"الشبيبة" تسرد تفاصيل زفاف مغاربي في باريس

مزاج الأربعاء ٠٩/مارس/٢٠١٦ ٠٢:٠٠ ص
"الشبيبة" تسرد تفاصيل زفاف مغاربي في باريس

باريس - هدى الزين

غالبا ما تفضل الشابات المقبلات على الزواج سواء من الجزائر او تونس او المغرب اقامة حفل زفاف على الطريقة التقليدية في بلادهن الاصلية في محاولة للتشبث بالهوية والتقاليد الموروثة عن الاجداد والجدات ضمن المجتمع الغربي البديل خصوصا من بنات الجيل الثاني والثالث اللاتي ولدن وترعرعن في المجتمع الغربي الفرنسي، فكل فتاة تقبل على الزواج تحلم ان تكون اميرة من اميرات الف ليلة في ليلة في عرسها الشرقي الاسطوري لتتحضر له وتتباهى بين قريناتها العرب والفرنسيات.

عرس مغربي في الحي الباريسي
انطلقت الزغاريد وصدح في الاجواء الهادئة قرع الدفوف والاهازيج المغربية في موكب زفاف مغربي في الحي الذي تسكن به العروس، بثوب عرسها المطرز تتابط ذراع عريسها الشاب ويسيران في زفة صاخبة شارك بها اكثر المدعوين من الرجال والنساء بالملابس التقليدية المغربية وجابت الزفة شوارع منطقة فانف، وجعلتني اهرع للنزول الى الشارع لاتفرج مع الجيران والعابرين على زفة بسيطة لكنها اشعت بالفرح في وجوه المتفرجين بفضول الذين بهرتهم طقوس زفاف لم يألفونها في حياتهم الباردة حتى ان بعضهم اخذ يرمي الزهور والارز من البلكونات والنوافذ كنوع من المشاركة في المناسبة السعيدة فالارز في التقاليد الفرنسية رمز للبركة والانجاب، كما شارك البعض بالسير مع الزفة التي جرت على تقاليد اهل فاس ومكناس كما عرفت من بعض المدعوات، ولكون العروسين ينتميان الى هاتين المدينتين العريقتين في بلدان المغرب.
فالعروس مليكة التي تعمل في بريد المنطقة ولدت في ضواحي باريس وتحمل الجنسية الفرنسية وتتكلم العربية بصعوبة،
اما عريسها محمد فقد جاء باريس كطالب للمعلوماتية وبعد التخرج استطاع ان يحصل على عمل في شركة فرنسية للاعلانات.
وقد تعارفا في احد المناسبات واتفقا على الارتباط وكان حلم مليكة منذ ان شاهدت في طفولتها بعض اعراس عائلتها في فاس ان يكون عرسها على ا لطريقة التقليدية المغربية وتمنت ان يشهد الحي الذي تعيش به عرسها المميز الذي اعتبره جيرانها اسطوريا امام الاعراس البسيطة التي يقيمها الفرنسيون في البلديات الباريسية او الضواحي.
وسارت الزفة على ايقاع الطبول والدفوف وادوات النفخ والالات الموسيقية التقليدية من فرقة شعبية مغربية مع تصفيق النساء والزغاريد والاهازيج الجميلة ومعظمهن ارتدين الملابس المغربية التقليدية بينما حملت جدة العروس اناء البخور المغربي تطوف على العروسين والمدعوين ليتضوع عطر الشرق الساحر ويلون اللوحة بدخان البخور المتصاعد على الوجوه سارت الزفة عبر ساحة الحي ونزل الجميع الى الرقص على الطريقة الشرقية وانطلقت كلاكسات السيارات من سيارات المدعوين والسيارات العابرة لتشارك الزفة.
