«النووي» يشطر الحلفاء

الحدث الأربعاء ٠٢/مايو/٢٠١٨ ٠٤:٣٥ ص

القدس-طهران-واشنطن-عواصم-وكالات

«الليلة أنا هنا لأقول لكم شيئاً واحداً: إيران تكذب».

وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وزارة الدفاع الإسرائيلية أمام أكوام من الملفات تمثل ما وصفه بالقبو المليء بالوثائق النووية الإيرانية التي تم الحصول عليها قبل أسابيع قائلا:»أولا، كذبت إيران بشأن أنها لم تمتلك برنامجاً للأسلحة النووية أبداً. يثبت 100 ألف ملف سري أنها فعلت ذلك. ثانياً: حتى بعد الاتفاق، واصلت إيران الحفاظ على خبراتها المتعلقة بالأسلحة النووية وعززتها لاستخدامها في المستقبل».
ورغم أن العرض نقله التلفزيون الإسرائيلي على الهواء، أوضح نتنياهو أن هناك مستمعين في الخارج فألقى معظم كلمته بالانجليزية قبل أن يتحول إلى العبرية.وقال نتنياهو: إنه قدم معلومات المخابرات الجديدة بالفعل للولايات المتحدة .
لكن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف كذب الادعاءات الإسرائيلية ونفاها قائلا: إن الاتهامات الإسرائيلية بشأن برنامج طهران النووي «ادعاءات قديمة» سبق أن تصدت لها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وكتب ظريف على تويتر: «الرئيس ترامب يعيد طرح ادعاءات قديمة تصدت لها بالفعل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك من أجل رفض الاتفاق. يا له من شيء مريح. توقيت منسق للكشف المخابراتي المزعوم من جانب الشخص الذي أطلق ادعاءات كاذبة (نتنياهو) قبل أيام فقط من 12 مايو. لكن مسارعة ترامب للاحتفال كشفت الأمر».
وعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم ما قال: إنها أدلة على أن إيران تواصل الحصول على معرفة نووية بعد توقيع اتفاق أبرمته العام 2015 مع القوى الست الكبرى. و«نفى قادة إيران مراراً السعي لامتلاك أسلحة نووية».
ونقل التلفزيون الرسمي عن علي أكبر صالحي رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية قوله: إن إيران تستطيع من الناحية الفنية تخصيب اليورانيوم لمستوى أعلى من الذي كان عليه قبل التوصل للاتفاق النووي.
وحذر صالحي ترامب من هذه الخطوة قائلا: «إيران لا تناور... فنياً نحن مستعدون تماماً لتخصيب اليورانيوم لمستوى أعلى مما كان عليه قبل التوصل للاتفاق النووي... أتمنى أن يعود ترامب إلى صوابه وألا ينسحب من الاتفاق».
وينص الاتفاق الذي أدى لرفع معظم العقوبات الدولية المفروضة على إيران العام 2016 على أن يظل مستوى تخصيب اليورانيوم في إيران عند 3.6%تقريباً.

وتوقفت إيران عن إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20%وتخلت عن معظم مخزوناتها في إطار الاتفاق مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا.وتخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء انشطاري تبلغ 20%يتجاوز كثيراً الدرجة المطلوبة عادة لتزويد محطات الطاقة النووية بالوقود وهي 5%لكنها أقل أيضاً بكثير من درجة النقاء الانشطاري اللازمة لصنع قنبلة نووية والتي تتراوح بين 80 و90%.وتستبعد إيران أي إمكانية للتفاوض بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية وأنشطتها النووية بعد العام 2025 ودورها الدولي في الشرق الأوسط، مثلما طالب ترامب.

