بين الشركة والأمومة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٦/أبريل/٢٠١٨ ٠٣:٥٨ ص

مصطفى عادل

أحيانا لا تنال الأمهات العاملات الإشادة التي تستحقها. نلتقي هنا مع ثلاث رائدات أعمال يُردن إلهام الأمهات الأخريات إلى أن تحقيق التوازن بين كلا الأمرين ممكن حقًا.

ليس من السهل أن تكوني امرأة عاملة، فوفقا لعددٍ من الدراسات الحديثة تتراوح نسبة الفارق في الأجور بين الجنسين من 20% إلى 30% في جميع أنحاء العالم؛ ما يعني أن الرجال يحصلون على أجورٍ أعلى لأداء الوظيفة ذاتها. لذا لا عجب أن تقاوم النساء مرة أخرى، لا لشن حملات من أجل التغيير فقط، بل لوضع قواعدهن وشروطهن الخاصة في الأجور.
والآن نشهد عددًا متزايدًا من النساء الطموحات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يبدأن شركاتهن الناشئة الخاصة ويساهمن في تطوير ونمو بلدانهن. في الواقع، تحقق رائدات الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إيرادات مساوية لما تحققه نظيراتهن في أوروبا وأفضل حتى مما تحققه نظيراتهن في الولايات المتحدة.
وفي السطور التالية نلتقي مع ثلاث رائدات أعمال مبتكرات في مجال التجارة الإلكترونية بالمنطقة بينما يقمن بدورهن الكامل كأمهات أيضًا.

المهندس الصغير

كانت رنا الشميطلي، أستاذة الهندسة الميكانيكية بالجامعة الأمريكية في بيروت، تملك حلماً في توجيه الشباب نحو مستقبل أفضل و»تحويل اهتمامهم من الأمور التافهة في الحياة إلى علم الروبوتات والعلوم والتقنية والهندسة والرياضيات».

ولرغبتها في تقديم هذه الموضوعات بطريقة جديدة وجذابة وممتعة للشباب من جميع الفئات السنية؛ أسست رنا شركة المهندس الصغير لتقدم موضوعات علمية للطلاب من خلال برامج وأنشطة تفاعلية مصممة خصيصًا. وبعد وقتٍ قصيرٍ، بدأت برامجها تُستخدم خارج لبنان. ورغم جدول أعمالها المزدحم، كشفت رنا أن مفتاح نجاحها هو قدرتها على ترتيب أولوياتها، إذ أوضحت قائلةً: «نحن كرائدات أعمال بارعات في إدارة الوقت، خاصةً إذا كنّا أمهات؛ نحن نقدر كل ثانيةٍ من الوقت ونعلم كيف نرتب أولوياتنا من المهمات والأهداف».

المفكرون الصغار

تأسست هذه الشركة الحاصلة على عددٍ من الجوائز بواسطة رائدتي أعمال في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي شركة متخصصة في تعليم التقنيات التربوية للأطفال ومشاركة المنتجات والموارد بهدف تحسين التعلم في جميع أنحاء المنطقة.

هناك دليل أن كونكِ أمًا يمكن أن يساعد في تأسيس شركة ناشئة، وبدأ الأمر كله حينما اكتشفت راما كيالي ولمياء الطباع نقصا في الأدوات التربوية العربية من أجل أطفالهن.
وتوضح راما قائلةً: «من خلال خلفيتنا في صناعة المحتوى والإعلام شعرنا أننا في وضعٍ فريدٍ لإنشاء محتوى مخصص للأمهات والمعلمات مثلنا. بدأنا في إنشاء محتوى مرئي وتطبيقات تناولت أساسيات مرحلة ما قبل المدرسة ثم انتقلنا إلى الحلول العربية على الإنترنت للمدارس التي تستهدف طلاب السنة الابتدائية الأولى».
وبينما أصبح أطفال الاثنتين أكبر سنًا الآن، تابعت راما كلامها لتكشف أن تحديات الأمومة والعمل ما زالت باقية إلى حدٍ كبيرٍ.
وقالت راما: «رغم أن أطفالنا أصبحوا أكبر سنا وأقل ارتباطا بنا مما كانوا عليه حينما كانوا أصغر سنًا، تنمو أعمالنا وكذلك مسؤولياتنا ويزداد الوقت الذي نقضيه بعيدًا عن منازلنا».
وأضافت قائلةً: «لكننا نعلم أنهم (أي أطفالهم) يتعلمون قيمًا مهمةً مثل أهمية أن تكون شغوفًا بالعمل الذي تؤديه وأن تبذل ما في وسعك، وأن تتأكد أن العمل الذي تؤديه يصنع فارقًا. أعلم أنهم فخورون بنا للغاية ويتخذوننا قدوةً لهم».

براح

بنهاية العام 2014، كانت أماني شنودة قد أنهــت فترة عملها مع إحـــدى المنظمـــات غير الحكومـــية لتوها وكانت تعاني في حياتها المهنية.

وأوضحت أماني قائلةً: «بدأت البحث بداخلي عما يجعلني على قيد الحياة. وبعض قضاء وقت مثالي بمفردي، أدركت أن شغفي كله موجه نحو الفن ومساندة الآخرين».
ومن رحم ذلك البحث عن الذات وُلدت «براح»، وهي «مكان حيث يمكننا التعبير عن أنفسنا المتفردة والأصيلة دون أي تقييم أو أحكام أو حتى تفسير» على حد قول أماني.
وتهدف هذه المبادرة إلى مساعدة الناس في الوصول إلى قوتهم الخلاقة وعمقهم الروحي من خلال تقديم مجموعة من ورش العمل في الفن واكتشاف الذات. وخلال ورش العمل، يرسم المشاركون من تلقاء أنفسهم ودون أي أحكام وتقييمات. ومؤخرا أصبحت بعض ورش العمل تجمع بين الرسم والفنون الأخرى مثل الدراما الإبداعية.
وعن كونها أماً لفتاة أكبر سناً، قالت أماني إن الدعم الذي تحصل عليه منها لا يُقدر بثمنٍ.