مسقط -
تم الاحتفال صباح أمس (الأحد الموافق 6 مايو 2018م) بوضع حجر الأساس لمشروع “بناء المركز الوطني للتوحد”، والذي تستغرق فترة بنائه 18 شهرا في منطقة الخوض السادسة بولاية السيب، والممول من قِبل الشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال، وذلك بتكلفة إجمالية تصل إلى 2.300 “مليونين وثلاثمئة ألف ريال عماني”، ويقع على مساحة إجمالية تصل إلى 23600 متر مربع “ثلاث وعشرين ألف وستمئة متر مربع”، إلى جانب مبنى المركز والبالغة مساحته 5225 مترا مربعا “خمسة آلاف ومئتين وخمس وعشرين مترا مربعا”.
ويهدف هذا المركز إلى تشخيص وتقييم الحالات داخل المركز منذ سن مبكر باستخدام مقاييس حديثة، وتنمية وتطوير قدرات حالات اضطراب طيف التوحد في مختلف الجوانب التطويرية “المعرفية، والحركية، والاجتماعية، والانفعالية”، ووضع الخطط والبرامج الكفيلة بتحقيق الاندماج التام في المجتمع، إلى جانب تثقيف وتعزيز الوعي المجتمعي بهذه الفئة في كيفية التعامل مع حالات اضطراب طيف التوحد المتعايشين معهم.
ويقدم هذا المركز منظومة من الخدمات التأهيلية لحالات اضطراب طيف التوحد بدءاً من مرحلة التدخل المبكر للحالة وحتى عمر 30 سنة وتحديداً في مجالات التربية الخاصة، والعلاج الوظيفي، وعلاج النطق والتواصل، والإرشاد النفسي وتعديل السلوك، والعلاج بالماء، والعالج بركوب الخيل، والتأهيل المهني، والعلاج بالرسم والموسيقى، إلى جانب تقديم برامج الإرشاد والتوجيه الأسري لأسر هذه الحالات.
ورعى احتفال “وضع حجر الأساس” وزير التنمية الاجتماعية معالي الشيخ محمد بن سعيّد الكلباني وحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة، وعدد من مسؤولي وزارة التنمية الاجتماعية والشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال ولفيف من المدعوين.
بادرة مقدرة
وبهذه المناسبة أكد راعي الحفل معالي الشيخ وزير التنمية الاجتماعية بأن مبادرة الشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال في تقديم هذه الهدية لحالات اضطراب طيف التوحد وأسرهم هي بادرة مقدرة تُشكر عليها، كما أن قطاع الإعاقة بحاجة إلى جهود الدعم والمساندة من مختلف مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني، مضيفا بأن وضع حجر الأساس لهذا المشروع الوطني يعدّ بادرة من الشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال ومحفزة للمؤسسات والجهات الأخرى والتي -بلا شك- ساهمت في الكثير من القطاعات التي تعنى بالشأن الاجتماعي، ووجود هذا المركز بخبرات محلية ودولية يخدم شريحة كبيرة من حالات التوحد، والتي أصبحت الكثير من الأسر العُمانية تعاني من هذا الاضطراب وتلجأ إلى الكثير من المراكز لتقديم الخدمات لها.
مركز بصبغة عالمية
وبيّن الرئيس التنفيذي للمؤسسة التنموية للشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال الشيخ خالد بن عبدالله المسن بأن الشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال تقدّر الشراكة الاستراتيجية التي تربطها مع وزارة التنمية الاجتماعية والتي بدورها تمثل داعما أساسيا لتحقيق تلك الشراكة، وتأتي هذه الشراكة ضمن مبادرة “هدية لعُمان” وهي مبادرة انتهجتها الشركة طوال السنوات العشرين الفائتة، حيث تقوم الشركة كل خمس سنوات بدعم مشروع تنموي ضخم يخدم المجتمع وبقيمة عالية، ومن ذلك مشروع مستشفى صور، ومركز السلاحف في رأس الحد، وإنشاء مدرسة الإبحار، وتقديم 26 سيارة إسعاف إلى وزارة الصحة وشرطة عُمان السلطانية، وعلى أمل أن يخدم المركز الوطني للتوحد شريحة واسعة من أبناء السلطنة. وأوضح المسن بأنه منذ الإعلان عن هذا المشروع تم تشكيل لجنة مشتركة بين المؤسسة التنموية للشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال والمختصين من وزارة التنمية الاجتماعية والاستشاري المسؤول عن تصميم المبنى، حيث تركزت أهم أعمال اللجنة حول زيارة عدد كبير من مراكز التوحد العالمية وذلك للتعرّف على أهم الحلول المتبعة في هذا المجال، وأضاف: يمكننا القول إننا سنقدم للوطن مركزا وطنيا للتوحد بصبغة عالمية بإذن الله.
