من يراوغ الكوريين؟

الحدث الثلاثاء ٢٤/أبريل/٢٠١٨ ٠٥:٣٣ ص
من يراوغ الكوريين؟

واشنطن-سول - (رويترز)
"لا يزال الطريق صوب إنهاء أزمة كوريا الشمالية طويلا. ربما تنجح (الجهود) وربما لا- فقط الوقت سيخبرنا"
هكذا تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنبرة حذرة بعد يوم من تعهد كوريا الشمالية بوقف تجاربها النووية مما أنعش الآمال قبل القمتين المزمعتين مع كوريا الشمالية والولايات المتحدة.
وأعلنت كوريا الشمالية تعليق تجاربها النووية والصاروخية وإغلاق موقع للتجارب النووية، وستسعى بدلا من ذلك لتحقيق النمو الاقتصادي وإحلال السلام.
ورحب زعماء من مختلف أرجاء العالم بهذه الخطوة، التي جاءت قبل أول اجتماع قمة بين الكوريتين منذ أكثر من عشر سنوات والمقرر عقده يوم الجمعة.
وفي تغريدة نشرها ترامب قبل تحدثه بنبرة أكثر حذرا، فسر الرئيس الأمريكي بيان كوريا الشمالية على أنه تعهد بنزع السلاح النووي، قائلا: "لم نتنازل عن أي شيء وهم وافقوا على نزع السلاح النووي (أمر عظيم جدا للعالم) وإغلاق الموقع وعدم إجراء تجارب جديدة!".
غير أن إعلان كيم جونج أون زعيم كوريا الشمالية لم يتضمن التزاما بنزع الأسلحة والصواريخ الموجودة بالفعل وهناك شكوك في أنه قد يتخلى عن الترسانة النووية التي طورتها بلاده على مدى عقود.
وقال كيم إن بلاده لم تعد بحاجة إلى إجراء تجارب نووية أو تجارب إطلاق صواريخ باليستية عابرة للقارات بعد أن امتلكت هذه الأسلحة بالفعل، وإنه سيوجه كل الجهود للتنمية الاقتصادية.
وأبدى البعض تشككا في نوايا الشمال وستتركز أنظار المجتمع الدولي على مون جيه-إن رئيس كوريا الجنوبية عندما يجتمع مع كيم يوم الجمعة المقبل.
وقال أستاذ دراسات كوريا الشمالية بالجامعة الكورية في سول نام سونج-ووك "كوريا الشمالية لها باع طويل في إثارة مسألة نزع السلاح النووي وتعهدت في السابق بتجميد برامجها النووية. نذكر جميعا كيف تبددت هذه التعهدات والالتزامات في العقود الفائتة.
وأضاف: "على الرغم من أن إعلان الشمال مثير للغاية فمن الطبيعي أن يتعامل العالم بحذر زائد مع كل كلمة ينطق بها كيم".
وفي واشنطن، قال الجمهوري بوب كوركر رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ إن الحكومة الأمريكية تنظر إلى تعهد كيم بتشكك.
وقال كروكر على شبكة سي.إن.إن: "هذا جهد كبير على صعيد العلاقات العامة من كيم جونج أون... أعتقد أن الجميع في الإدارة (الأمريكية) والكونجرس يتعاملون مع هذا الأمر بتشكك وحذر".
ومن المتوقع أن يجتمع كيم مع ترامب في أواخر شهر مايو أو أوائل يونيو في أول اجتماع من نوعه. وكان مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه) مايك بومبيو، مرشح ترامب لمنصب وزير الخارجية المقبل، زار كوريا الشمالية سرا والتقى مع كيم لبحث القمة منذ ثلاثة أسابيع.
وقال مسؤول في القصر الرئاسي في كوريا الجنوبية إن مون، الذي رحب بإعلان كيم قائلا إنه خطوة "كبيرة" باتجاه نزع السلاح النووي، يركز اهتمامه بشكل كامل هذا الأسبوع على القمة ويبقى في القصر الرئاسي للتحضير لها ولا يرتبط بأي التزامات خارجية.
