رئيس كوسوفو امام محكمة جرائم الحرب

الحدث الأربعاء ٠٩/مارس/٢٠١٦ ٠١:٢٠ ص

كوسوفو - - وكالات

يؤكد هاشم تاجي الذي انتخب مؤخرا رئيسا لكوسوفو أنه يدعم بالكامل محكمة جديدة خاصة مكلفة بجرائم الحرب التي ارتكبها المقاتلون الكوسوفيون خلال النزاع في 1998-1999، وإن كان من الممكن أن يدرج اسمه على لائحة المتهمين.

وتاجي (47 عاما) الذي انتخبه برلمان كوسوفو في فبراير رئيسا للبلاد، قيادي سابق في جيش تحرير كوسوفو، الحركة التي كانت تضم المقاتلين الألبان الكوسوفيين. وقد انتقل إلى العمل السياسي وقاد البلاد بصفته رئيسا للوزراء إلى الاستقلال عن صربيا في 2008.

وبينما يستعد تاجي لتولي مهامه الرئاسية في أبريل المقبل، تطلق تكهنات عن احتمال إلزامه بالمثول أمام المحكمة التي يفترض أن تبدأ عملها هذه السنة في لاهاي.
والمحكمة التي تطبق القانون الكوسوفي وتضم قضاة دوليين، ستدرس «الاتهامات في جرائم خطيرة مفترضة ارتكبت في 1999-2000 بأيدي أعضاء جيش تحرير كوسوفو ضد أقليات أثنية ومعارضين سياسيين». وتواجه بريشتينا ضغوطا دولية لإنشاء محكمة من هذا النوع منذ أن نشر مجلس أوروبا في 2011 تقريرا حول ممارسات مفترضة ارتكبها أعضاء في جيش تحرير كوسوفو ضد نحو 500 سجين صربي ومن غجر الروما خلال حرب كوسوفو وبعدها (1998-1999).
وتحدث «تقرير مارتي» الذي يحمل اسم معده البرلماني السويسري ديك مارتي، عن إعدامات تعسفية وعمليات خطف وتهريب أعضاء كانت تؤخذ من ضحايا، ويشير بأصابع الاتهام إلى تاجي.
لكن في مقابلة مع وكالة فرانس برس، نفى تاجي بشدة هذه الاتهامات مؤكدا أنه «لم ينتهك القانون الدولي بأي شكل كان».
وقال إن «نضال كوسوفو وجيش تحرير كوسوفو كان معركة عادلة ونزيهة. لا يمكن لأحد أن يعيد كتابة التاريخ»، مؤكدا أن بريشتينا ستتعاون بالكامل مع المحكمة. وأضاف «ليس لدينا ما نخفيه وسنلبي كل الطلبات لأننا ندعم بالكامل فكرة إحقاق العدل».

انتخابات تعقد الأمور

وأفضى التحقيق الذي أجراه المدعي الأمريكي كلينت وليامسون إلى «أدلة مقنعة» قد تكون نتيجتها اتهام عدد من كبار مسؤولي جيش تحرير كوسوفو.

وقال دبلوماسي غربي لفرانس برس طالبا عدم كشف هويته: «نظرا لهذا الأمر، يفترض أن يصبح تاجي من بين المتهمين قبل نهاية السنة».
لكن الدبلوماسي أشار إلى أن «متانة ملف النيابة سيكون مرتبطا بالأشخاص الذين سيكونون مستعدين للإدلاء بشهادة ضد هذه الشخصية الأساسية على الساحة السياسية الكوسوفية».
وأضاف أن انتخاب هاشم تاجي رئيسا لكوسوفو «سيعقد الأمور»، لكن الرئيس الكوسوفي الجديد «سيسعى بالتأكيد إلى الدفاع عن سمعته وسمعة جيش تحرير كوسوفو».
ويؤكد ديفيد شوينديمان الذي تولى رئاسة الادعاء خلفا لوليامسون أن أي شخص انتهك القانون الدولي الإنساني لن يتم العفو عنه.

مناورة سياسية

لكن خلال محاكمات سابقة لأعضاء في جيش تحرير كوسوفو، توفي شهود في ظروف مشبوهة أو اختفوا، وجرت عمليات ترهيب مما يثير قلق المحللين على فاعلية هذه الهيئة التي أنشئت بعد 17 عاما على انتهاء النزاع.

