال إنَّ ما ذكره هنا من هذه الأسماء هو غيض من فيض، لأن الغالبية العظمى من أسماء الأعلام الخاصة بالأماكن في جبال ظفار، هي أسماء ذات صيغ أمازيغية واضحة كل الوضوح.
القرينة الثانية هي عدد من الألفاظ العربية عثر عليه محمد شفيق بنفسه، والتي قال بشأنها صاحب «لسان العرب» إنها «حِمْيرية» أو «يمانية»، وهي ألفاظ لها وجود في الأمازيغية، إما بمدلولها «الحِمْيَري» وإما بمدلول معاكس، وكأنها انقلبت إلى أضدادها، لكن عدد هذه الألفاظ قليل لا يسمح بجزم في الموضوع.
أما القرينة الثالثة فمتمثلة في قوله: «بين حروف «تيفيناغ»، القديمة منها والتوارقية، وبين حروف الحميريين شَبَهٌ ملحوظ في الأشكال، لكنها لا تتقابل في تأدية الأصوات، إلا في حالتين اثنتين بتجاوز في التدقيق...». ولقد رد الباحث الدارودي على هذا بأن أورد جدولاً وضعه الباحث علي أحمد الشحري المهتم بالنقوش والكتابات العربية القديمة، والذي كشف من خلاله التطابق التام في الأشكال بين جميع الحروف القديمة بشمال أفريقية بشقّيها (التيفيناغي والليبي) وبين حروف المسند العربي المكتشف في ظفار.