مصفاة الدقم تتويج للعلاقات العُمانية الكويتية

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٩/أبريل/٢٠١٨ ٠٠:٣٠ ص
مصفاة الدقم تتويج للعلاقات العُمانية الكويتية

علي بن راشد المطاعني

يكتسب وضع حجر الأساس لمشروع مصفاة الدقم في محافظة الوسطى أهمية كبيرة على العديد من الأصعدة والمستويات الوطنية والإقليمية، لعل من أهمها أن هذا المشروع الاقتصادي في بحــــــــــر العرب يعد تتويجا للعلاقات العُمانية الكويتية وتجسيدا لمعنى العلاقات بين الشعوب.

فهذا المشروع المهيب البالغة تكلفته سبعة بلايين سيساهم مساهمة كبيرة في تأكيد تلك المعاني عميقة الجذور التي تحظى على الدوام باهتمام ودعم كبيرين من قيادة البلدين حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- وأخيه صاحب السمو الشيخ صباح الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة.
وعلى الصعيد الإقليمي يعد هذا المشروع الذي يأتي إنشاؤه في وقت تشهد فيه المنطقة علاقات يشوبها التوتر، بمثابة تأكيد لحقيقة أن التكاتف والتلاحم بين الأشقاء هو وحده الكفيل بتحقيق الاستقرار والتنمية لأبنــــــــاء المنطقة، ووضع حجر الأســـــــاس لمصفاة الدقم نموذج لهذا التعاون وما يجب أن يكون عليه بين الأشقاء.
وبوضع جحر الأساس لمشروع مصفاة الدقم تكون المنطقة الخاصة بالدقم قد خطت خطوة مهمة في سبيل تعزيز صناعة ‏البتروكيماويات إذ يتطلع أن تكون من أكبر المناطق الصناعية في المنطقة، فالمصفاة ستكون نواة لقيام صناعات بتروكيماوية ضخمة من بينها مجمع الصناعات الكيماوية وغيره من الصناعات التكميلية القائمة على مشتقات النفط وتكريره، بل ستفتح آفاقا واسعة أمام الكثير من الصناعات ذات القيمة المضافة التي تستفيد من الموارد الطبيعية، وسيدفع إنشاء المصفاة الكثير من المستثمرين في الصناعات البتروكيماوية إلى الاستثمار في المنطقة لتوفر المنتجات المطلوبة لصناعاتهم ومشروعاتهم في هذا المجال، وستعزز الثقة لدى بعض المترددين للاستثمار في هذه المنطقة الواعدة.
وعلى صعيد المردود الاقتصادي ستسهم مصفاة الدقم في إثراء السوق المحلي عبر ضخ أكثر من سبعة بلايين دولار في شرايين الاقتصاد الوطني في قطاعات الإنشاءات والهندسة وغيرها من الجوانب التي يحتاجها مشروع بهذا الحجم وما يمثله من أهمية كبيرة، فضلا عن رفع الطاقة التكريرية للنفط في السلطنة من 300.000 برميل يوميا إلى أكثر من نصف مليون برميل عند الانتهاء من المشروع، وبذلك سوف يغطي احتياجات الأسواق المحلية في السلطنة ودولة الكويت من المشتقات النفطية وتصدير الفائض إلى خارج السلطنة، وذلك يمثل تعزيزا للقيمة المضافة للنفط الخام من خلال إنتاج العديد من المنتجات التي نحتاجها في حياتنا اليومية ونستوردها من الخارج حاليا بتكلفة عالية.
ولا يفوتنا الإشارة إلى ما سيوفره المشروع من فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للعديد من الكفاءات العُمانية في مرحلتي الإنشاءات والتشغيل في العام 2022 بإذن الله.
فهذه المشروعات العملاقة هي التي تفرخ الوظائف وفرص العمل في الدول واستقطابها هو الحل الأمثل لاستيعاب الكوادر الوطنية في مجالات التقنية والبتروكيماويات، فضلا عما توفره من فرص عمل للمنشآت الأهلية في العديد من المجالات المساندة وإثراء المجتمع المحلي عبر برامج المسؤولية الاجتماعية وخدمة المجتمع التي بدأت في الحقيقة قبل بدء المشروع بترسيخ علاقاتها بالمجتمع المحلي كالتزام قل أن تشاهــــــــــده لدى الكثير من الاستثمارات و من الطبيعي أن تزداد هذه البرامج في الفترة المقبلة.
كما أن الأنشطة الاقتصادية في ولاية الدقم ستشهد دفعة جديدة من الزخم التجاري ببدء المشروع عبر تعزيز الأنشطة التجارية الخدماتية، وانتعاش الحركة التجارية على نحو غير مسبوق بولاية الدقم.
إن بدء مصفاة الدقم التي يعول عليها كثيرا في تغيير وجه المنطقة الصناعية ستعمل في الوقت ذاته مراعية للجوانب البيئية المتعلقة بالبيئة البحرية خاصة والحفاظ عليها.
بالطبع الجهود مستمرة في جذب المزيد من الاستثمارات الحيوية، وقد تكللت هذه الجهود بوضع العديد من المشروعات أبرزها وضع حجر الأساس للمدينة الصناعية الصينية ومصفاة الدقم كأكبر مشروعين بالدقم وسبقهما مشروعات لا تقل أهمية كميناء الدقم والحوض الجاف وغيرها من مشروعات، وما قد يتبع هذه البنى الأســــــــــاسية من مشروعات في الفترة المقبلة.
نأمل أن تكلل الجهود الهادفة إلى تعزيز الاستثمار في الدقم بالنجاح والنهوض بها إلى ما يحقق التطلعات في المستقبل مقدرين ما تبذله الجهات كالهيئة الاقتصادية الخاصة بالدقم وشركة النفط العمانية وغيرها من الجهات في تسريع وتيرة الاستثمار والاستفادة من التسهيلات المتوفرة.