وكالات –
لم يمرّ الكولومبي رينيه هيجيتا مرور الكرام. داخل الملعب كان حارساً لديه أسلوب خاص، استثنائياً ومغامراً، عرف كيف يترك بصمة في مركزه. أما خارج الملعب، فقد جعلت منه هذه الصفات شخصية مبهجة ومنفتحة، ولكن في نفس الوقت كان صاحب آراء ثابتة وقوية. هناك أيضاً تحوّل إلى ماركة مسجلة.
تحدث الأسطورة الكولومبية عن أسلوبه بين الخشبات الثلاث، وتأثيره على حراس المرمى الحاليين وحظوظ كولومبيا في كأس العالم روسيا.
رغم تألقك طوال سنوات على خط المرمى، لم تشارك سوى في نسخة 1990. ما تأثير كأس العالم على مسيرتك؟
تركت بصمة جميلة جداً، لأن ذلك الفريق استعاد الكثير من الوقت الضائع. كانت آخر مشاركة لكولومبيا في النهائيات العالمية منذ 28 عاماً، وبالتالي أعادتنا إلى الخريطة على عدة مستويات: كلاعبين وكبلد. كانت بمثابة صحوة كرة القدم الكولومبية. عندما تشارك في كأس العالم، تحدث دائماً أشياء إيجابية. فذلك يعني الوصول إلى قمة مسيرتك. لا يمكن المقارنة بين لعب البطولات الدولية مع فريقك والمشاركة في كأس العالم.
البعض وضع على كاهلك عبء الإقصاء. هل يذكرونك كثيراً بهدف روجيه ميلا في الدور ثمن النهائي؟
في نهاية مسيرتي، كانت الأشياء الإيجابية أكثر من الأخطاء، رغم أن أحدها كانت تلك اللقطة ضد الكاميرون. ولكن صحيح أيضاً أنه بعد رؤية رينيه هيجيتا يلعب تم تغيير القانون. تقرر أن يلعب حراس المرمى بأقدامهم: عندما يمررون لك الكرة إلى الوراء لا يمكنك أن تمسكها بيديك مرة أخرى. وهذا لم يحققه بيليه، ومارادونا أو ميسي.
هذه الجرأة كانت تتخللها مخاطر أيضاً...
في تلك اللحظة (23 يونيو 1990، في نابولي) كنا متأخرين بهدف (1-0) وكان علينا جميعاً أن نخاطر. أضف إلى ذلك قلة خبرتنا. لو كنا خسرنا 2-0، 3-0 أو 4-0 لم تكن لتحدث أي مشكلة. المشكلة جاءت عندما سجل (برناردو) ريدين هدفنا الأول (2-1). هناك تراجع لاعبو الوسط وقالوا “إذا لم يرتكب هيجيتا خطأ، سندرك التعادل”. كانت ظالمة كل تلك الانتقادات لأنه في كرة القدم لا يوجد ماضٍ، بل الحاضر فقط. وهذا الحاضر هو 90 دقيقة.
هل يتم تجاهل دور ميلا في تلك اللقطة؟
بالطبع، هناك رؤية من الخارج وأخرى من الداخل. أتذكر عندما مرّر لي (لويس كارلوس) بيريا الكرة إلى الوراء، اتجه ميلا إلي مباشرة. كما لو أنه يريد أن يرتكب خطأ علي، ولكنه حصل على الكرة. الفضل يعود لميلا في تلك اللقطة، وللأسف بالنسبة لنا كان الهدف الثاني. وهدف ريدين جعلنا نركز أكثر على ذلك الخطأ! لكن أخطائي كانت قليلة. كان ذلك هو مركزي، وهكذا كنا نلعب ونمارس كرة القدم.
من أين استلهم
هيجيتا أسلوبه؟
بالفطرة. في ذلك الوقت كانوا يقولون أنني أقلّد هوجو جاتي. أتذكر أنني كنت أذهب في صغري إلى الملعب لرؤية حراس مرمى جيدين، عندما يصلون إلى الكرة قبل المهاجم، يركلونها إلى الجانب. كانوا حراساً رائعين بين الخشبات الثلاث، ولهذا كنت أقول لنفسي: “ألا يمكنهم اللعب بأقدامهم؟” إذا لم تخرج الكرة يبقى اللعب متواصلاً، وبالتالي يمكن للفريق أن يتقدم ويسجّل. لماذا نهديها للخصم؟
إذن كل شيء يمكن تفسيره بعشقك للكرة...
كنت أرى الكرة كلعبة، تلك الهدية التي تحصل عليها في أعياد الميلاد، ولا تتخلى عنها أبداً. وإذا تركتها فإنك تقاتل من أجلها! لم أكن أريد أن أقاتل من أجل الكرة، كنت أرغب في الاحتفاظ بها. كنت أريد أن يحتفظ فريقي بتلك الكرة. هكذا فهمت كرة القدم، وهكذا تغيرت القواعد، اليوم سأكون سعيداً باللعب لفريق مثل برشلونة وتمرير الكرة للاعب الأبعد وتبادل الكرات مع المدافعين.
من هم حراسك المفضلون في الوقت الراهن؟
الألماني مانويل نوير. لديه أسلوب بسيط. يدخل إلى الملعب، يلعب، يساعد فريقه. إنه رائع! اليوم علينا أن ندرّب الحراس أكثر على اللعب بالأقدام لأنها أصبحت صفة ضرورية. آنذاك يمكن للمرء أن يقول أنه فعل أشياء مهمة، استنسخها وحللها آخرون. أنا سعيد بما قدمته، مع كل أخطائي. لكنها لم تكن للتهريج أو لتعريض فريقي للخطر. كنت مدركاً لما أقوم به وكنت أرى أنها أفضل طريقة لمساعدة فريقي على تحقيق الفوز.
تسافر كولومبيا إلى روسيا في محاولة لتحسين ما تم تحقيقه في البرازيل 2014. إلى أي مدى يمكن أن تصل؟
من الخارج دائماً ما يتمنى المرء الأفضل لمنتخب بلاده. والآن بعد تحقيق التأهل إلى كأس العالم، على المرء أن ينتظر تحقيق المفاجأة: التواضع ثم التواضع... حتى تصل إلى هناك وتصطدم الفرق بالوحش الكولومبي الذي يملك لاعبين مثل جيمس رودريجيز وفالكاو والآخرين الذين يلعبون في الخارج. لدي ثقة كاملة فيهم وفي الجهاز الفني.
هل جيمس هو قائد فريق خوسيه بيكرمان؟
إنه قائد بالفطرة. ولهذا السبب هو اليوم الممثل الأول لمنتخبنا وبلدنا، وعلى هذا الأساس نحترمه ونقدّره. لقد حقق كل شيء بالتمكين والتواضع والعمل. إنه لاعب متكامل: يسجل الأهداف، يملك فنيات عالية ويلعب للفريق. يعرف كيف يعطي تمريرة جيدة، يصنع الأهداف ويفاجئ الخصم. يمكن أن يلعب في أي فريق في العالم.
هل يمكنك مقارنته بلاعب
من جيلك؟
يمكنني مقارنته بـ “إل بيبي” (كارلوس فالديراما). كانوا يطلبون منه السرعة في الأداء، ولكنه كان سريعاً ذهنياً. كان ذكياً ومختلفاً عن غيره في عصرنا. والأكثر خبرة كذلك: كان يلعب في فرنسا عندما خرجنا نحن للتوّ من البلاد. وبعد ذلك افتتح هذا السوق وأصبحنا نرى اليوم بفخر.