مشي فكة!

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٧/أبريل/٢٠١٨ ٠٣:٣٩ ص
مشي فكة!

علي بن راشد المطاعني
ali.matani@hotmail.com

البعض قد يستهين بالعملات الصغيرة (البيسات)‏ عند المحاسبين في محلات الهايبر ماركت التي تعمد للأسف أو ربما ســـهوا! في أخـــذ هذه العــملات الصــغيرة من المستهلكين، وفي المقابل فإنهــم يتركونها لهــم عن طيــب خاطــر ربما لـضـــآلة قيــمتها الشــرائيــة.

بعضهم يقول لك ليس هناك فكة والبعض الآخر يعطيك علك لبان أو شوكولاته، إلى آخر هذه الممارسات وحتى تغدو عملية استرجاع البيسات صعبة المنال فهم يعرضون أسعار سلع بأقل من القيمة بعشر ييسات مثلا سلعة بـ2.990 ريال، المشتري سيدفع 3 ريالات بالتأكيد، عندها تبقى الـ10 بيسات معلقة في الهواء، فهل نتوقع أن الزبون سينتظر طويلا من أجل الحصول على بيساته المعلقة، الاحتمال الأكبر هو إنه لن يسأل عنها وسيتركها لمصيرها المحتوم.
بهذه الطريقة الجهنمية تقوم المحلات بشيء أشبه بالخداع البصري للمستهلك، ارتكازا على حقيقة إنه لا يوجد شخص محترم يقف ليطالب بـ10 بيسات، وباعتبار أن الزبون هو أكبر من أن يفعل هذا الشيء المشين في حقه ككائن بشري محترم، وإذا لا قدر الله وغدا هذا الزبون لئيما وطالب ببيساته بصوت خفيض وكسيف، وحتى لا يسمعه من يقف بجواره وحتى لا يتم تصنيفه كبخيل أو كغير محترم، فإن الإجابة حاضرة وهي لا توجد (فكة)، هنا فإن المستهلك المسكين سينكس رأسه في الأرض تقديرا لهذا الظرف التجاري العادي.
قد يرى البعض وهو محق أن الحديث عن البيسات البسيطة والصغيرة لا أهمية له، ولكن عند تجميعها بمرور الوقت ستغدو مبالغ كبيرة ربما تعانق سقف ألوف أو ملايين الريالات، هو عائد أتى سهلا وخارجا عن أي جهد بذل فيه اللهم إلا جهد حجة (الفكة) الجهنمية، وخجل الزبون من المطالبة ببيساته حتى لا يصنف كبخيل أو كغير محترم كما أشرنا، وقد نصنف نحن أيضا كبخلاء إذا نحن جعلنا البيسات عنوانا لمقال كامل، ومع هذا وبعيدا عن الحياء والخجل وجدلية البخل الحداثي، فإن إعطاء الزبون حقه كاملا هي قضية لا جدال فيها بادي الرأي.
الملصقات التي توزعها محلات السوبر ماركت والإعلانات المكثفة عن تخفيضات مقدارها عشر بيسات كاملة في انطلاق موسم التنزيلات، وفي نهاية المطاف وعندما يقف الزبون أمام الكاونتر يصطدم بالحكاية إياها (الفكة).
بالطبع هناك تخفيضات لبعض الشركات الكبيرة كالسيارات والأثاثات وغيرها وترخص من قبل وزارة التجارة والصناعة، ولكن تخفيضات (الفكة) يجب أن تتوقف إحقاقا للحق واحتراما لعقل الزبون قبل الزبون، وحتى نبتعد عن الشبهات والمحرمات، ونحن في الأصل في غنى عن كل هذا طمعا وعشما في بركة الله عز وجل التي تساوي الدنيا بما فيها ومن فيها.
نأمل من المحلات التجارية أن تحترم الزبائن بتخفيضات (محترمة) لأناس محترمين، بدءا من أسعار الفواكه والخضروات إلى عبوات الأرز التي تعلنها في المنشورات، ثم عليها أن تعمل جديا لتوفير الفكة، فهناك أناس محترمون يستحون من المطالبة ببيساتهم!