التشخيص الطبي الخاطئ.. إلى متى!؟

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٧/أبريل/٢٠١٨ ٠٣:٣٨ ص
التشخيص الطبي الخاطئ.. إلى متى!؟

ناصر بن سلطان العموري

يعود إليكم عمود نبض قلم في طرح مناشدات المواطنين ذات الصبغة العامة، وهذه المرة مناشدة لمواطن عماني كتبها وهو خارج حدود البلد عن التشخيص الطبي الخاطئ، وكيف أنه عانى منه الأمرين وهو يراجع بابنته في المستشفيات الحكومية والخاصة بالسلطنة حتى يئس وقرر التوجه لخارج الديار طلباً للعلاج.. لن أطيل عليكم وأترك لكم المناشدة كما وصلت بكل أمانة ومصداقية:

«لا يخفى على الجميع اهتمام السلطنة بالقطاع الصحي، فالمراكز الصحية والمستشفيات المرجعية شاهدة على ذلك، كما أن المستشفيات الخاصة باتت تنافس مثيلاتها الحكومية، من خلال ازديادها الملحوظ في ربوع البلاد والتأمين الصحي بدوره بات من مغريات التوظيف في القطاع الخاص طمعاً في العلاج الأفضل وهذا الانتشار الكبير للمؤسسات الصحية بمختلف مستوياتها يعطي انطباعا عاما أن القطاع الصحي على خير ما يرام، ولا يوجد ما يعيق تطوره، وأن المواطن العماني يهنأ برعاية صحية ممتازة... ولكن!
ليس بالمؤسسات الصحية وتجهيزاتها فقط يأمن الإنسان على صحته إن لم تتوفر فيها كوادر طبية خبيرة قادرة على تشخيص العلل والأمراض بطريقة صحيحة قبل مباشرة العلاج فكم من المرات نقرأ عن إنجازات طبية وعن مؤتمرات يشارك بها المختصين وكم سمعنا عن تبرعات لتوفير تجهيزات طبية للمستشفيات وهذا بطبيعة الحال يسعدنا ويدخل في نفوسنا الطمأنينة أن أي عارض مرضي نجد علاجه في بلدنا، ولكن الحقيقة المرة لا يعلمها إلا من جرب المرض خاصة تلك الإمراض التي تحتاج لطبيب محنك لاكتشافها.
قبل ثلاثة أشهر أصيبت ابنتي بزكام وضعف في السمع وصداع فتوجهت بداية إلى احد المستشفيات الخاصة المعروفة مستغلاً بطاقة التأمين الصحي الخاصة بي كوني أعمل في إحدى شركات القطاع الخاص ولكن للأسف لم يؤثر الدواء على حالتها، فتوجهت إلى مستشفى آخر لا يقل شهرة عن الأول فقاموا بعمل فحوصات وأعطوها علاجا آخر، ولكن الدواء لم يغير من الحالة شيئا، فتوجهت إلى مستشفى مرجعي (حكومي) ذائع الصيت، فقالوا لها إن علاجها مناسب وعليها الاستمرار عليه، بعد أيام تضاعف الألم ورجعت إلى المستشفى الخاص الثاني وبدورهم عملوا تخطيط للدماغ وتم ترقيدها أربعة أيام لتخرج بعدها دون تحسن يذكر، رحلة علاج مضنية استمرت عدة أشهر نتردد فيها على المستشفيات الخاصة ليل نهار وإن زاد الألم ننقلها إلى المستشفى ليتم إعطاؤها مسكنات تمكنها من الراحة والنوم.
أكتب إليكم اليوم من الهند (كيرلا)، حيث قررت أن أعالجها بالخارج بعد أن يئست أن تحصل ابنتي على علاج بأي من المستشفيات التي تشرف عليها الدولة سواء كانت الحكومية أم الخاصة لاسيما الخاصة منها والتي تدعي وجود متخصصين لا توفرهم المستشفيات الحكومية من خلال الإعلانات البراقة التي تبثها عبر وسائل الإعلام بكافة قنواتها.
أخبرني الطبيب أن مسار العلاج لم يكن صحيحا لأن التشخيص ليس دقيقاً، وقد حدد لي أكثر من فرضية للمرض وطلب مجموعة من الفحوصات للتأكد من ماهية المرض وتحديد العلاج المناسب ونحن الآن في مرحلة العلاج والمريضة بدأت تتعافى ورجعت لها الحياة بجمالها بعد عدة أشهر من التعب والإرهاق والمرض وإن كانت رحلة العلاج سوف تستمر ثلاثة أشهر متواصلة، المشكلة إذن ومن البداية كانت التشخيص الخاطئ وعدم قدرة الطبيب على وضع فرضيات للمرض والعلاج، أما التجهيزات الطبية فلم أر شيئا جديدا يذكر يختلف عما هو موجود في مستشفيات السلطنة الحكومية والخاصة.
بطبيعة الحال هناك تكاليف عالية لا يستطيع كل مواطن تحملها، وكم من أناس قابلتهم في الهند للعلاج رغم ظروفهم المادية الصعبة ولكن الصحة لا تقدر بمال، وجدنا منهم من فشل أطباء مستشفياتنا في علاجه أو أنه لا يثق في قدرتهم على إجراء عملية ما أو أن مقابلة الطبيب حددت لتكون بعد أشهر طويلة لا يضمن أن يكون للعمر ذا بقية وهو يصارع الألم والمرض.
إنني أناشد من يهمه الأمر من خلال عمود نبض قلم أن يتم الاستثمار في استقطاب خبراء في الطب، خبير وأكثر في كل قسم من الأمراض المعروفة أو تأهيل الأطباء العمانيين لدينا كأحسن ما يكون، ليكونوا مرجعا للأطباء بالسلطنة، ويكون هناك قنوات تواصل فعالة ومباشرة بين الخبير وكل الأطباء العاملين بذلك التخصص حتى يساعدونهم في تشخيص الأمراض، كما أناشد أن يكون هناك مراكز للبحث متصلة بالمستشفيات تعمل على دراسة الأمراض المختلفة وعلاجها ومرتبطة بالمراكز البحثية حول العالم، ولماذا لا يكون لدينا عدة مراكز منتشرة في المدن العمانية لاسيما الرئيسية منها ذات الكثافة السكانية العالية على غرار المركز الموجود في المستشفى السلطاني.
باختصار مشكلة المستشفيات الحكومية والخاصة في بلدنا هي عدم وجود الطبيب القادر على تشخيص الأمراض بدقة طبيب يمكنه قراءة التقارير الطبية والأشعات ومعرفة ما وراءها وما سوف تخلفه ورائها، وما لم يتحقق ذلك فإن وجود المباني الطبية والتجهيزات وأجهزة الفحص المكلفة لا تغني شيئا وتبقى معاناة المواطن مستمرة ورحلات العلاج للخارج مبررة إلى أن يحدث الله أمرا.
مناشدة مواطن أعتقد أنها شرحت حالها بل وأوفت شرح موضوعها بكل إسهاب، أتمنى جل التمني أن تجد هذه المناشدة الآذان الصاغية لدى وزارة الصحة، هي مناشدة من مواطن لموضوع عام قد يعاني أو عانى منه العديد والعديد من المرضى والمطلوب وضع اليد على الجرح وإيجاد الحل الناجع والجذري من قبل الجهة المعنية.