ثمرة التعاون
من جانبه عبّر رئيس مجلس إدارة الجمعية العُمانية للتوحد د.يحيى بن محمد الفارسي عن سعادته الغامرة بهذه المناسبة، والذي يعتبر ثمرة لجهود وتعاون العديد من الجهات كوزارة التنمية الاجتماعية والشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال، وأشار الفارسي إلى جهود الجمعية العُمانية للتوحد من خلال تثقيف المجتمع وزيادة وعيّه وتدريب وتأهيل المختصين بالتوحد، وتقديم الدعم الأسري ماديا ومعنويا، كما اعتبر رئيس مجلس إدارة الجمعية العُمانية للتوحد أن الجمعية بمثابة حلقة الوصل بين الأسر التي ترعى أطفال توحديين وكــــــافة المؤسسات الحكومية أو الخاصة ذات الاختصـــــاص باضطراب طيف التوحد.
وأكد د.يحيى الفارسي بأن اضطراب طيف التوحد أرّق العالم من خلال تنامي الأرقام المصابة به في كافة دول العالم، حيث إنه قبل أقل من 20 عاما من الآن يكاد لا يسمع عن مصطلح “التوحد” ولكن في الفترة الأخيرة بات ذكر اضطراب التوحد بشكل مستمر؛ وذلك بسبب الزيادة الكبيرة في حالات المصابين به، حيث يقدّر عدد حالات التوحد في الولايات المتحدة الأمريكية بوجود طفل توحّدي من كل 60 طفلا، أما على مستوى شمال أوروبا فيوجد طفل توحّدي في كل 100 طفل، وذلك حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، وعلى مستوى السلطنة تم إجراء أكثر من دراسة حول هذا الجانب، كـــان أولها دراسة أقيمت بجامعة السلطان قابوس حيث أظهرت الدراسة بأنه يوجد طفل توحدي من كل 5000 طفل، ولكن كان لفريق العمل إحساس بأنه ربما تكون هناك مشكلة تكمن في التشخيص الصحيح للاضطراب وكثير من الحالات لا تشخّص وبالتالي لا تصنف ولا تسجل، لذلك قمنا خلال الفترة الفائتة بمراجعة تلك الدراســـــة، وتم تعديلها حسب المستجدات التي أوضحت بأنه يوجد طفل توحدي في كل 165 طفلا في السلطنة، وقـــــــال الفارسي بأن هذه الأرقام ما تزال تقديرية ولكن هناك سعي من جامعة السلطان قابوس وبالتعاون مع الجمعية العُمانية للتوحد للشروع في دراسات أكثر عمقاً لتحديد النسبة الحقيقية ومعرفة معدل انتشار التوحد بالسلطنة.
وأضاف د.يحيى الفارسي بأن عدد الحالات التي تم اكتشافها في الوقت الحالي يقارب 3000 حالة وذلك من خلال الأرقام المسجلة لدى وزارة الصحة والجمعية العُمانية للتوحد مع وجود إحساس كبير بأن هناك حالات أخرى لم تكتشف بعد، ونسعى لتقديم كافة الدعم المعنوي والمادي لتحسين وضع الأطفال وذويهم. كما أشار رئيس مجلس إدارة الجمعية العُمانية للتوحد إلى أن الجمعية تقوم بالتركيز على دورة حياة الطفل التوحدي، حيث إنه لا بد من الإدراك بأن الطفل التوحدي لا يظل طفلا طوال حياته، بل يكبر فيحتاج إلى تعليم ودمج وإرشاد في سن المراهقة، ثم تهيئته للعمل وتوفير فرص العمل المناسبة له.
مكونات المركز
يذكر أن مبنى المركز الوطني للتوحد يشتمل على عدد من المكاتب الإدارية كمكتب رئيس المركز، ومكتب مشرف التأهيل، ومكتب الشؤون الإدارية، ومكتب الشؤون المالية، ومكتبين للأخصائيين النفسيين، ومكتبيين للأخصائيين الاجتماعيين، كما يشتمل على العديد من القاعات كقاعة استراحة أخصائيي التأهيل، وقاعة اجتماعات، وقاعة التقييم والتشخيص، وقاعة الملاحظة أثناء اللعب، و15 قاعة للتربية الخاصة، و3 قاعات للجلسات الفردية، وقاعتين للعلاج الوظيفي، و5 قاعات لعلاج النطق، بالإضافة إلى قاعة التهيئة المهنية، وقاعتين للعلاج الحسي، وقاعة العلاج النفسي، وقاعة متعددة الأغراض ومرفقاتها، وقاعتين للنشاط الموسيقي، وقاعتين للعب، وقاعة الطعام ومرفقاتها، وقاعة التقنيات المساعدة، وحوض العلاج بالماء ومرافقه، وغرفة تمريض، بالإضافة إلى تضمن المركز على بيئة محاكاة للمنزل، وبيئة محاكاة ثانية لمحل الحلاقة، وبيئة محاكاة ثالثة لعيادة الأسنان، ومصلى بمرفقاته للذكور وآخر للإناث، إلى جانب وجود ساحة داخلية مغطاة وغيرها من المرافق الأخرى.