من ليس معي فهو ضدي!

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٣٠/أبريل/٢٠١٨ ٠٨:٥٢ ص
من ليس معي فهو ضدي!

علي بن راشد المطاعني

عندما تعبر عن ما يجيش في خاطرك إزاء الوضع في المنطقة العربية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ‏ وتبدي امتعاضك أو رأيك في ما يجري من أخطاء في حق الأمة العربية، وفي الدمار والقتل و التشريد وغيرها من وسائل إنهاك الأمم والشعوب، فعندها عليك أن تتوقع بأنه سيأتيك هجوم مباغت تستخدم فيه كافة أنواع الأسلحة المحرمة دينيا وإسلاميا عبر شتائم مؤطرة بأغلفة الفحش السافر، بعد أن تم تنحية المنطق والأدب الحصيف جانبا.

أما إذا عارضت ما يجري في اليمن، وعبرت عن ذلك بلسان عربي مبين، فذلك يعني في عرفهم بأنك قد أصبحت طرفا فيها وأنك عدو كالعدو تماما يجب إعلان الحرب عليك أيضا.
ما دعاني لتسليط الضوء على هذا الموضوع هو أن أحد الزملاء غرد قائلا إن المتتبع للأحداث في اليمن يوقن أن أغلب أبناء الخليج ضد قصف اليمن، لكنهم لا يستطيعون التعبير عن ذلك صراحة، وعلى الفور انهالت عليه الشتائم وعبارات التخوين بما يعف اللسان عن ذكره.
غير أن الرد على ذلك الطنين كان مفحما من المغرد، فقد استمسك بالعروة الوثقى التي تميز أبناء السلطنة ولاذ بتلابيب الأخلاق العُمانية النبيلة المستمدة كليا لا جزئيا من الكتاب ومن سلوك المصطفى صلى الله عليه وسلم والمتمثل في قوله تعالى {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}- الفرقان آية 63، وفي قوله تعالى {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}ـ فصلت آية 34.
إذن فإن الاختلاف في الرأي لا يفسد قضية الود بين البشر، هذا افتراض متفق عليه أمميا، ولكننا لا ندري ماذا حدث على وجه الدقة إذ بات الناس لا يستطيعون احتمال رأي مخالف، فهل لذلك علاقة بالمناهج التربوية والتعليمية، أم له علاقة بالواقع القائل إن الناس ما عادوا على صلة دائمة بكتاب الله ولا بسنة نبيه، لا ندري ماذا هناك لكننا على يقين بأن هناك أخطاء سلوكية فادحة قد اكتسحت هذا الجيل ولا ندري كيف يتسنى التصدي لهذا الداء الوبيل قبل أن يفور التنور إيذانا ببداية الطوفان.
بالطبع ما يجري في دول المنطقة واستئساد واقع حجب الرأي وتكميم الأفواه، أوجد قناعات لدى تلك الأوساط بأن الرأي المخالف وإن أتى من خارج الحدود عبر الأسافير يتعين إيقافه وتكميمه، فما لا يسمح بقوله في مجتمعاتهم المحلية لا يسمح بقوله بالعدوى في مجتمعات وبلدان أخرى، هكذا يعتقدون.
نأمل أن يعي الأخوة في الخليج أن الرأي الآخر لا يعني البغض أو الكره، فهو لن يخرج عن حالة كونه رأيا وسيبقى كذلك، في حين ستبقى روابط الإخاء والمحبة والسماحة والمودة بين أبناء الخليج في مكانها لا تهزها أنواء السياسة ولا عواصفها، هذا ما نؤمن به في السلطنة وهذا ما تعلمناه من قيادتنا الرشيدة.