«سعودي أوجيه» تلقي بظلالها على الانتخابات اللبنانية

الحدث الخميس ٠٣/مايو/٢٠١٨ ٠٥:٥٢ ص

صيدا - لبنان-رويترز

في المرة الفائتة التي أجرى فيها لبنان انتخابات نيابية حظي يوسف سنجر برحلة جوية مدفوعة للعودة من السعودية إلى موطنه من أجل التصويت لكتلة رئيس الوزراء سعد الحريري.

وباعتباره موظفاً في شركة (سعودي أوجيه) للإنشاءات التي كانت أعمالها مزدهرة في ذلك الوقت وتملكها أسرة الحريري لم يكن هناك أي شك في المرشح الذي سيؤيده في تلك الانتخابات.

حينها انخرط سنجر في ماكينة الدعاية الانتخابية بينما ظلت والدته تلاحق جيرانها للتأكد من ذهابهم للتصويت في مدينة صيدا الواقعة في جنوب لبنان.
وبعد سنوات منذ ذلك الوقت تراجعت (سعودي أوجيه) بسبب تقليص الإنفاق الحكومي في السعودية، وسوء الإدارة في الشركة وساءت أحوال سنجر ويقول الآن إنه لن يعطي صوته لمرشح من أسرة الحريري مرة أخرى هو والعشرات من أفراد عائلته. ويعكس فقدان الثقة الصدع الذي شهدته العلاقة الوثيقة بين السعودية ولبنان وكان كثير من مظاهرها يمر عبر أسرة الحريري.
ويُحدث هذا التغير تعديلاً في ميزان القوى في المسرح السياسي اللبناني ويعكس سنجر وأسرته هذا التحول. وقال سنجر إن شركة (سعودي أوجيه) توقفت عن دفع مرتبه في العام 2015 وإنه عاد إلى صيدا بعد ذلك بعام لكنه يواجه صعوبات في تسيير أموره. وهو يعتزم التعبير عن استيائه بعدم التصويت في الانتخابات البرلمانية التي تجري يوم الأحد المقبل للمرة الأولى منذ العام 2009.
وقال سنجر: «كنا نحس حالنا كأننا نشتغل بالحكومة. كنا تقريباً شبه حكوميين».
ورغم أن من المرجح بقاء الحريري رئيساً للوزراء بعد الانتخابات فمن المتوقع أن يفقد مقاعد لصالح منافسين من بينهم بعض المرشحين المتحالفين مع حزب الله المدعوم من طهران فيما يمثل تحولاً صغيراً آخر في التنافس بين السعودية وإيران على الصعيد الإقليمي.
ربما تحدث خسارة من خسائر الحريري في صيدا التي استفادت من تحويلات دولارات النفط. فعلى مدى عشرات السنين ظلت (سعودي أوجيه) توظف العاملين بكثافة من صيدا وستتضرر المدينة من انهيار الشركة.
وقال ناصر حمود منسق تيار المستقبل في جنوب لبنان من صيدا: «بيكون الواحد ما عم يحكي صدق إذا قال إنو ما تأثرنا كمجتمع».
ويقدر حمود أن الأزمة كان لها تأثير مباشر على ما بين ثلاثة آلاف و3500 شخص في صيدا، وهم نحو 800 من العاملين في أوجيه وأسرهم. لكنه لا يزال يعتقد أن هؤلاء سيدعمون تيار المستقبل في الانتخابات.
وذكر أن رفيق الحريري الذي ولد في صيدا وشقيقته بهية الحريري وهي عضو في البرلمان عن صيدا منذ العام 1992، كانا يرسلان العاطلين من سكان المدينة للعمل في أوجيه بشكل منتظم.
وقال رامي قاسم ماضي الذي يدير مؤسسة عقارية في صيدا إن شراء موظفي أوجيه للمنازل كان يمثل ثلث إيراداته في يوم ما. ويواجه الاقتصاد اللبناني مشاكل لكنه يرى أن أزمة (سعودي أوجيه) هي السبب الأساسي لما تعانيه شركته.
وقال ماضي الذي انخفضت القوة العاملة لديه بواقع النصف منذ 2016: «كانت صدمة كبيرة. كنا نعتقد أن اللبناني الذي يسافر للخليج يجمع الأموال في حقائب». كما تضررت أيضاً المؤسسات الخيرية التي تديرها أسرة الحريري في صيدا واضطرت عيادتان كانتا تقدمان خدمات الرعاية الصحية مدعمة لإغلاق أبوابهما قبل 18 شهرا. وقال حمود إن إحداهما ستعاود فتح أبوابها بعد الانتخابات. وسافر سنجر من صيدا إلى السعودية في 2003. وأتاحت له وظيفته في إدارة خدمات الدعم اللوجستي بالشركة أن يعلم أولاده في مدارس دولية ويعيل أسرته في لبنان ويشتري منزلاً في صيدا. وعندما لم يعد يتقاضى مرتبه وجد سنجر عملاً بشكل غير رسمي في السعودية وباع جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به ثم نقل أولاده إلى مدارس أقل تكلفة قبل أن يضطر لبيع أثاث منزله. ودفعت له إحدى شقيقاته ثمن تذكرة سفره عندما عاد للبلاد في نهاية المطاف. ولم يستطع أن يدفع باقي أقساط بيته في صيدا فتم الحجز على المنزل. ويقول سنجر: إن أوجيه تدين له بما بين 50 ألفا و60 ألف دولار من راتبه الذي لم يتقاضاه بالإضافة للتعويضات. ويهدف سنجر للهجرة إلى أوروبا. ورغم أن حمود أكد على أن تيار المستقبل و(سعودي أوجيه) كيانان منفصلان فقد قال: إن حقوق الموظفين السابقين محفوظة وإنه سيكون هناك حل للجميع. وشكلت الرياض لجنة خاصة لإدارة إعادة جدولة ديون (سعودي أوجيه) حسبما قال مصدران مطلعان. وقال أحدهما إن الحكومة تريد أن يكون دفـــــــع تعويضات الموظفين أولوية. وعندما ســـــــئل عن الأمر خلال جلسة أسئلة وأجوبة في مدرسة للأطفال في فبراير قال سعد الحريري: «صفحة حطيتها وراي ومكمل بحياتي مش واقف عندها».