وقال المحلل الكوسوفي كرينار غاشي إن «فكرة محكمة تتمركز في الخارج هي أقرب إلى مناورة سياسية للاتحاد الأوروبي ومحاولة لحفظ ماء الوجه بعد النتائج السيئة» للبعثة الأوروبية للشرطة والقضاء (يوليكس).
وكانت هذه المهمة أقيمت في كوسوفو في 2008 للتكفل بالملفات التي يعتبرها القضاء المحلي بالغة الحساسية.
كما يخشى غاشي من أن تثير هذه المحكمة «آمالا مبالغا فيها» لدى الصرب.
ويعارض الخصوم السياسيون لتاجي وبينهم قادة سابقون في جيش تحرير كوسوفو، بشدة إقامة هذه المحكمة التي يعتبرون أنها مخالفة للدستور ويرون فيها إهانة للنضال الذي خاضه المقاتلون.
وقال المحلل الكوسوفي بيكيم كوبينا إن احتمال توجيه تهم لرئيس «سيشكل مجازفة كبيرة لدولتنا» التي ما زالت تبذل جهودا للحصول على اعتراف كامل بها. وترفض بلغراد مدعومة من روسيا بشكل قاطع الاعتراف باستقلال إقليمها الجنوبي السابق، خلافا لمئة دولة أخرى بينها الولايات المتحدة.

انتخابه رئيساً

في السابع والعشرين من فبراير الفائت تعهد هاشم تاجي الذي انتخبه النواب رئيسا لكوسوفو أن يكون «في خدمة كل المواطنين بمعزل عن انتمائهم الإثني»، من أجل بناء «كوسوفو أوروبية»، وذلك في نهاية يوم ساده التوتر في البرلمان وشهد مواجهات في الشوارع.

وقال: «سأكون في خدمة جميع المواطنين بمعزل عن انتمائهم الإثني من أجل بناء كوسوفو جديدة، كوسوفو أوروبية». وأضاف تاجي «سأعزز علاقاتنا القوية والأبدية مع الولايات المتحدة».
وحاولت المعارضة منع التصويت بإلقاء الغاز المسيل للدموع داخل البرلمان كما يفعل النواب منذ أكتوبر للمطالبة باستقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، مما يشل أعمال المجلس عمليا.
وبعد فشل محاولتين لانتخابه بأغلبية الثلثين، انتخب تاجي في الدورة الثالثة بأغلبية بسيطة وحصل على 71 من أصوات النواب البالغ عددهم 120 في البرلمان.

اتهامات

وتاجي (47 عاما) ترأس الحكومة الكوسوفية من 2008 إلى 2014 وقاد كوسوفو إلى الاستقلال عن صربيا في فبراير 2008. وهو يحتل واجهة الساحة السياسية المحلية منذ عقدين تقريبا.

وكان تاجي قائد جيش تحرير كوسوفو الانفصالي الذي قاتل القوات الصربية خلال الحرب في 1998-1999، ثم انتقل إلى العمل السياسي.
لكن سمعته تضررت بعد نشر تقرير لمجلس أوروبا في 2010 يورد اسمه في قضية تهريب أعضاء بشرية لسجناء وخصوصا صرب خلال النزاع وبعده. لكنه نفى هذه الاتهامات بشدة.
وتشهد كوسوفو منذ أكتوبر 2015 أزمة سياسية على خلفية غضب عام بسبب سوء الوضع الاقتصادي والبطالة التي تطال نحو 40 % من السكان في بلد تعداد سكانه 1.8 مليون نسمة.
من جهة أخرى تتهم المعارضة السلطة بالفساد وتطلب منها التخلي عن اتفاق «تطبيع» العلاقات مع صربيا المبرم في 2013 برعاية الاتحاد الأوروبي.
ونص الاتفاق على إقامة «جمعية» للبلديات الصربية الأمر الذي تعتبره صربيا بالغ الأهمية للأقلية الصربية في كوسوفو، لكن المعارضة الكوسوفية ترى فيه مساسا بالسيادة.
وتعهد تاجي بمواصلة الحوار مع صربيا التي لا تزال تعارض استقلال كوسوفو. ووعد «بالعمل بمزيد من التصميم» في هذا الحوار الذي يعد «شرطا حتميا لمستقبل مستقر بسلام» في كوسوفو.
وتنتهــي ولايـــة الرئيسة الحاليــــة لكوسوفو عاطفة يحيى آغا فـــــي السابع من أبريل يوم تولي تاجي مهامه.