حتى لا يحوم الذباب الإلكتروني!

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٢/أبريل/٢٠١٨ ٠٣:٤١ ص
حتى لا يحوم الذباب الإلكتروني!

علي بن راشد المطاعني

الكثيرون يتحدثون عن ظاهرة (الذباب الإلكتروني) في فضاءات حسابات التواصل الاجتماعي وما يقوم به من أداور غير إيجابية تسهم في تأجيج الفتن والسب والشتم وإثارة الكثير من الإشكاليات التي تهين المجتمعات والأفراد.

السؤال المطروح لماذا نسمح للذباب الإلكتروني أن يحوم حولنا ويثير المشكلات ويهيج المواجع ويدس السم في العسل كما يقال، ولماذا نترك المجال لهؤلاء لتحقيق مآربهم؟
في الواقع قضية الذباب الإلكتروني باتت اليوم أحدث الطرق والوسائل المتبعة لتحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية تنال من الطرف المستهدف بنحو فادح، تبدأ المسألة بتغريدة أو تغريدات لا تلبث بعد حين من الوقت أن يتم تبنيها من قبل مجموعة أو مجموعات على مستوى المعمورة، ثم بعد ذلك تبدو كقضية رأي عام، ثم تتطور المسألة لتتبناها الحكومات والأنظمة وأجهزة المخابرات التي ربما رعت منذ البداية الذبابة الأولى وتعهدتها بالاهتمام وبذلت المال سخيا لكي تنمو وتترعرع ولتغدو قادرة على الطيران إلى آماد لا يتخيلها العقل وهو ما يجب أن نعقله ولا ندع لمثل هؤلاء المجال لكي يتدخلوا في شؤوننا.
ولنا في الأزمة الخليجية أسوة حسنة أو أسوة سيئة، فقد بدأت الفتنة عبر ذبابة إلكترونية تم تدريبها بعناية ثم أمسى لها مريدون واتباع، ثم وبغتة غدت قضية رأي عام، بعدها تبنت حكومات ودول الجرثومة التي حملتها الذبابة الأولى وحتى إذا ما تكاثر هذا الذباب وغطى سماوات المنطقة انتقلت للمرحلة الثانية والأخطر وهي البعد السياسي بعد أن تم الإيمان بروعة الطنين الذي كان يشنف الآذان، فهل ندخل أنفسنا في هذه المعارك اللفظية الهابطة.
إذن حروب اليوم وصراعات اليوم وفتن اليوم، تبدأ وتنطلق من هذا المسمى المحدث والخطير في آن معا، فإذا ما قررت جهة ما ولنفترض أنه (العدو) أي عدو كان وليس إسرائيل بالضرورة، فالعدو قد يكون صديقا أو حاسدا، أو كارها، أو صاحب هوى وغرض، كل أولئك يندرجون تحت مسمى (العدو)، وبما أن منصات التواصل الاجتماعي هي الساحة الافتراضية الوحيدة لتكاثر وتوالد الذباب الإلكتروني فإن المسألة باتت تمثل خطرا حقيقيا على المجتمعات، ونحن في السلطنة لسنا بمنأى عن هذا التحدي الجديد والخطير في آن معا، وربما لم ينتبه البعض بعد لهذا الخطر المحدث، فقد رأينا مرارا وتكرارا حملات مسعورة من الذباب الإلكتروني تستهدف السلطنة في كل ثوابتها الراسخة كجبال عُمان، تعمد لبث بذور الفرقة والشتات والكراهية ما بين أبناء الوطن الواحد، وتستهدف فيما تستهدف دق إسفين ما بين الحكومة والمواطن لأجل تحقيق تلك الأهداف الشريرة، لكن يجب أن نعي ما وراء هذا الذباب وأن لا نروج له بدواعي التشفي تارة أو السير عكس التيار تارة أخرى، أو نكون دائما في مدرسة المشاغبين لكي نكون نشازا في المجتمع.
علينا إذن أن ننتبه لهذا الخطر المحدث، وعلينا التسلح بالوعي وبالمسؤولية وبالروح الوطنية عند تعاطينا مع هذا الطنين، فهو وفي مطلق الأحوال سيبقى طنين ذباب لا أكثر، هذا إن نحن أيقنا بأنه خطر يستهدف الوطن ويستهدف وحدتنا الوطنية ويروم النيل منا.
نأمل صادقين أن ينتبه المواطن لهذا الواقع الجديد والخطير، فهو قادر على أحداث الأثر المدمر إن نحن صدقنا تلكم المزاعم المفضوحة والمكشوفة، وبقليل من الوعي وهو هنا بمثابة مبيد حشري إلكتروني فعال يمكننا القضاء على هذا الذباب.