حياة النساء

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٦/أبريل/٢٠١٨ ٠٣:٥٨ ص

كاثرين سيمراو وأتول قواندي

إن قصــــة نجمة كــرة التنــس «سيرينا ويليـــامز» المــروعة عن المضاعفات الصحية التي هددت حياتها بعد ولادتها لطفلتها تذكّرنا بأن الولادة قد تكون مميتة لأي امرأة أو طفل حديث الولادة حيث عانت ويليامز من انسداد رئوي - وهي جلطة دموية في رئتها وبعد أن دعت لمساعدتها، تلقـــت الرعاية المنقـــذة للحياة التي تحتاجها ولكن هناك ملايين النســاء حول العالم لا يحصلن على مثل هذه الرعاية.

يموت في كل عام أكثر من 5.6 مليون امرأة وطفل حديث الولادة إما أثناء الحمل أو الولادة أو في الشهر الأول من العمر. إن الرعاية منخفضــة الجـــودة خلال الـ48 ساعة من الولادة على وجه الخصوص تعتبر واحدة من أهم العوامل التي تساهم في المعاناة والوفاة المتعلقة بالولادة حيث أن هذه الوفيات تحطم العائلات والمجتمعات ومما يضاعف المأساة انه يمكن تجنبها بالكامل تقريبًا حيث يمكن منع 99% من وفيات الأمهات و 80% من وفيات حديثي الولادة لو تمكنوا من الحصول على الرعاية المناسبة.