وذكر المسؤول أن جهاز الأمن الرئاسي اجتمع مع أفراد من الجيش وقيادة قوات الأمم المتحدة أمس السبت لبحث تأمين بلدة بانمونجوم التي ستعقد فيها القمة بين الكوريتين.
وأوقفت كوريا الجنوبية بث الدعاية على الحدود مع كوريا الشمالية امس الاثنين قبل أول قمة منذ عقد من الزمان بين زعيمي البلدين.
وقالت وزارة الدفاع في كوريا الجنوبية إن الجيش أوقف بث الدعاية على الحدود مع الشمال في منتصف الليل دون توضيح ما إذا كانت ستستأنف بعد القمة.
وأضافت: "نأمل أن يؤدي هذا القرار إلى أن توقف الكوريتان انتقاداتهما المتبادلة والدعاية ضد بعضهما البعض وأن يساهم أيضا في إحلال السلام وفتح صفحة جديدة".
وهذه هي المرة الأولى منذ أكثر من عامين التي تتوقف فيها عملية بث الدعاية التي تتضمن مزيجا من الأنباء وموسيقى البوب الكورية الجنوبية وانتقادات للنظام الكوري الشمالي.
ولبيونج يانج مكبرات صوت أيضا على الحدود تبث من خلالها دعاية إلا أن مسؤولا بوزارة الدفاع لم يتمكن من تأكيد ما إذا كانت كوريا الشمالية أوقفت بث الدعاية أيضا.
وكانت كوريا الجنوبية تعمل على مدى الأسابيع القليلة الفائتة على تجديد مبنى (بيت السلام) على جانبها من الحدود في بانمونجوم للتحضير للقمة مع كيم الذي سيصبح أول زعيم كوري شمالي تطأ قدمه أراضي الجنوب منذ الحرب الكورية بين عامي 1950 و1953.
وتجري الكوريتان جولة أخرى من المحادثات على مستوى مجموعات العمل في تونجيل الواقعة على الجانب الكوري الشمالي من قرية بانمونجوم الحدودية لمناقشة شؤون متعلقة بالمراسم والتجهيزات الأمنية والتغطية الإعلامية للقمة.
* تقدم كبير
يضع مون على مكتبه حالياً خط اتصال هاتفي مباشر مع كيم بدلاً من الاعتماد في التواصل على خط ساخن داخل المنطقة الأمنية المشتركة في بانمونجوم والذي كان وسيلة التواصل الرئيسية بين الجانبين خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونج تشانج بكوريا الجنوبية في فبراير
وقالت كوريا الجنوبية إن من المتوقع أن يعقد الزعيمان محادثات عبر خط الهاتف الجديد لأول مرة هذا الأسبوع وقبل القمة.
وفي بداية زيارة لها إلى سول أمس الأول الأحد وصفت سوزان ثورنتون، وهي دبلوماسية أمريكية كبيرة معنية بشؤون شرق آسيا، إعلان كوريا الشمالية الأخير بأنه "خطوة إيجابية للغاية". وستتضمن اجتماعات ثورنتون، خلال زيارتها التي تستمر لثلاثة أيام، اجتماعين مع وزير خارجية كوريا الجنوبية وكبير مفاوضيها النوويين.
ونقلت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء عن ثورنتون قولها: "سنعمل على تعزيز التنسيق الوثيق مع كوريا الجنوبية والحلفاء والشركاء هذا الأسبوع".
وقالت كوريا الجنوبية إن تعهد الشمال بخصوص التجارب النووية يدلل على تقدم "مهم" من شأنه أن يهيئ الظروف المواتية لعقد قمتين ناجحتين مع سول وواشنطن.

هذه القرية

وبنمونجوم قرية حدودية، وقعت فيها هدنة الحرب (1950-1953) في المنطقة المنزوعة السلاح التي تقسم شبه الجزيرة. وتتميز بأنها آمنة للغاية، ويستطيع الطرفان الوصول إليها بسهولة. لكن دبلوماسيين قللوا من إمكانية اعتماد هذا الخيار، مستذكرين حادثة "القتل بالفأس" عندما قام جنود كوريون شماليون بقتل ضابطين أمريكيين في 1976.