كل شيء جاهز لعرس شرقي متميز في باريس وهناك العديد من صالات خاصة للافراح المغاربية مجهزة بكل ما يلزم للفرح التقليدي المغربي من ديكورات وبوفيه يضم اكلات واطعمة مغربية والفرق الموسيقية الشعبية ليكون العرس حافلا بسحر الشرق وتقاليده الاصيلة لتقديم صورة حيّة عن تبلور هوية ثقافية معينة لجيل من المهاجرين العرب والمسلمين، خصوصاً أبناء المغرب العربي الذين باتوا يشكّلون قوة اقتصادية بعد دخولهم ميدان العمل.
كما توجد الحمامات المغربية التي تقوم بنقش الحنة وقريناتها قبل الزفاف وكل عام يقام (معرض الزواج الشرقي) الذي يقام في قاعة المعارض "بارك لافيليت" في باريس، الذي يقدّم معروضاته كل ما يحتاجه المسلم او العربي المهاجر لإقامة عرس شرقي تقليدي سواء من صنوف الطعام والحلويات، الى ألالبسة التقليدية وأزياء الاعراس من جلابيات وقفاطين، الى حليّ وحنة وبخور وعطور، كما يقدم المعرض كل المتطلبات الاخرى حيث يشارك به نحو 150 عارضاً وهو مناسبة للعرائس كي يخترن كل حاجياتهن لليلة العمر والمعرض يستقطب الاف الزوار من العرب والفرنسيين ويسجل المعرض إقبالاً كثيفاً للزوار الذين تغريهم معالم"ألف ليلة وليلة" وفسحات من سحر الشرق من خلال الديكورات الباهرة والقطع الجميلة التي تذكر بالزمن الجميل، فالمعرض الخاص بالعروس يستمر ليومين فقط لكن يرتاده بكثافة ابناء الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين العرب والمسلمين، وخصوصاً المغاربة، فضلاً عن الفرنسيين.
ومعروف ان فرنسا هي أكثر بلد أوروبي يستضيف عرباً ومسلمين، وبات الاسلام هو الدين الثاني فيها حيث تشير دراسات اجتماعية الى ان الفرنسيين من اصول عربية هم اكثر شرائح المجتمع الفرنسي إنفاقاً وبذخا على الاعراس.
وتقول المشرفة على المعرض زبيدة: نسعى لنصنع للحدث خلفية ثقافية ونمهد لثقافة الافراح في شكل مواكب للزفة تستهوي الزائر العربي كما الفرنسي".
و هذه الظاهرة تكتسي اهمية خاصة في فرنسا، التي يسجل فيها كل عام اكثر من 40 الف زواج مشترك بين مغاربة او اشخاص من اصول مغربية وفرنسيين بحسب"المعهد الوطني للدراسات الديموغرافية".
وبحسب المعهد أيضاً، فان 35 في المئة من أصل 240 ألف زواج تسجل سنوياً في فرنسا، تعود الى شباب فرنسي من اصول عربية واسلامية، ما يؤكد نمو الحاجة الى مثل هذا المعرض عملياً وثقافياً ونفسياً.

الزواح في مجتمع الهجرة
يجد أبناء المهاجرين في فرنسا أنفسهم موزعين بين التقاليد وبين مقتضيات حياتهم العصرية خصوصاً عندما يقررون الارتباط والزواج، ولذلك فإن معظم أبناء المهاجرين وعلى غرار ذويهم يفضلون الزواج من أبناء بلدهم سواء بالتعارف أو بواسطة الأقارب أو اللجوء إلى مكاتب الزواج في فرنسا او مواقع الزواج التي تنشط كثيرا في عصر الاتصالات والتي تتيح الزواج دون التفكير بعلاقة مسبقة أو إقامة أي علاقة مع الشريك قبل الزواج، لكن معظم أبناء الجيل الجديد من المهاجرين العرب المسلمين قد يختلفون عن أهلهم في أن قراراتهم بالزواج والارتباط من المفروض أن تكوم مبنية على الحب والتفاهم مع الشريك الاخر، ويمكن اليوم ان يجد الشاب المهاجر المقبل على الزواج رفيقة حياته في مجتمع الدراسة او العمل او المناسبات الاجتماعية والثقافية التي قد تكون ارض مناسبة للتعارف والحب والشراكة الحياتية.