هجمات بعد الخط الأحمر

الحدث الاثنين ١٦/أبريل/٢٠١٨ ٠٣:٥٤ ص
هجمات بعد الخط الأحمر

دمشق-موسكو-واشنطن-لندن-وكالات:

ما زالت أصداء الضربة الصاروخية التي وجهتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على العاصمة السورية دمشق والتي استهدفت مواقع لها صلة بالسلاح الكيماوي حسب الدول الثلاث مستمرة وأثارت جدلاً عالمياً بين القوى الكبرى فيما جددت الحكومة السورية نفيها لاستخدام أي أسلحة كيماوية ووصف الرئيـــس السوري بشــار الأســـد لدى لقائه بمشرعين روس أمس الأحد في دمشق -وصف- الضربات الغربية بأنها عمل عدواني.

والتقى المشرعون الروس بالأسد بعد أن شنت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ضربات صاروخية على سوريا رداً على هجــوم قبل أســـبوع يشــتبه بأنه كان بالغاز السام.
ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن المشرعين الروس قولهم إن الأسد كان في «حالة مزاجية جيدة» وأشاد بالدفاعات الجوية سوفيتية الصنع التي ساعدت في صد الضربات الغربية.
وأضافت الوكالات أن مسألة تزويد سوريا بأنظمة دفاع جوي روسية لم تناقش خلال اللقاء لكن الأسد قبل دعوة لزيارة منطقة خانتي مانسييسك في سيبريا بروسيا. ولم يتضح موعد الزيارة.
وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إن بريطانيا ستبحث «الخيارات» مع حلفائها إذا استخدم الرئيس السوري بشار الأسد أسلحة كيماوية مرة أخرى ضد شعبه بحسب تعبيره، مضيفا أنه ليس هناك شيء مخطط حتى الآن.
ودعم جونسون قرار رئيسة الوزراء تيريزا ماي بالانضمام للولايات المتحدة وفرنسا في ضرب منشآت للأسلحة الكيماوية في سوريا أمس الأول السبت قائلا إنه كان تصرفا صائبا لمنع استخدام الأسلحة الكيماوية مجددا.
ويبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طمس بالضربات الصاروخية الأمريكية الأخيرة الخط الأحمر الذي رسمته الولايات المتحدة ليكون تجاوزه معيارا للتدخل العسكري في سوريا عند استخدام الأسلحة الكيماوية.
وأصبح الغموض يكتنف الآن موضع الخط الأحمر.
فقد قالت الولايات المتحدة إن ضرباتها جاءت رداً على هجوم كيماوي شنته القوات السورية في السابع من أبريل ويقول مسؤولون بالإدارة إنها استخدمت فيه غاز الكلور وربما غاز السارين وهو من غازات الأعصاب الأشد فتكاً.
وقالت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي لمجلس الأمن «تشير مجموعة كبيرة من المعلومات إلى أن النظام السوري استخدم أسلحة كيماوية».
وبدا في السابق أن غاز السارين هو الخط الأحمر للتدخل. وكان هجوم بغاز السارين هو الذي دفع ترامب في العام الفائت لتوجيه ضربة لقاعدة جوية سورية. كما كاد هجوم بغاز السارين في العام 2013 أن يدفع الرئيس الأسبق باراك أوباما لتوجيه ضربة لسوريا.
ويقول خبراء: إن غاز الكلور استخدم على نطاق أوسع في الحرب السورية دون رد أمريكي في السابق وإن إعداد هذه المادة وتجهيزها للاستخدام العسكري أسهل بكثير. وهـــذا يجعل القضاء عليها من خلال الضربات العسكرية مهمة أصــعب كثيرا.
وقال داريل كيمبال من رابطة الحد من التسلح في واشنطن: «كل مدينة في الشرق الأوسط بها شبكة لتنقية المياه لديها على الأرجح بعض الكلور. فهو مادة كيماوية صناعية شائعة». ويقول كيمبال: إنه يفضل تحركا عاما لمنع استخدام الأسلحة الكيماوية بما فيها الكلور.
أما يوم السبت فلم يكن واضحاً ما إذا كان هجوم آخر بالكلور يكفي لإطلاق المزيد من الضربات الأمريكية أو ما إذا كان من الضروري أن يصل عدد القتلى إلى مستوى مرتفع بعينه، كما حدث في هجوم السابع من أبريل أو ما إذا كان من الضروري أخذ احتمالات استخدام غاز السارين في الاعتبار.
أو ربما كان الأمر يتطلب حدوث سلسلة من الانتهاكات مثلما حدث في السابع من أبريل قبل حدوث أي تدخل أمريكي.
وقد وجهت إدارة ترامب تهديدات مبطنة يوم السبت بالتدخل العسكري مستقبلاً وأطلقت تصريحات متباينة عن الدرجة التي اعتقدت بها أن الحكومة السورية استخدمت غاز السارين. وتنفي سوريا استخدام الأسلحة الكيماوية.
وقال وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس إنه متأكد فقط من الاستخبارات التي أشارت إلى استخدام غاز الكلور من جانب القوات السورية في السابع من أبريل. ولم يستبعد استخدام غاز السارين.
كما قال نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس إن ترامب أمر بشن الضربات بناء على استخبارات أمريكية تفيد باستخدام «سلاح الكلور الكيماوي على الأقل» مشيراً إلى أن المحققين قد يثبتون استخدام غاز السارين أيضا.
وقال مسؤول آخر في إدارة ترامب في إفادة للصحفيين إن الولايات المتحدة تقدر أن غاز السارين استخدم أيضا في هجوم السابع من أبريل لكنه أشار إلى أن المعلومات الأمريكية عن السارين مصدرها تحليل لتقارير من وسائل إعلام ومصادر أخرى متاحة للجمهور وليس من استخبارات أمريكية.
ولم يتضح ما إذا كان ترامب اعتقد أن غاز السارين استخدم عندما قال على تويتر يـوم الأربعــاء إن الصـــواريخ الأمريكية «قادمة».
وقبل الضربات الأخيرة أشارت السفيرة هيلي في مجلس الأمن يوم الجمعة إلى أن أي تصرف من جانب واشنطن لن يكون فقط ردا على الهجوم الذي وقع في دوما.
وقالت: «الولايات المتحدة تقدر أن الأسد استخدم الأسلحة الكيماوية في الحرب السورية 50 مرة على الأقل. وتصل تقديرات أهلية إلى 200 مرة».
ويوم السبت ألمحت إلى أن الولايات المتحدة ستضرب من جديد إذا استخدمت سوريا الغاز السام لكنها امتنعت عن تحديد المادة الكيماوية التي تشير إليها.
وقالت هيلي يوم السبت: «إذا استخدم النظام السوري هذا الغاز السام مرة أخرى فالولايات المتحدة جاهزة للضرب. عندما يرسم رئيسنا خطاً أحمر فرئيسنا يطبق ما يعنيه الخط الأحمر».