نحن نعلم ما الذي يقتل النساء و الرضع خلال وقت الولادة علما أن أكثر حالات وفاة النساء تكون بسبب النزيف والإنتان/‏‏تعفن الدم والولادة المتعسرة و الارجاج/‏‏الشنج النفاسي أما بالنسبة لحديثي الولادة، فإن المخاطر الرئيسية هي الاختناق (أي صعوبة في التنفس) والخداج والعدوى. إن كيفية تقييم وعلاج ومنع أسباب تلك الوفيات معروفة منذ عقود ففي كثير من الحالات، من شأن الخطوات البسيطة مثل غسل اليدين أو تدفئة الطفل بحضنه أو علاج ارتفاع ضغط الدم أن تصنع الفارق.
وعلى الصعيد العالمي، فقد انتقلت الولادة من المنزل إلى المرافق الصحية حيث يمكن أن يقدم أطباء مؤهلون رعاية أكثر أمانًا وهذا يعني رعاية أفضل ونتائج أفضل ولكن في العديد من الأماكن، لم يؤد تشجيع النساء على الولادة في المرافق الصحية وليس في المنزل إلى انخفاض معدل الوفيات حيث أنه في العديد من الأماكن، لا تستطيع المرافق الصحية توفير الرعاية الأساسية - مثل مراقبة ضغط دم المرأة وهي في حالة المخاض - وتواجه النساء نقصًا في الخصوصية أو ظروفا غير صحية أو حتى الإساءة من قبل الموظفين.
لقد أصبح من الواضح أن التقدم الذي تم إحرازه في خفض معدل وفيات واعتلال الأمهات و المواليد الجدد، يتطلب تحســـين وتعزيز القدرات ونوعية الرعاية في مرافق الرعاية الأولية التي توفر خدمات القبالة والتوليد ولكن كيف؟
لقد أجرينا خلال الثلاث السنوات الفائتة واحدة من أكبر التجارب حول صحة الأمهات و حديثي الولادة في العالم في ولاية أوتار براديش الهندية لمعرفة ما إذا كنا نستطيع تقليل الوفيات من خلال تحسين جودة الرعاية في مرافق الخطوط الأمامية الصحية والتي تلد فيها معظم النساء المحليات حيث يبلغ معدل الولادات 3-4 ولادات باليوم في كل منها وتقوم بها في معظم الحالات الممرضات. لقد وجدنا انه في كل مرفق من تلك المرافق فإن غسل اليدين بشكل مناسب قد اكتمل في أقل من 1% من الولادات وأن 25% فقط من النساء يحصلن على الدواء المناسب لمنع النزيف التالي للوضع وبشكل عام فإن 11 من 18 من ممارسات الولادة الأساسية كانت مفقودة.
ولتحسين الأداء والنتائج، لم نعاقب أو نطرد الموظفين وعادة ما تنبع المشاكل من غياب التنظيم والتنسيق للتأكد من أن الموظفين لديهم الإمدادات والتدريب والإشراف التي يحتاجون إليها. لا توجد طريقه ثبت أنها أحدثت فارقا كبيرا ولكن كان لدينا نظرية بإن تدريب الفرق لتنفيذ الممارسات الرئيسية من شأنه أن يساعد وقد قمنا بتدريب مجموعة من الممرضات والأطباء لتدريب القابلات والمديرات على تقديم الأساسيات الحيوية الموجودة في القائمة المرجعية لولادة آمنة لمنظمة الصحة العالمية وهي الإمدادات المناسبة والخطوات اللازمة لمنع العدوى والتعرف على ومعالجة ارتفاع ضغط الدم لمنع الارجاج/‏‏الشنج النفاسي واستخدام الدواء المناسب لمنع النزيف.
وكانت النتيجة تشير إلى تقدم كبير ولكن لم يكن ذلك كافيًا حيث تأكدنا بالفعل أن هناك تحسناً ملحوظاً في الرعاية الصحية فالقابلات اللاتي كن يقمن فقط بسبع خطوات من الثماني عشرة خطوة المنقذة للحياة أثناء الولادة، أصبحوا الآن يقومون بتنفيذ ثلاث عشرة خطوة وقد أظهرنا أنه من الممكن تحسين نوعية الرعاية بشكل كبير في البيئات منخفضة الموارد ومع ذلك، أظهرت الأدلة أننا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لتحقيق خفض كبير في معدلات الوفيات.
وقد يكون هذا الجهد صعباً ومثبطاً حيث يجب أن تكون الأنظمة الصحية الفعالة قادرة على إصلاح جميع العيوب المتعلقة بالرعاية بما في ذلك تلك المتعلقة بالإمدادات والمعدات والمهارات والقدرات الأساسية والاتصالات والصلات بالمرافق الصحية رفيعة المستوى للأمهات والأطفال الرضع ويجب أن تكون العلاقات بين مسؤولي الرعاية الصحية وبين أولئك المتواجدين في الخطوط الأمامية للرعاية الصحية وبين هؤلاء والعائلات التي يخدموها محترمة وداعمة حيث لا توجد طرق مختصرة لعمل ذلك وهذا الأمر ينطبق على كل مكان في العالم سواء في فلوريدا حيث وضعت ويليامز ابنتها أو في ولاية أوتار براديش التي عملنا فيها برنامج «الولادة الأفضل».
كيف نصل إلى هذا المستوى؟ نعتقد أن الإجابة لن تكون مختلفة في الأساس عن ما حاولنا توضيحه حيث أننا نحتاج إلى وضع آليات لتحديد أوجه النقص في كل مرفق وتدريب القادة والموظفين على التعامل معها ولكن كما لاحظنا بينما نجحت قائمة التحقق الأساسية في إحراز تقدم وكانت أداة لتنظيم وتذكير الأشخاص بالخطوات الرئيسية، كان هناك حاجة إلى المزيد لتسريع التغيير بما في ذلك الموارد المالية والإرادة السياسية وتفاني القادة ومقدمي الخدمات والمجتمع للمطالبة بإحراز تقدم.
نحن أقرب من أي وقت مضى للتغلب على أوجه النقص التي تتسبب في معظم وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة فنحن نعلم أن المضاعفات تنشأ أثناء الولادة للنساء في كل مكان والخبر السار هو أننا نعرف ما هو مطلوب لجعل الولادة أكثر أمانًا ومن أجل تحسين صحة و رفاهية الأمهات وحديثي الولادة، يجب أن نترجم هذه المعرفة إلى واقع في كل منشأة في جميع أنحاء العالم.

كاثرين سيمراو: مديرة برنامج أريادن لابز بيتر بيرث

وهي أستاذة مساعدة في الطب
أتول قواندي: المدير التنفيذي لمختبرات أريندي وهو بروفيسور في كلية هارفرد تشان للصحة العامة، وجراح في مستشفى بريجهام