وتساند بريطانيا وفرنسا وألمانيا الاتفاق باعتباره أفضل سبيل لمنع طهران من الحصول على أسلحة نووية، لكنها تطالب إيران بالحد من نفوذها الإقليمي وكبح برنامجها الصاروخي.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية أمس الثلاثاء إن معلومات إسرائيلية عن برنامج الأسلحة النووية في إيران خلال فترات فائتة قد تشكل أساساً يدعم إخضاع أنشطة طهران النووية لمراقبة طويلة المدى.
وأضافت الوزارة أن المعلومات الاستخباراتية التي قدمتها إسرائيل يوم الاثنين أكدت في جانب منها طبيعة البرنامج غير المدنية والتي كشفت عنها القوى الأوروبية في 2002، كما أكدت ضرورة الإبقاء على الاتفاق النووي وعمليات التفتيش التي تجريها الأمم المتحدة.
وفي واشنطن قال البيت الأبيض: إن المعلومات التي أعلنتها إسرائيل بشأن البرنامج النووي الإيراني توفر «تفاصيل جديدة ومقنعة» بشأن جهود إيران لصنع «أسلحة نووية يمكن إطلاقها عن طريق صواريخ». وأضاف البيت الأبيض في بيان إن «هذه الحقائق تتفق مع ما تعرفه الولايات المتحدة منذ فترة طويلة، وهو أن إيران تملك برنامج أسلحة نووية قوياً وسرياً وأنها حاولت ولكن فشلت في إخفائه عن العالم وعن شعبها».
ومن المقرر أن يتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراراً بحلول 12 مايو بشأن ما إذا كان سيسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي أُبرم مع إيران في 2015.وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران لن يكون له أي تأثير سلبي على محادثاته النووية القادمة مع كوريا الشمالية، وأضاف أنه مستعد للتفاوض بشأن اتفاق نووي جديد مع طهران.
وفي لندن قال متحدث باسم الحكومة البريطانية وهي طرف في الاتفاق إن لندن لم تكن مطلقاً ساذجة بشأن البرنامج النووي الإيراني، وإن عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية مهمة لضمان استخدام هذا البرنامج لأغراض سلمية.وقال المتحدث باسم الحكومة البريطانية: «لم نكن نتصف بالسذاجة مطلقاً فيما يتعلق بإيران ونواياها النووية. وهذا هو سبب أن نظام التفتيش الذي تقوم به الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار الاتفاق النووي الإيراني هو أحد أكثر الأنظمة شمولاً وقوة في تاريخ الاتفاقيات النووية الدولية.«وهو ما زال وسيلة مهمة بشكل حيوي للتحقق على نحو مستقل من التزام إيران بالاتفاق، وأن برنامج إيران النووي سلمي تماماً».
وفي برلين قال متحدث باسم الحكومة الألمانية: «إن ألمانيا ستحلل المعلومات التي قدمتها إسرائيل عن أنشطة إيران النووية أمس الأول الاثنين لكن يجب الإبقاء على عمليات التفتيش المستقلة.وقال المتحدث: «من الواضح أن المجتمع الدولي يشكك في أن إيران تنفذ برنامجاً نووياً سلمياً محضاً».
وأضاف: «من أجل هذا السبب تم توقيع الاتفاق النووي في العام 2015 بما في ذلك تنفيذ اتفاق غير مسبوق مع نظام مراقبة قوي وشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية».
وقال المتحدث: إن من المهم الحفاظ على المراقبة المستقلة للتأكد من أن إيران تمتثل للاتفاق.وقال خبراء مخابرات ودبلوماسيون: إن نتنياهو لم يقدم فيما يبدو «دليلاً دامغاً» يظهر أن إيران انتهكت شروط الاتفاق رغم أنه ربما ساعد في عرض القضية نيابة عن المشككين في الإدارة الأمريكية الذين يريدون الانسحاب من الاتفاق.
ومعظم الأدلة التي قدمها نتنياهو ترجع للفترة التي سبقت الاتفاق النووي الموقع في 2015 رغم أنه قال: إن إيران احتفظت أيضا بملفات مهمة عن التكنولوجيا النووية منذ ذلك الحين وواصلت تعزيز خبرتها المتعلقة بالأسلحة النووية.
بيد أن معظم ما قدمه نتنياهو لا يمثل مفاجأة للقوى العالمية التي خلصت منذ أمد بعيد إلى أن إيران كانت تسعى للحصول على أسلحة نووية قبل الاتفاق الموقع في 2015، ولذا فرضت تلك القوى العقوبات في المقام الأول. ورفع الاتفاق معظم تلك العقوبات مقابل تقييد الأنشطة النووية الإيرانية.ويقول حلفاء واشنطن الأوروبيون: «إن طهران التزمت بشكل عام بشروط الاتفاق منذ ذلك الحين وحثوا ترامب على عدم الانسحاب من الاتفاق. وقال بعض المحللين المستقلين والدبلوماسيين إن نتنياهو بدا يقدم أدلة قديمة.
وقال عيران عتصيون، نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق الذي يرأس حالياً منتدى الحوار الاستراتيجي وهو مؤسسة بحثية إسرائيلية أوروبية، في تغريدة على تويتر: «لم يتم الكشف عن أدلة دامغة هذا المساء ولا يثبت ذلك أن إيران تطور الآن أسلحة نووية أو تنتهك (الاتفاق النووي) بأي شكل». قال جيفري لويس مدير برنامج شرق آسيا لمنع الانتشار النووي في معهد ميدلبري للدراسات الدولية على تويتر: «نتنياهو يقول لنا شيئاً نعرفه بالفعل وهو أن إيران تمتلك برنامجاً للأسلحة النووية».
وقال دبلوماسي أوروبي بارز لرويترز: «نعرف كل هذا وما يبرز بشكل خاص هو أن نتنياهو لا يتحدث عن أي انتهاكات مسجلة (لاتفاق إيران 2015)».
لكن واشنطن نفسها خلصت إلى أن إيران لم تنتهك شروط الاتفاق وقال مسؤولان بالمخابرات الأمريكية راقبا برنامج الأسلحة النووية الإيراني إن تصريحات نتنياهو لا تحتوي على شيء يتناقض مع هذه الرؤية.
وقال أحدهما بعدما طلب عدم نشر اسمه: «لم نشهد أدلة جديدة أو موثوقة على أن إيران انتهكت الاتفاق سواء في تصريحات رئيس الوزراء اليوم أو من مصادر أخرى».
ونقلت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء عن عباس عراقجي نائب وزير الخارجية الإيراني قوله: «العرض الذي قدمه نتنياهو لعبة طفولية ومثيرة للسخرية. للتأثير على قرار ترامب بشأن اتفاق إيران النووي».